مطالب المحتجين في حركة «وول ستريت» تتعدى المطالب في إجراء إصلاحات اقتصادية وتتعدى السعي نحو توزيع أكثر عدلا للثروة وينضمها كمال الخرس

الاقتصاد الآن

945 مشاهدات 0





 
«احتلوا وول ستريت»، وما صاحبها من احتجاجات ومظاهرات عمت المدن الأميركية وكثيرا من المدن الكبرى في الغرب، بما حدث ويحدث في كثير من الدول العربية سواء في ليبيا أو مصر أو غيرهما، البعض الآخر يستخف بهذه المقارنة لأن الهوة كبيرة بين الطرفين.
طبعا النظم العربية بغالبيتها نظم بدائية في الإدارة، خاصة عند مقارنتها بنظم الحكم والديموقراطيات الرأسمالية في أميركا ودول الغرب بشكل عام، لكن النتيجة واحدة وان اختلفت الاشكال، فقلة تستحوذ على المال والسلطة أو القرار السياسي والنفوذ، بعض يسعى إلى المال لأجل النفوذ والسلطة وبعض آخر يسعى إلى السلطة للحصول على أموال طائلة. الأرقام وحدها تتكلم، والأرقام هي التي حركت المحتجين في وول ستريت وفي دول الديموقراطيات الرأسمالية، ففي أميركا كما يشير المحتجون هناك 400 فرد يملكون أكثر من نصف الثروة ويتبقى النصف الآخر من الثروة لأكثر من ثلاثمئة مليون أميركي، لذلك أشارت حركة احتلوا وول ستريت إلى نفسها بأنها حركة الـ 99 في المئة مقابل واحد في المئة من أصحاب الاثرة والنفوذ.
حتى ان نظرية 20/ 80 العالمية الشهيرة أصبحت اكثر اختلالا عند النظر إلى الأرقام التي يطرحها محتجو وول ستريت. ففي العالم هناك حالة معروفة وإن كانت غير عادلة وهي أن 20 في المئة من الشعب تملك 80 في المئة من الثروات، وتبقى 20 في المئة من الثروات لـ 80 في المئة من الشعب. يقول المحتجون ان كفة الميزان أكثر اعتلالا في رائدة الديموقراطية الرأسمالية الحديثة، فالمعادلة أصبحت واحدا في المئة مستفيدا مقابل 99 في المئة.
العوامل المالية والأرقام الاقتصادية ليست بعيدة عن الصورة فهي أحد المحركات الأساسية لاحتجاج الناس في حركة وول ستريت وفي المدن الاوروبية الكبرى، فالأزمات الاقتصادية الأخيرة كلفت دافعي الضرائب الكثير من أجل إعادة الانتعاش للشركات الكبرى والبنوك العملاقة، وبالتالي إنقاذ المؤسسات المالية الخاصة التي يملكها كبار الرأسماليين.
لكن مطالب المحتجين في حركة «وول ستريت» تتعدى المطالب في إجراء إصلاحات اقتصادية وتتعدى السعي نحو توزيع أكثر عدلا للثروة، وهو ما يدعو الى التأمل، فالبيان رقم خمسة لحركة «وول ستريت» يشمل جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية وعسكرية. البيان يدعو إلى إغلاق القواعد العسكرية المنتشرة حول العالم لأنها تمثل حالة إمبريالية، والبيان يدعو أيضا إلى إصلاحات في النظام القضائي، وفي ما يخص النواحي الأمنية يدعو البيان إلى عدم قمع المحتجين وعدم استخدام الأساليب الامنية العنيفة ضدهم كما حصل في تظاهرات دنفر كولورادو، وفي الإصلاح السياسي يدعو البيان الى كبح الفساد بين السياسيين حتى في مؤسسة انتخابية كالكونغرس، وأخيرا وليس آخرا يدعو البيان إلى تغطية إعلامية عادلة وعدم ممارسة رقابة ذاتية لكنها منحازة ضد التغيير من قبل المؤسسات الإعلامية الكبرى. ولعله ليس مستغربا أن تكون المؤسسات الإعلامية العملاقة ضد أي تغيير جذري يطول الديموقراطيات الرأسمالية لأن الوسائل الاعلامية هناك هي نفسها أحد افرازات هذه الديموقراطيات وأكثر أسلحتها فتكا.مطالب المتظاهرين في وول ستريت ومن تضامن وتعاطف معهم، ومن قبلها أحداث لندن التي أخذت طابع العنف والتمرد، كلها تعكس مطالبات جادة ومطالب حقيقية وهي تنادي بهذه المطالب بصوت ناعم تارة وصاخب تارة أخرى في رأس له آذان كثيرة وعيون أكثر لكنه لا ينصت ولا يبصر إلا لنفسه.
 
 

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك