هل الأزمة الاقتصادية في الكويت هي أزمة عابرة أم أزمة مستفحلة بنيوية؟ يتسائل ويجيب الدكتور محمود ملحم

الاقتصاد الآن

3100 مشاهدات 0


أزمة الاقتصاد الكويتي (الواقع والحلول)

في إطار الإجابة عن هذا السؤال يأتي تقرير شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) ليثبت بالأرقام أن الموضوع ليس أزمة عابرة أو غيمة صيف، فالموضوع أبعد من ذلك بعد أن تأثر الاقتصاد بالظروف الداخلية، حيث لابد من إعادة الدراسة لمنهجية الأزمة الضاربة، ولنخلص ان الاقتصاد شديد الحساسية، إن القطاع العقاري في الكويت شهد خلال الأعوام التي سبقت الأزمة المالية في عام 2008 طفرة عمرانية وانفتاحا من قبل القطاع العام والقطاع الخاص على المشاريع الإنشائية والعقارية، وذلك نتيجة الطلب المتزايد وتوافر السيولة وسهولة الائتمان في السوق المحلي والأسواق العالمية. مما جعل الأنظار تتجه الى الكويت ليس كمقر امن بالنسبة للاستثمار في مجال العقار، بل انعكس إيجابا على الاقتصاد ككل. في الوقت الذي كانت الدول المجاورة تتسارع الى كشف السر وإرسال المختصين لدراسة سبب النمو غير المسبوق في الكويت، أما اليوم فإن القطاع العقاري يعاني من عقم، نتيجة تأثره بعدة عوامل أهمها ضعف الاستثمار وعدم الاستقرار الاقتصادي في البلد.

الطفرة العمرانية في السابق ساهمت في جذب الاستثمارات، فذهبت البنوك الى أبعد الحدود عن طريق منح القروض المتوسطة والبعيدة الأجل، ولكن السؤال لماذا أحجمت هذه البنوك هل الضمانات قد قلت أم أن الاستثمار في القطاع العقاري أصبح غير مجد؟

وبحسب تقرير «كامكو» فقد انخفضت قيمة المشاريع الإنشائية في الكويت بنسبة 43% خلال الأعوام الثلاثة الماضية لتصل هذه القيمة إلى 168 مليار دولار في أكتوبر 2011 مقارنة مع 296 مليار دولار في أكتوبر 2008 وهذه النسبة مرعبة لدولة مثل الكويت. فلها أبعادها ودلالتها الاقتصادية بعد استبعاد مشروع مدينة الحرير (Silk City) من القائمة والذي تقدر تكاليفه بحوالي 94 مليار دولار على مراحل تنفيذ تمتد لمدة 25 عاما، وبعد ذلك لم نر ظهورا لمشاريع انشائية، علما أن الأرض في قطر ودبي تنبت أبراجا حتى انك والواقع إذا غبت عن بعض الدول مثل قطر أو دبي لبعض الأشهر فلا تفرق بين الشوارع لكثرة المشاريع، وظهور أبراج شاهقة بسرعة البرق، فأين نحن من ذلك. أتى إقرار خطة التنمية في العام 2010 التي قدرت بحوالي 105 مليارات دولار والتي من شأنها أن تنعكس إيجابا على عدة قطاعات أولها قطاع الإنشاءات، إلا أن الإنفاق الحكومي على المشاريع الإنشائية والبنى التحتية لايزال دون المستوى المطلوب لتنفيذ خطة التنمية، وبحسب التقرير فقد بلغت المصروفات الرأسمالية الفعلية للكويت خلال النصف الأول من السنة المالية 12/2011 حوالي 502 مليون دينار، وبالتالي شكلت فقط 18% من إجمالي المصاريف الرأسمالية المعتمدة للسنة المالية 12/2011.

وإذا استمر الإنفاق الرأسمالي على هذا المستوى فإن إجمالي المصروفات الرأسمالية للسنة المالية 12/2011 لن تتخطى المليار دينار مقارنة مع مصاريف رأسمالية مقدرة بـ 2.8 مليار دينار للسنة نفسها والتي تعتبر في الأساس متواضعة مقارنة مع حجم الاقتصاد المحلي. إن هذه الأرقام يجب التوقف عندها. هنالك عوامل عديدة ساعدت على تدني الإسراف والبعد عن الاستثمار كان أبرزها عدم توافر الائتمان للمشاريع الجديدة، ارتفاع المعروض من العقارات، خاصة في الاستثماري والتجاري، ولكن يبقى السبب الأهم وهو عدم الاستقرار الداخلي الذي يجعل من الاقتصاد خائفا وحذرا.

ومن ثم فإن العمل على بناء الكويت كمركز للخدمات المالية والاقتصادية والوكالات التجارية العالمية وكعقدة للمواصلات والاتصالات وكمركز تعليم جامعي وإعلامي، لتكون رأس جسر آمنا للوثوب الى منطقة الخليج لابد من إعادة زرع الثقة في الاقتصاد عن طريق التلاحم بين كل القطاعات. لابد من ان تشهد الكويت طفرة على صعيد الإنشاءات لنرى الأبراج تنبت من تحت الأرض كما تنبت الرياحين. وفي الختام يجب ألا ننسى أن هنالك الصندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي والذي يصدر تقاريره السنوية عن نمو الاقتصادات في العالم، ونتمنى ألا نخطر على باله في السنة المقبلة.

المستشار د . محمود ملحم

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك