تأثير تغير النظرة المسقبلية ل'موديز'على المصارف اللبنانية محدودة برأي نادين هاني
الاقتصاد الآنديسمبر 13, 2011, 11 ص 817 مشاهدات 0
لم تكن خطوة وكالة 'موديز' هذا الاسبوع مفاجئة، عندما غيرت نظرتها المستقبلية الى النظام المصرفي اللبناني، من مستقرة إلى سلبية. فتأثيراتها على المصارف اللبنانية محدودة جدا، لكن الاخطر، هي تداعياتها على النظرة العامة للاستثمار في لبنان، لا سيما إذا امتدت النظرة السلبية لوكالات التصنيف الائتماني إلى التصنيف السيادي للبنان.
فالجميع كان يعلم بالضغوط التي يتعرض لها النظام المصرفي اللبناني، مع تباطؤ نمو الناتج المحلي الاجمالي للبنان منذ مطلع السنة الجارية، والأوضاع السياسية في المنطقة، وفي سوريا تحديدا، بالاضافة إلى انكشاف بعض المصارف اللبنانية على دول في المنطقة تعاني اضطرابات سياسية مثل مصر وسوريا.
وبعد إخفاقها في تقييم المخاطر المرتبطة بالرهونات العقارية خلال الازمة المالية العالمية في 2008، اصبحت وكالات التصنيف الائتماني اكثر صرامة، تحاول استباق الحوادث، والدليل تسابقها الى مراجعة النظرة المستقبلية للدول الاوروبية إلى سلبية، وبالدور الذي لعبته في تفاقم الازمة الاوروبية عبر ارتفاع كلفة الاستدانة للدول التي خفضت تصنيفها.
تأثير خطوة 'موديز' على المصارف اللبنانية محدود، لانها غيرت النظرة المستقبلية ولم تخفض تصنيفها. وحتى لو قامت بخفض التصنيف، فالأثر الأول عادة ما يكون عبر ارتفاع تكلفة الاستدانة. إلا ان المصارف اللبنانية لديها فائض من السيولة، وبالتالي لا تلجأ الى اصدار سندات في الاسواق العالمية، وهي لن تتأثر من هذه الناحية.
لكن يمكن ان تقلص المصارف العالمية بعضا من الخطوط الائتمانية الممنوحة الى المصارف اللبنانية.
أما الناحية الاخرى التي يجب النظر إليها، فهي التحويلات إلى لبنان، التي مثلت 22% من ناتجه المحلي الاجمالي للعام الماضي. وهي حيوية لانها تؤمن السيولة اللازمة للمصارف لكي تمول بدورها الدين العام، عبر شراء سندات الخزينة اللبنانية بالدولار والليرة. ومن غير المتوقع ان تؤثر خطوة 'موديز' على هذه التحويلات، لانها بمعظمها، من اللبنانيين المغتربين، وطبيعتها اجتماعية، إذ يحول جزء كبير منهم الاموال لاهاليهم في لبنان. وهي قد تتأثر اكثر بالمناخ السياسي منها بتصنيف المصارف.
لكن الخطر يكمن في ان تقوم وكالات التصنيف بمراجعة نظرتها المستقبلية الى التصنيف السيادي للبنان، عندها، ترتفع تكلفة الاستدانة للدولة اللبنانية، وبالتالي تزيد تكلفة خدمة الدين، ما يفاقم بدوره حجم الدين العام.
فعائدات الخزينة تراجعت مع تباطؤ عائدات السياحة والحركة الاقتصادية، وسجلت في اول 8 اشهر من هذه السنة تراجعا ب6,7% عن الفترة اياها من العام الماضي.
أي تدهور إضافي في المالية العامة، بالتزامن مع ازدياد في التوتر السيادي، قد يدفع وكالات التصنيف الى مراجعة نظرتها المستقبلية للبنان. والسبيل الوحيد لتفادي ذلك هو العمل على التأكد من وضع ميزانيات مستقبلية تؤمن فائضا اوليا قبل خدمة الدين، حتى يبقى لبنان على المسيرة الايجابية التي سلكها في الاعوام الماضية لناحية تقليص حجم الدين العام مقارنة بالناتج المحلي الاجمالي، حتى وصل إلى 134% في نهاية العام الماضي.
تعليقات