فهد الصباح يرى ان الكويت دولة عاطلة عن العمل فالمشاريع تهاوت بدل أن تتزايد
الاقتصاد الآنديسمبر 11, 2011, 10:36 ص 664 مشاهدات 0
مؤشران اقتصاديان صدرا الاسبوع الماضي يحملان بين طياتهما الكثير من الدلالات الخطيرة اذا لم تتنبه الجهات المعنية لهما وتعمل جديا على بدء معالجتهما بعقلانية بعيدة كل البعد عن ردود الفعل التي اعتادتها الكويت في معالجة القضايا وادت الى ما ادت اليه في العقدين الماضيين، المؤشر الاول هو الخبر الذي سربته اللجنة الاستشارية الاقتصادية عن ان الدعم والرواتب ستصل في العام 2020 الى 35 مليار دينار والثاني التقرير الصادر عن شركة مشاريع الكويت عن حجم المشاريع في البلاد وتراجعها بنحو 43 في المئة عما كانت عليه في العام 2008 عندما بلغت وقتذاك 296 مليار دولار، بينما هي الان 168 مليار دولار اميركي.
الوارد اعلاه يبطل التقارير والاحاديث عن عافية الاقتصاد الكويتي، لاسيما في ظل الخسائر الكبيرة التي منيت بها بعض الشركات الاستثمارية في السنة المالية الماضية، وهي الشركات ذاتها التي تلقت دعما حكوميا كبيرا في العام 2008 عندما اصابت الهزات الارتدادية للازمة المالية العالمية الكويت، والمفارقة ان في تلك السنة كانت المشاريع الكويتية اكبر حجما منها حاليا في ظل بدء العمل على تنفيذ خطة التنمية التي من المتوقع ان تنهض بالاقتصاد الوطني، وتغيير كل الواقع الكويتي، وفقا للوعود التي اطلقها المسؤولون في السنتين الماضيتين، لكن الواضح ان الكلام على المشاريع وخطط التنمية في الكويت وكما يقول المثل الشعبي «مدهون بزبدة» سرعان ما ينتهي مفعوله و«يسيح» في النسيان.
ما لم يدركه السياسيون الكويتيون انهم دفعوا الاقتصاد الوطني الى هذا التراجع الكبير وحملوا الاجيال القادمة عبء المغامرات الانتخابية، فالزيادة الكبيرة المتوقعة في غضون السنوات الثماني المقبلة على الميزانية العامة للدولة ستتحول الى ديون على الكويت ككل، فكل المؤشرات العالمية تدل على تراجع كبير في اسعار النفط في غضون السنوات القليلة المقبلة لان الازمة الاقتصادية العالمية لاتزال في مرحلتها الاولى، فالعجز الاوروبي اخذ في التفاقم، وبخاصة بعد ان قدرت السلطة المصرفية الاوروبية ان اعادة رسملة المصارف الاوروبية تحتاج فورا الى 114 مليار يورو، فيما يشتد الخناق على كل من ايطاليا واليونان والبرتغال واسبانيا، والتراجع الكبير في حجم الانفاق الاستهلاكي نتيجة توقف الكثير من المؤسسات والمصانع والقطاعات الانتاجية عن العمل، واذا كانت الولايات المتحدة الاميركية تسير بسرعة كبيرة الى الفصل الثاني من ازمتها الاقتصادية، فان البحث عن بدائل ارخص واكثر نظافة من النفط سترتفع وتيرته، ما يخفض الاعتماد العالمي على النفط، واذا استطاعت كل الدول التي تعاني ازمات اقتصادية خفض استيرادها للنفط بواقع عشرة ملايين برميل يوميا فان ذلك يعني تراجعا كبيرا في التصدير في السنوات المقبلة اضافة الى ان المشاريع الكبرى للطاقة النظيفة والرخيصة التي بدأتها بعض الدول قبل سنوات شارفت على الانتهاء، بل ان هناك دولا بدأت فعلا التخلي عن النفط في العديد من قطاعاتها الانتاجية، فيما نحن في الكويت ليس لدينا الا النفط سلعة استراتيجية اقتصاديا، ولم نفكر يوما في بدائل استثمارية حقيقية تحفظ لنا دخلا يتناسب مع حجم انفاقنا، بمعنى اخر اقفلنا عيوننا واذاننا عن كل ما يدور في العالم، وفتحنا باب الانفاق على مصراعيه على اساس ان النفط سيستمر الى الابد، وسيبقى العالم رهينة لنا يدفع السعر الذي نحدده لبرميل النفط، لكن اذا نظرنا الى الدول التي كانت تعتمد قديما على الفحم الحجري كسلعة استراتيجية لها اين اصبح اقتصادها الان لعرفنا ماذا نفعل بمستقبل اولادنا.
35 مليار دينار سنويا، رواتب ودعم، اي الباب الاول من الميزانية العامة لن يترك هذا المبلغ اي اموال للابواب الاخرى من الميزانية، وتراجع حجم المشاريع في ثلاث سنوات بنحو 43 في المئة، يعني اننا نتجه الى نقطة يصبح فيها اقتصادنا شبه عاطل عن العمل.
ماذا تريدون بعد كل هذا حتى تستيقظوا من حلم الثروة الدائمة التي لا تنتهي وتفكروا بواقعنا المرير؟
تعليقات