اليوم الوطني لـ 'قطر تسمو بروح الأوفياء'

خليجي

4943 مشاهدات 0


تحتفل دولة قطر يوم غد الأحد الموافق للثامن عشر من شهر ديسمبر الجاري باليوم الوطني الذي يحتفل به هذا العام تحت شعار 'تسمو بروح الأوفياء'.
وإذ تحتفل البلاد بهذه الذكرى المجيدة، إنما تستذكر فيها إنجازات مؤسسها الأول الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني يرحمه الله الذي كرس فكره وجهده ووقته وحنكته لوضع أسس بناء دولة حديثة، في وقت كانت تشهد فيه المنطقة نزاعات واضطرابات وحالة من عدم الاستقرار، بسبب التنافس والبحث عن مواطئ قدم ونفوذ بين القوى الاستعمارية في ذلك الوقت. وتخلد احتفالات اليوم الوطني ذكرى ذاك اليوم التاريخي من سنة 1878م الذي خلف فيه الشيخ جاسم (مؤسس الدولة) والده الشيخ محمد آل ثاني في قيادة البلاد إلى التأسيس والوحدة.
كما تؤكد هذه المناسبة الوطنية على الاعتزاز بالتاريخ الحافل للدولة وتعزيز معاني الوفاء والولاء والتكاتف والاعتزاز بالهوية الوطنية بين أبناء الشعب القطري، وإبراز التراث والثقافة التي تميز هذا الوطن المعطاء.
ومن شأن الاحتفال باليوم الوطني، إحياء ذكرى المؤسس وتعميق الفهم بين الشباب والأجيال الناشئة بالقيم والمبادئ التي بني عليها الوطن وتقدير التضحيات التي قدمها المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني ورجال قطر الأوفياء من أجل وضع اللبنة الأولى لتأسيس ووحدة قطر.
إنه يوم لترسيخ المعاني السامية للوفاء والمحبة والعرفان التى سطرها أهل قطر عندما تعاضدوا والتفوا حول قائدهم المؤسس الأول، فأخلصوا له الولاء والطاعة، قائدا وإماما، بعد أن وجدوا فيه زعيما متحليا منذ شبابه بالتقوى والشجاعة وروح الفداء وحكمة القيادة والحرص على توحيد البلاد ورعاية مصالح أهلها فى تلك الحقبة الزمنية المضطربة التى مرت بها المنطقة، حيث الحروب القبلية وعمليات القرصنة والنهب والاستهداف الاستعمارى الخارجي.
وتحتفل دولة قطر بيومها الوطني في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام بعد صدور القانون رقم 11 لسنة 2007 باعتبار يوم تولي الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني باني نهضة قطر الحديثة، يوما وطنيا للدولة تعطل فيه المؤسسات والدوائر الحكومية تخليدا لهذه الذكرى الغالية.

ويعد الشيخ جاسم بن محمد آل ثانى هو المؤسس الحقيقي لدولة قطر وأول حاكم أصبحت قطر في ظل زعامته كيانا عضويا واحدا متماسكا وبلدا موحدا مستقلا. وكان، رحمه الله، من أصحاب الخبرة والدراية السياسية الكبيرة مما أهله تولي حكم البلاد ، فضلا عن رجاحة عقله وحنكته السياسية التي زادت من شعبيته، فتمكن من توحيد القبائل القطرية تحت لوائه وجمع شتاتها، فاجتمعت قلوبها على محبته.
وتميز الشيخ جاسم بشخصية قوية حازمة، وبعزم وتصميم لا مثيل لهما ، فكان متحليا بكافة صفات الرجولة ومكارم الأخلاق والورع والقوة والكرم التي تربى عليها، وعرف عنه منذ صغره حبه الشديد للفروسية والقنص وتحمل المسؤولية وأصبح في سن مبكر من شبابه ينوب عن والده الشيخ محمد آل ثاني في تدبير أمور البلاد وإدارتها.
وسعى مؤسس قطر الشيخ جاسم بن محمد ال ثاني إبان فترة حكمه إلى إحداث تغيير وإصلاح في إدارة البلاد، فأسس نظاما ماليا عرف ببيت المال تعتمد موارده بشكل أساسي على تجارة اللؤلؤ التي كانت رائجة في ذلك الوقت وذلك للصرف على المرافق، كما أسس، المغفور له باذن الله، نظاما يقوم على إشاعة العدل والإنصاف، فأحبه شعبه والتف من حوله.
وعرف عن الشيخ جاسم شغفه بالعلم والعلماء، وكان يحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية ويؤم الناس في صلواتهم ويخطب فيهم أيام الجمعة وفى الأعياد، وكان من فصحاء قطر وأوضحهم بيانا، وحفظ الكثير من الشعر العربي والنبطي وسير السلف الصالح ، فأصبح عالما وفقيها تصدر عنه الفتاوى والتوجيهات الشرعية وقاضيا يحكم بين الخصوم.
وأرسى الشيخ جاسم بن محمد ال ثاني أسس التعليم في البلاد من خلال التوسع في الكتاتيب لتشمل معظم مناطق قطر، وأصبحت تقدم قواعد اللغة العربية والرياضيات، إلى جانب مهمتها الأولى في تعليم القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي. ولأن الوفاء من شيم الأوفياء، فلا يعرفه إلا من اتسموا به، جاء من هنا اختيار القيادة الرشيدة لذكرى تولى المغفور له الشيخ جاسم بن محمد آل ثانى فى عام 1878 مقاليد الحكم كاملة فى البلاد، يوما وطنيا لتمجيد إنجازاته التى كانت البذرة الأولى لاستنهاض دولة حديثة وعصرية يتفيأ ظلالها وخيراتها الجميع.

ويأتي الاحتفال باليوم الوطني ليس لمجرد الالتفات إلى الوراء فقط، بل لاستلهام الماضي واستخلاص العبر للسير قدما نحو إكمال مسيرة بناء الدولة العصرية التي باتت، بفضل الله عز وجل أولا ثم بفضل قائد التطور حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، دولة لها شأن بين الأمم تفخر بإنجازاتها في شتى المجالات وتعتز بأبناء الوطن الذين التفوا حول قائدهم ليبنوا نهضة الوطن.
ولذلك فإن اليوم الوطني يمثل ربطا للماضى بالحاضر والمستقبل، وإبرازا للقيم التاريخية والحضارية لقطر العزة، واستحضارا للتضحيات التي قدمها المؤسس الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله وبناة الوطن من بعده. ويمثل الاحتفال باليوم الوطني فرصة للتأمل في المعاني التي يحملها هذا اليوم للاقتداء بأوفياء هذا الوطن الغالي والسير على نهجهم، وهو يشكل وقفة وطنية تستلهم فيها المعاني السامية لمفهوم الوطن برؤية منفتحة على آفاق المستقبل الرحب، وفكرا يأخذ الواقع بعين الاعتبار، حيث تمضي دولة قطر على طريق التطور والنماء آخذة بأسباب التقدم وفق متطلبات العصر، تلبية لحاجات شعب البلاد للبناء والنهضة في شتى مناحي الحياة.
ويكرس الاحتفال باليوم الوطني عمقا تاريخيا لمسيرة الخير التي تعيشها قطر تحت قيادة سمو الأمير المفدى، ويؤصل الشرعية السياسية لحق المواطنة التي تدين بالفضل لمؤسسها الذي ناضل من أجل استقلالها ودافع عنه، وتولى المهمة من جاؤا بعده حتى عهد حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي توج هذه الشرعية بدستور دائم يعطي للمواطنة حقها ويجسدها قانونا ويدافع عنها ويحمي الوطن.
وفى غمرة سردنا لإنجازات الشيخ جاسم بن محمد آل ثانى والحقبة التاريخية التى تولى فيها مقاليد الحكم، لابد من الحديث بكل فخر وإعزاز عن المنجزات الباهرة وخطوات التحديث والإصلاح الكبيرة التى حققتها دولة قطر منذ تولى حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى أمير البلاد المفدى مقاليد الحكم فى يونيو عام 1995م، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة من تاريخ قطر الحديث والمعاصر.
فقد حققت دولة قطر فى ظل قيادة سموه الحكيمة إنجازات مشرقة فى مسيرة التنمية والبناء الشامل فى كافة مناحى الحياة ، فى إطار منظومة التحديث التى يقودها سموه برؤية تستشرف آفاق مستقبل واعد وعهد جديد من الرخاء والرفاهية للوطن والمواطن. وشهدت قطر فى عهد سموه تحولات دستورية وسياسية كبيرة ومهمة، منها صدور الدستور الدائم للدولة فى الثامن من يونيو 2004 بعد إقراره فى استفتاء شعبى حظى بموافقة 6ر96%.

وبرزت التوجهات الإصلاحية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى نحو بسط قيم الشورى والديمقراطية بإجراء أول انتخابات بلدية فى الدولة عام 1999 شاركت فيها المرأة ناخبة ومرشحة. وتأكيدا لتوجه القيادة الرشيدة نحو بسط قيم الشورى وتوسيع المشاركة الشعبية فى اتخاذ القرار والإسهام الوطنى الفاعل فى بناء الدولة الحديثة، أعلن حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني فى دور الانعقاد العادى الأربعين لمجلس الشورى فى الأول من شهر نوفمبر الماضى أن انتخابات مجلس الشورى ستجري في النصف الثاني من عام 2013.
كما أن الجهود القطرية الخاصة بحماية الإنسان ومكافحة الاتجار بالبشر لاقت ترحيبا عالميا واسعا، سيما وأن الجهات المعنية بهذه القضايا الحيوية ، ومنها اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، تعمل دوما على نشر وتعزيز ثقافة الحقوق والحريات وصيانتها، مما مكن اللجنة من الحصول على شهادة الاعتماد بدرجة (A) من خلال منحها الاستقلالية والمصداقية.
وبفضل السياسة الرشيدة في الدولة، حازت قطر على المركز الأول عربيا و22 عالميا في مؤشر 'مدركات الفساد' الصادر عن منظمة الشفافية العالمية المختصة بمكافحة الفساد لعام 2011 والذي تغطي نتائجه 183 دولة. كما توجت قطر هذا التوجه بافتتاحها الشهر الجاري مركز حكم القانون ومكافحة الفساد في الدوحة بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة، لاسيما برنامج الأمم المتحدة الانمائي.
وتتميز دولة قطر بأنها من أكثر دول العالم أمنا وسلما ، حيث وصف مؤشر السلام العالمي قطر بأنها 'أحد أكثر الأماكن أمنا وسلماً' من بين (18) دولة تشكل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واعتبر أن المؤشرات التي حازت عليها قطر في جانب الأمن والسلامة تتوافق مع المعايير والدرجات التي اعتمد عليها المؤشر. ومنح المؤشر دولة قطر أفضل الدرجات في كل ما يتعلق بالشؤون الداخلية، حيث وصف حالة الأمن والاستقرار التي تنعم بها الدولة نموذجا يحتذى به لبقية الدول.
وجاء تصنيف دولة قطر متقدما في مؤشر السلام العالمي السنوي لعام 2011 م، والذي أصدره معهد الاقتصاد والسلام (IEP) بالعاصمة الاسترالية سيدني. فقد احتلت المرتبة الأولى على المستوى العربي، والمرتبة الـ (12) على المستوى العالمي من بين (153) دولة شملها تقرير صادر عن معهد الاقتصاد والسلام، متقدمة بذلك على المستوى الذي حققته في الأعوام السابقة، حيث حصلت في درجة التقييم على 1.398. كما تقدمت قطر في ترتيبها للعام 2011 على الصعيد العالمي على دول مثل السويد (13 عالميا)، وبلغاريا (14 عالميا)، وسنغافورة (24 عالميا)، وبريطانيا (26 عالميا)، وفرنسا (36 عالميا)، وإيطاليا (45 عالميا)، والولايات المتحدة (82 عالميا).

وخارجيا انتهجت دولة قطر فى عهد حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير البلاد المفدى سياسة ترتكز على الوضوح والصراحة فى تعاملها مع قضايا الوطن والأمة والالتزام بمبادئ التعايش السلمى والتعاون الدولى والاحترام المتبادل والانفتاح على الحضارات، مع الحرص على دعم مسيرة مجلس التعاون الخليجى كأولوية فى السياسة الخارجية القطرية، وتحقيق التضامن العربى وتعزيز قنوات الاتصال والثقة مع الدول العربية والإسلامية.
وهذا التوجه أكد عليه حضرة صاحب السمو فى خطابه الذى افتتح به دور الانعقاد العادى الأربعين لمجلس الشورى فى الأول من شهر نوفمبر الماضي، حين قال سموه 'إن سياسة قطر الخارجية هي من عناصر قوتها السياسية والاقتصادية.. وهي ليست بمعزل عن رؤيتنا لمستقبلنا كشعب ودولة.. وتقوم المبادئ الرئيسية لسياستنا الخارجية على مبادئ التعايش السلمي والاحترام المتبادل وتعزيز المصالح المشتركة.. نحن ننطلق من واقع انتمائنا الخليجي والعربي للمشاركة الفاعلة مع المجتمع الدولي في حفظ الأمن والسلم وتحقيق التنمية في كافة مجالاتها، مع التمسك بقيم العدالة، والإيمان بضرورة احترام حقوق الإنسان، والالتزام بأهمية تسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية، وفقاً للقانون الدولي'.
ومضى سموه إلى القول 'نحن نعمل على دعم مسيرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ويأتي تعزيز العلاقات بين دول مجلس التعاون وتعميق أواصر الأخوة والتكامل بينها، في مقدمة أولويات سياستنا الخارجية.. لكننا نرى مع المواطن الخليجي أن مجلس التعاون لم يرتق بعد إلى المستوى المطلوب منه في تحقيق التكامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المرغوب والممكن بين دوله.. وعلى مستوى منطقة الخليج عموما لا بد من التعاون في تحقيق الأمن والاستقرار وإيجاد الحلول للقضايا والتحديات التي تواجه هذه المنطقة بالطرق السلمية، من خلال الحوار والوساطة والاحتكام إلى القضاء الدولي'.
وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية ، اتخذت قطر دائما موقفا مبدئيا، فهي تعتبر حلها حلا عادلا وشاملا، وهو وحده الكفيل بضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وبالتالي الأمن والسلم الدوليين. ولقد أكدت دولة قطر دائما على دعمها للشعب العربي الفلسطيني الشقيق في نضاله المشروع للحصول على حقوقه الوطنية، وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف. ولا نغفل أيضا الجهد القطري الخير الذى امتد ليشمل إحلال السلام والاستقرار فى عدد من الدول العربية والأشقاء فى البلد الواحد، فكان اتفاق الدوحة الذى أعاد الوئام والسلم الاجتماعى للبنان، وكانت وثيقة الدوحة لسلام دارفور التى أعادت السلام إلى الإقليم المضطرب على مدى أكثر من ثمانى سنوات.
وجاءت جهود قطر ومساعيها النبيلة لتعيد العلاقات السودانية التشادية، والسودانية الإريترية الى طبيعتها بجانب المبادرة القطرية الناجحة التى أعادت الاستقرار إلى العلاقات الإريترية والجيبوتية وأنهت مشاكل الحدود بين الدولتين الجارتين، فضلا عن الجهد القطرى فى اليمن وبين الأشقاء الفلسطينيين، ودعم الدوحة لربيع الثورات العربية ومناصرة هذه الشعوب فى الانعتاق من الظلم والاستبداد.
وحظيت سياسة قطر الخارجية ومواقفها النبيلة المؤيدة والداعمة أبدا للأمن والسلم الدوليين بثقة العالم، فاختيرت عضوا غير دائم بمجلس الأمن عام 2006 ، ليأتى هذا الاختيار بمثابة اعتراف عالمى بالدور المحورى لسياسة قطر الخارجية.

وشهدت دولة قطر فى عهد حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني أمير البلاد المفدى طفرة اقتصادية نوعية وضعتها فى خريطة الاقتصاد العالمية فى قطاعات الصناعات المرتبطة بتسييل الغاز وصناعة النفط والبتروكيماويات، فضلا عن صدور القوانين المهيئة لمناخ الاستثمار وتأسيس الأجهزة والهيئات والمراكز المالية والاستثمارية التى تضمن التنمية المستدامة فى البلاد.
وشدد سمو الأمير المفدى فى خطابه بدور الانعقاد العادى الأربعين لمجلس الشورى على أن 'دولة قطر تقف على أرض صلبة'، وأكد سموه فى هذا السياق أن الإقتصاد القطري في مأمن من المخاطر بعد أن تجاوز واثقا التأثيرات السلبية للأزمة المالية العالمية، ومضى قدما في تحقيق مسيرته التنموية حسب الرؤية والاستراتيجية التي وضعناها لهذا الاقتصاد.
ونوه سموه بأن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لسنة 2010 بلغ (16,6%)، لتصبح قطر من أسرع الاقتصاديات نموا في العالم، حيث حققت معدل نمو سنوي بلغ (15,7%) في الفترة من 2006 إلى 2010، ومن المتوقع أن تسجل نموا يتجاوز (20%) نهاية هذا العام.
وقال سمو الامير إن قطر حلت في المرتبة الأولى عالميا بسهولة الحصول على القروض وتوفر رأس المال، وصنف اقتصادنا واحدا من أفضل خمس اقتصادات في العالم، وفي الوقت الذي تعاني فيه معظم دول العالم المتقدمة من عجز دائم في موازناتها إلى درجة التوقف عن سداد التزاماتها المالية، فإن دولة قطر استمرت منذ سنة 2000 وحتى الآن بتحقيق الفوائض المالية المتصاعدة، مما أتاح لنا التوسع في مجال استخراج الغاز الطبيعي وتصديره، لنصبح في طليعة دول العالم في هذا المجال.
وأضاف صاحب السمو أمير البلاد المفدى قائلا 'نحن ماضون في العمل على زيادة الاحتياطات المؤكدة من البترول والغاز، ورغم بعض الهدر غير المبرر، فإننا لم نصب بالدوار جراء ارتفاع أسعار النفط، فما زلنا مستمرين بسياستنا المالية المحافظة، إذ نعتبر سعر برميل النفط لأغراض الموازنة 55 دولارا فقط، ومع ذلك فقد زدنا إجمالي الإنفاق بنسبة (19%)، أكثر من (40%) من هذه النسبة، على المشروعات العامة بما في ذلك البدء في إنشاء الميناء الجديد، والبدء بمشروع سكة الحديد، واستكمال إنشاء مطار الدوحة الدولي وغيرها من مشاريع البنية التحتية، مع منح أولوية لقطاعي الصحة والتعليم'.
وتابع سموه 'علينا بالرغم من هذه الإنجازات أن نستمر في عملنا الحثيث لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط والغاز، كما علينا فحص مواطن القوة والضعف في استثماراتنا المتزايدة في الخارج، ومدى صمودها أمام أية أزمات مالية في المستقبل .. كما يجب أن نغير في إعداد الموازنة العامة للدولة، بحيث تتماشى مع مسار استراتيجية التنمية الوطنية للعام 2011 – 2016، لاسيما في مجالات مثل المقارنة بين البرامج والخطط والأداء، وفحص القيمة الحقيقية مقابل التكلفة، وتقييم الأداء بموجب المخرجات والنتائج'.
ومن أجل اقتصاد قوي ومستدام، تؤكد دولة قطر على أهمية الاستثمار في تنويع مصادر الدخل، وفي بنية تحتية حديثة، والاستثمار في التعليم وتأهيل الكفاءات القطرية لتكون على قدر المسؤولية، مما يتطلب ترسيخ أخلاقيات العمل والالتزام والشعور بالواجب

وحرصا من القيادة الرشيدة على توفير العيش الكريم للمواطنين، تم رفع رواتب المواطنين القطريين في الدولة والقطاع العام بنسب عالية كخطوة استراتيجية مبدئية ذات علاقة بزيادة معدلات النمو، وإنصافا لأولئك الذين شكوا بحق من انخفاض رواتبهم ، كما بين صاحب السمو الأمير المفدى فى خطابه. ومع هذه الزيادة المرتفعة فى الرواتب، يتعين على الموظفين القطريين، كل فى موقعه، العمل بجد على زيادة الإنتاج ومقابلة وفاء الدولة لهم بمزيد من الوفاء المتمثل فى العطاء والإنجاز وحب العمل والوطن.
وقد شدد على هذه المبادىء حضرة صاحب السمو فى خطابه ، حين أكد على ثقافة العمل والإنتاج مقابل خطر انتشار ثقافة الكسل والاستهلاك، لاسيما إزاء ما قد يعتبره المواطن زيادة سهلة في الأجور دون جهد. كما شدد سموه على أن مستقبل قطر مرتبط باعتبار أخلاق العمل والإنتاج والاتقان جزءا من قيمنا، وهذا لا يتم بالوعظ والنصيحة الحسنة فقط، وإنما أيضا بالمراقبة والمحاسبة وتقديم التقارير الحقيقية التي لا تجمل الواقع، بل تطرحه بدقة وأمانة لكي نتمكن من معالجته، ولنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين قال 'إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه'.
وفى سياق هذا التوجه، وضعت قطر فى سلم أولوياتها الاهتمام بقطاعى الصحة والتعليم ، حيث توسعت خدمات الرعاية الصحية وأنشئت مدينة حمد الطبية والعديد من المستشفيات المتخصصة والمراكز الصحية وفق رؤية واضحة تهدف بالوصول بهذا القطاع الى المستويات العالمية، وأصبحت قطر فى صدارة الدول على مستوى الشرق الأوسط من حيث الإنفاق على القطاع الصحي. ودخل قطاع التعليم عهدا جديدا بإنشاء المجلس الأعلى للتعليم وإطلاق مبادرة تطوير التعليم 'تعليم لمرحلة جديدة'، والتوسع فى المدارس المستقلة وتأسيس المدينة التعليمية التى تضم فروعا لجامعات عالمية مرموقة، إضافة إلى إنشاء كلية المجتمع والتركيز على البحث العلمي الذي رصدت له الدولة ميزانية ضخمة تعادل 8ر2 من الناتج المحلي.. كما شهدت جامعة قطر خطوات تطويرية وإصلاحية لمواكبة احتياجات سوق العمل.
ولم يكن المجال الاجتماعى بمنأى عن خطط التطوير والتحديث ، فأنشئت العديد من المراكز والمؤسسات التى تعنى بحقوق الطفل والمرأة والمسن وذوى الإعاقات وكافة شرائح المجتمع.. كما طالت خطوات التحديث الجهاز القضائى والإداري والأمنى بالدولة وقطاع الاتصالات والبيئة والثقافة والفنون والإعلام الذى شهد بدوره انفتاحا واسعا في حرية الطرح والتعبير.
فيما شهد المجال الرياضى ثورة كبيرة، أبرز محطاتها فوز قطر بتنظيم مونديال كأس العالم عام 2022 وترشحها لاستضافة أولمبياد 2020 وتنظيمها للعديد من المؤتمرات والدورات الرياضية العالمية والخليجية والعربية والآسيوية فى كل الألعاب، آخرها دورة الألعاب العربية التى تجمع الأشقاء على أرض قطر الخير والمحبة.
كما نظمت قطر وبنجاح كبير ومشهود دورة الألعاب الآسيوية الخامسة عشرة 'الآسياد'، إضافة إلى تحقيق العديد من البطولات على مستوى المنتخبات ، خليجيا وعربيا ودوليا، فى الوقت الذى تحظى فيه رياضة المرأة بالاهتمام والعناية. ولا شك أن كل هذه الخطوات التنموية الباهرة كانت ضرورية لبناء دولة قطر الحديثة والإنسان القطري القادر على خوض تحديات العصر وبناء الوطن.
ورغم هذه الإنجازات الكبيرة ، فإن طموحات القيادة الحكيمة لا حدود لها للسير قدما نحو تحقيق المزيد من متطلبات التنمية فى كافة المجالات، وتكريس مرتكزات الاستقرار السياسى وترسيخ الأسس الديمقراطية وتوسيع فرص المشاركة الشعبية فى النظام السياسى وتفعيل عمل المؤسسات الحكومية والمدنية، من أجل مزيد من النهوض الحضارى نحو مجتمع أفضل للأجيال الحاضرة والقادمة.

ولهذا العام وقفة احتفالية مميزة، حيث تم اختيار 'تسمو بروح الأوفياء' شعارا لهذه الذكرى، وهو الشطر الذي يلي مباشرة مقطع 'قطر ستبقى حرة' من النشيد الوطني، وذلك تأكيدا على التفاف الجميع حول مسيرة التكاتف والولاء والعزة لقطر الحبيبة.
واحتفاء باليوم الوطني، تزينت البلاد باللونين الأبيض والعنابي (علم الدولة) الذي رفرف في الطرقات وشرفات المنازل والوزارات والمؤسسات العامة والخاصة والميادين والمتنزهات. وارتدت قطر حلة زاهية امتزجت فيها الأضواء والألوان لتشكل لوحة قطرية خالصة جمعت بين الماضي والحاضر وتطلعات المستقبل واستشراف الغد الواعد. ومن شأن الاحتفالات والفعاليات المقامة بمناسبة اليوم الوطني أن تعيد للذاكرة جميع المظاهر الشعبية والثقافية التي تميزت بها حياة أجدادنا في طفولتهم وأيام شبابهم، وهي مناسبة أيضا لإحياء الكثير من الموروث الشعبي الذي تختزنه ذاكرة الوطن والمواطنين.
ولذلك تركز فعاليات اليوم الوطني على إبراز كل ما هو موروث شعبي من فنون وأدب وشعر وغيرها من الأمور التي حفل بها تاريخنا العريق. ويشتمل برنامج احتفالات اليوم الوطنى هذا العام على مسابقات وعروض فنية وشعبية ورياضية وتراثية ترتبط بتاريخ قطر وهوية وقيم وتقاليد أهلها عبر مختلف الحقب الزمنية. ويتتضمن برنامج الاحتفالات العديد من الفعاليات، منها تنظيم عروض ومسابقات الهجن، إلى جانب سباق المسيلة للخيول ، وفعاليات درب الساعي التى تشتمل وحدها على 12 فعالية تراثية ومفاجآت عديدة بشكل إجمالى وتراثى توضح تاريخ قطر وتراثها من كافة الجوانب ومنها (المقطر، والفريج وهى فعالية تقدم خلالها لوحات العرضة والمراداه وعد القصيد وبعض الألعاب الشعبية الخاصة بالنساء).
وفي روح تمزج التراث القطري لماضي الأجداد بالوقت الحاضر وفي بناء الدولة بالتكاتف والتعاضد، يواصل مخيم 'درب الساعي'، وهو الاسم الذي يشير إلى 'المناديب' الذين ائتمنهم الشيخ جاسم طيب الله ثراه على رسائله وتوجيهاته الداخلية والخارجية، فعالياته وذلك بما يتضمنه من معارض للفنون التشكيلية ولوحات فنية وأجنحة وفعاليات متنوعة تعرض التراث العريق لدولة قطر وسير الأولين.
و'درب الساعي' كان قديما يتكون من شخص أو أكثر، يعملون على توصيل الرسائل من مقر الحكم إلى الدول المجاورة، مثل السعودية والإمارات وعُمان والكويت، وكانت هناك نقاط راحة مثل أم الزبار، والكرعانة، فيقوم الساعي بإيصال هذه الرسائل، فهو الرابط الأساسي حينما كان أهل الماضي يعتمدون عليه بشكل كامل بين دولة قطر والدول الشقيقة. وقد تميز هؤلاء الرجال بالولاء والطاعة والشجاعة والفطنة للقيام بهذا الدور الحساس جدا في واحد من أصعب الأوقات وأخطرها، وما كان لهؤلاء المناديب الشجعان أن يؤدوا مهمتهم الخطيرة إلا على ظهور الهجن النجيبة.
ويضم ميدان درب الساعي فعاليات ومسابقات تراثية عبر فعالية 'النصع، وشد الذلول والمسحبية، وسوق واقف، والحفيز، والمقطر، وميدان السلوقي، والفريج، ومربط الشقب، وعرضة أهل قطر 'وخيمة احلم 2030، البراحة، عد القصيد نساء' .. وقناة الدوحة ' قناة اليوم الوطني' هى التي تنقل الفعاليات والبرامج على الهواء مباشرة، بالإضافة إلى الفعاليات العديدة التي تندرج ضمن الأهداف التي وضعت لتعريف الجيل الحالي بتراث أجدادهم وكيف كانت معيشتهم، من خلال الارتباط بين العادات والتقاليد القطرية في مسيرة بناء الوطن الغالي الذي يعتز بهويته.
ومن خلال فعالية 'النصع' التي تعود لتاريخ الأجداد الأوائل وتقام في المناسبات المختلفة خاصة الأعراس ، يتبارى المشاركون فيها على من يصيب هدفا صغيرا بأقل عدد من الطلقات (وهي تشبه رماية القنص)، ويكون الهدف إما 'حجر المرو الأبيض' أو عود 'اليراع' أو القصب ويكون على مسافة بعيدة قليلا، لكي يعرف الرامي الماهر من غيره، ومن خلال فعالية النصع الرياضية يتم اختيار أمهر الرماة الصغار لضمهم إلى الاتحاد القطري للرماية، وتنمية مهاراتهم ومواهبهم وصقلها ليشاركوا في كبرى المحافل. ويحظى الأطفال من زوار درب الساعي باهتمام كبير من قبل المسؤولين عن تنظيم المهرجان، حيث تم تخصيص منطقة خاصة لألعاب الأطفال تتضمن عددا من الألعاب الحديثة والمجسمات المطاطية الضخمة، بالإضافة إلى الألعاب التقليدية والشعبية التراثية التي يحرص الأطفال على ممارستها في منطقة الألعاب.
وفي جناح 'الشقب' التابع لمؤسسة قطر ، يجد الزائر معلومات تفصيلية عن أفضل سلالات الخيول العربية الموجودة في قطر، وعرضا لأجمل خيل وأفضل سلالات الخيول الفائزة في بطولات محلية ودولية ،إضافة إلى عرض خاص لخمسة خيالة ، وأخرى مخصصة للزوار من أجل ركوبها والاستمتاع بركوب الخيل في مضمار خاص. ويهدف الشقب بشكل عام إلى المحافظة على النسل العربي وإنتاج خيول جميلة ورياضية، وأن تكون لديها بنية رياضية قوية تمكنها من حمل فرسانها إلى مناطق بعيدة كما كانوا يفعلون في الماضي.

ويقدم استديو قناة الدوحة 'قناة اليوم الوطني'، واستديو 'درب الساعي' البرامج المرتبطة بتاريخ وتراث قطر، بالإضافة إلى بث الفعاليات والبرامج على الهواء مباشرة عبر استضافة عدد من الشخصيات التي تتحدث عن تواريخ وشواهد مهمة ينقلونها للجماهير التي تتابع الفعاليات والأحداث الوطنية بشكل مباشر، من خلال مجموعة متميزة من الإعلاميين القطريين والقطريات ليشاركوا بخبراتهم في هذا اليوم الوطني التي تشهده الدولة ويحتفل به الجميع.
وقد خصصت القناة مجموعة من البرامج المسجلة والأفلام الوثائقية ، وكذا التغطيات المباشرة المرتبطة باليوم الوطني ، وبتراث وتاريخ قطر ، فضلا عن إعداد مجموعة كبيرة من الأغاني الوطنية والعروض الجديدة التي سجلت حصريا لصالح القناة بهذه المناسبة. أما برنامج 'استديو درب الساعي' وهو من البرامج المباشرة التي تقدم يوميا من طرف المذيعين، فتدور فكرته حول التغطية الشاملة لفعاليات درب الساعي.
ويشهد المخيم أيضا فعالية ميدان السلوقي، وهو جزء مهم من تراث الصيد العربي بصورة عامة، وفي التراث القطري على وجه الخصوص، وقد عرفه العرب منذ القدم وقاموا بتربيته والعناية به ، حيث تتميز كلاب الصيد السلوقية بقدرات استثنائية على التحمل والذكاء والوفاء الذي يعجب به الهواة ويقدرونه، والسلوقي الأصيل يأتمر بأمر صاحبه وينتهي بنهيه، فهو مخلص له وينفذ كل ما يطلبه منه باندفاع وحماس، وقدمت في نهاية الفعالية الجوائز التقديرية للمشاركين.
ومن الفعاليات الفريدة التي تقام بالمخيم، فعالية 'سوق واقف' وهو نموذج مصغر للنشاطات الاقتصادية التي كانت ومازالت تمارس في سوق واقف، من بيع البخور والعود والعطور ومستلزمات زينة المرأة ، والبيت القطري من فرش وأنسجة وأدوات منزلية، وكيفية تصنيع سلال الخوص، والدمى والصناديق والمنسوجات ونقش الخزفيات والحفر على الخشب وصناعة أسرة الأطفال (المهود).
ويشاهد زوار فعالية السوق نماذج من الألعاب الشعبية وهي تمارس في المكان، كما يستمتع هواة توثيق الذكريات بالاستوديو الذي خصص لتزويد الجماهير بنماذج من مختلف الأزياء القطرية. وتشارك وزارة الشؤون الاجتماعية، من خلال الأسر المنتجة، بمنتجات تراثية تنال إعجاب الجمهور، مثل صناعة السبح والكحل والعطور والمدود وكوشة الحنا وغيرها من الحرف اليدوية ، إضافة إلى الأكلات الشعبية المتنوعة. ومن المشاركات التي لها حضور فعال في 'درب الساعي' ، فعالية ' المسحبية' والتي تعرض أهم النباتات والحيوانات والطيور التي تتميز بها دولة قطر، بالإضافة إلى أهم الكائنات المهددة بالانقراض.
وتعرض في هذه الفعالية عدد من الحيوانات البرية وهي: الريم والمها العربي والنعام، بهدف تعريف الجمهور بأهمية البيئة، وأهمية المحافظة عليها، سواء كانت حيوانات مهددة بالانقراض، أو نباتات تحتاج إلى رعاية وتوعية مستمرة بأهميتها بالبيئة القطرية، إضافة إلى الجهود التي تبذلها الدولة للحفاظ على البيئة سواء النباتية أو البرية أو البحرية.
وتشهد فعاليات درب الساعي فعالية 'الفريج' التي تقدم فيها لوحات العرضة والمراداة وعد القصيد وبعض الألعاب الشعبية الخاصة بالنساء، ففي لوحات المراداة، وهي الرقصة الشعبية التراثية القطرية الأصيلة، تجتمع النسوة والفتيات والأطفال وهن يتزين بارتداء أجمل ثياب النشل الملونة والدراريع المطرزة بالزري والحلي الذهبية، كالهلالي والجتوب والمرتعشة، يتكحلن ويتعطرن ويحملن معهن دلال القهوة وسلال الأطعمة، متجهات إلى البراحة وهو المكان الذي يرادين فيه. ولعل أجمل ما في فن المراداة طقس الغناء الجماعي، فيما تعبر الرقصة المؤلفة من الصفين المتقابلين، وبحركاتهما المتناغمة، عن لوحة إيقاعية حين تضرب الفتيات الأرض بأقدامهن وهن ممسكات بأيدي بعضهن بشكل منتظم، منشدات مقاطع الأغاني الجميلة، مذكرة بالماضي الجميل.
وفي إطار تعريف جمهور 'درب الساعي' برؤية قطر 2030 ، والمشاريع المستقبلية للدولة ، تقام خيمة ' احلم 2030 ' وهي رؤية قطر الوطنية لعام 2030 والتي ترسخ للنشء قيمة العمل الجاد والإنجاز، وترتكز على إطلاع الجمهور على المشاريع المستقبلية للدولة. وتعرض الخيمة أبرز المشاريع المستقبلية لقطر، حيث تركز على مشروع مترو الأنفاق، بالإضافة إلى عرضها صورا للتطورات العمرانية المستقبلية، كما تقام على هامشها فعاليات متنوعة للأطفال منها مسابقات للرسم يشارك فيها الأطفال في جو رائع، وتوزع على الزوار اسطوانات ومواد تعريفية وصور توضح للجمهور المشاريع المستقبلية لقطر ورؤيتها لعام 2030، وهي رؤية النهوض بقطر دولة وإنسانا إلى حيث المكانة التي يستحقانها بين الشعوب والأمم.
وفي جناح وزارة الثقافة والفنون والتراث ، يبدو الحرص واضحا على المشاركة ، حيث يقدم الجناح ألوانا من التراث لكافة فئات المجتمع، وذلك من خلال الفقرات التراثية التي يقدمها للصغار والكبار، إلى جانب الإصدارات المتنوعة ومنها 'مجلة المأثورات الشعبية' وتوزيع الهدايا لزوار المعرض مثل الأعلام والقبعات التي تحمل شعارات وطنية خاصة باليوم الوطني.
ويشهد نادي السباق والفروسية، ضمن الاحتفالات، فعاليات 'سباق المسيلة' و'تسريج الخيل'، وسط مشاركة كبيرة وصلت إلى أكثر من 200 مشارك في الفعاليتين، لإبراز ما يتميز به أهل قطر من خلال عشقهم للفروسية والخيل، فقد عرف عن الفرسان الشجاعة والإقدام حينما دافعوا عن تراب الوطن، وذادوا عن حياضه في أحد أحلك الأزمنة، كما شاركوا في المناسبات المختلفة كالأعياد والأفراح. ويشارك في فعالية 'سباق المسيلة' 80 خيالا وزعوا إلى 40 مجموعة، كل مجموعة من فارسين يخوضان السباق بنظام خروج المغلوب، وحددت مسافة السباق 400 متر، كما حددت أعمار الخيالة من القطريين المشاركين 14 سنة، وهم يتزينون بالزي القطري الذي شمل المشلحة والمجلد والغترة.
وقد أكملت القبائل القطرية كافة استعداداتها للاحتفال باليوم الوطني بنصب خيامها في المواقع الخاصة بمنطقة الاحتفالات، وقد حرصت على وجود عدد كبير من أبنائها في المواقع الخاصة بها للإشراف على أعمال إقامة وتجهيز الخيام وتعليق لافتات الترحيب قبل حلول اليوم الوطني. وتتميز احتفالات هذا العام بالمكان الجديد الذي اختارته الدولة لتنظيم احتفالات اليوم الوطني الذي له ميزة كبيرة ومنه تتجمع القبائل في المكان نفسه، مما يدل على تلاحم كل القبائل القطرية فيما بينها في ظل القيادة الرشيدة.
وتشتمل احتفالات القبائل على برامج وفعاليات تراثية، في مقدمتها العرضة والأمسيات الشعرية والسجالات النثرية التي تترجم معاني الحب الحقيقية للوطن، فضلا عن العديد من المفاجآت التي تعكس تفرد كل قبيلة في الاحتفال باليوم الوطني، وإبراز روح الماضي وغرسه في نفوس الشباب والصغار الذين لم يعاصروا الروح القطرية قديما، إضافة إلى معاني الترابط والتكاتف.
كما أعدت اللجنة المنظمة للاحتفال نشاطات متنوعة ومختلفة تقام في المدارس بالتنسيق مع المجلس الأعلى للتعليم، وذلك إيمانا بأهمية مشاركة الطلبة والمدارس في فعاليات هذا اليوم المجيد، حيث يتم تنظيم مسابقات خاصة للمدارس في فن العرضة ترسيخا لعاداتنا وتقاليدنا في أذهان النشء الجديد. وأقيمت أيضا مسابقة لأجمل لوحة تعبر عن اليوم الوطني ورسالته، حيث يتم عرض اللوحات الفائزة على أحد أبراج الكورنيش في يوم الاحتفال الرسمي ( 18 ديسمبر)، فيما تشهد جميع المدارس والجامعات مراسم رفع العلم وتوزيعه على أكبر شريحة من المواطنين والمقيمين. وتتوج الاحتفالات بالمسير الوطني الذي يقام على كورنيش الدوحة صباح الأحد، ويتضمن عرضا عسكريا من مختلف قطاعات القوات المسلحة ووزارة الداخلية ومختلف الأجهزة الأمنية، إلى جانب عدد كبير من طلبة المدارس والمؤسسات الوطنية.
ويشكل رجال القوات المسلحة خلال العرض العسكري لوحات فنية رائعة بعروضهم العسكرية، حيث يتقدم التشكيلات العسكرية والأمنية المختلفة حملة الأعلام بزيهم العسكري حاملين سلاحهم، وتليهم آليات عسكرية حديثة وقديمة تظهر مدى التطور الذي وصلت إليه القوات المسلحة القطرية بفضل توجيهات القيادة الرشيدة. ويخصص المسار المحاذي للبحر على كورنيش الدوحة لمرور المركبات، فى حين سيخصص المسار الآخر للجنود والأطفال والمشاة المشاركين في المسير، فيما يلي المسير استعراض المراكب الشراعية والذي سيستمر حتى الساعة الحادية عشرة.
ويتضمن برنامج الاحتفال فعالية الرسم لطلبة المدارس على أحد ابراج الدوحة اعتبارا من الساعة الخامسة وحتى العاشرة مساء ، في حين سيتم تنظيم استعراض ثان للمراكب الشراعية بأضواء الليزر فى الفترة المسائية بجانب معرض للسيارات الكلاسكية والجراخيات. ولما كان الفن التشكيلي في قطر من أكثر الفنون حضورا وتطورا ، فقد أولى اليوم الوطني اهتماما بهذه الفعالية الفنية هذا العام الذي تشارك فيها العديد من المدارس في قطر، ومن شأن الرسومات التعبير عن حب الوطن وعن البيئة والتراث والثقافة القطرية وعن حضارة وتاريخ ومستقبل البلاد ، ليتم عرض أفضل اللوحات على مبنى برج البنك التجاري على كورنيش الدوحة اليوم السبت.
إن الاحتفال باليوم الوطني هو احتفال بمسيرة قطر على درب الشموخ، وهي المسيرة التى بدأها الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني، وهو رجل عظيم من عظماء البلاد، أعطى قطر خلاصة جهده وتفكيره وحنكته وكل وقته، فاستحق، بما تحقق فى عهده من إنجازات بمقاييس الفترة التى عاش فيها والظروف التى كانت تحيط بالمنطقة، أن يكون وبجدارة مؤسس دولة قطر وعزها وبانى نهضتها.
وقد خصصت اللجنة المنظمة للاحتفال باليوم الوطني قناة تليفزيونية وهى 'قناة اليوم الوطني .. الدوحة'، والتى تخصص لبث كامل فعاليات الاحتفال على مدار الساعة، عبر مجموعة متميزة من البرامج المباشرة والمسجلة واللقاءات مع عدد من المسؤولين والشخصيات بالدولة. ويتضمن بث القناة أربعة برامج هي 'استديو الدوحة'، و'درب الساعي'، 'رؤيا'، و'مشاعرنا'، ويقدمها نخبة من الإعلاميين القطريين. كما تبث القناة مجموعة من الأفلام المتعلقة بتراث وتاريخ قطر، وتقدم الأغاني الوطنية الجديدة والعرضات التي تم تسجيلها حصريا للاحتفال باليوم الوطني لهذا العام.
وحملت قناة الدوحة شعار 'تغطية شاملة برؤية قطرية'، عبر تواجد مجموعة متميزة من الشباب القطري كمراسلين فى قلب الحدث لفعاليات 'درب الساعي' من خلال الفعاليات المتنوعة والمسابقات اليومية، مثل فعالية 'النصع' و'شد الذلول' وغيرها من الفعاليات التي تقام في درب الساعي بشكل يومي. ومن البرامج المميزة التي تم بثها، البرنامج التسجيلي الذي حمل عنوان (احلم 2030) على مدار 5 حلقات عبر تقديم مجموعة من الأطفال المتميزين لأحلامهم من خلال 'رؤيا قطر المستقبلية 2030 '. 

الآن - وكالات

تعليقات

اكتب تعليقك