أ.د.ياسين الجفري يحلل اسباب خسائر 'زين السعودية' ويحمل الادارة الخطأ بسبب قرارات غير مناسبة

الاقتصاد الآن

1232 مشاهدات 0


بناء الخطة عادة ما يشمل متغيرات في يد المخطط يسيطر عليها، ومتغيرات خارجة عن إرادته، ولا يستطيع سوى التفاعل معها ومحاولة التخفيف من أثرها. ولعل من ضمن المتغيرات التي في يد المستثمر هو هيكل رأس المال. فتركيبة هيكل رأس المال عادة ما تؤثر في سعر الإقراض ونظرة المقرض له، وفي استمرارية الشركة مستقبلا. من المتعارف عليه أن قدرة الشركة في تحقيق الربح تعتمد على قدرتها على بناء الهيكل المالي الصحيح. فالاقتراض إذا خرج عن حدود معينة ربما يؤدي لاستمرار الخسائر وربما الإفلاس، وفي الوقت نفسه، الاقتراض يدعم وينمي الربحية إذا كان من غير إفراط.
المعاناة للمستثمرين من شركة زين أساس في شراء الرخصة بنحو 23 مليار ريال، وبناء الشبكة الذي استلزم استثمارات في حدود الثلاثة مليارات يضاف إليها بدء الشركة في العمل وممارسة النشاط بما يعرف بمصاريف بدء التشغيل، مما استلزم منها ضخ مبالغ إضافية، يضاف لها التشغيل وتحقيق الخسائر في وقت تحتاج فيه لتوفر سيولة لتخفيض الاقتراض. في ظل الوضع السابق استخدمت زين نسبة 50 في المائة كهدف، حيث اقترضت 50 في المائة، وقامت بإصدار أسهم للمؤسسين والملاك الجدد بنحو 50 في المائة (14 مليارا). ولكن مع مرور الوقت وحسب الجدول المرفق نجد أن نسبة المديونية في الشركة أخذت في النمو والارتفاع حتى بلغت حسب نتائج نصف عام 2011 نحو 80.19 في المائة ومعها تراجعت حقوق الملكية لتصل إلى 80.19 في المائة نتيجة لتآكل حقوق المساهمين نتيجة للخسائر التي حققتها الشركة خلال قيامها بنشاطها. وعلى الرغم من نمو النشاط وتحسن ربحية الشركة، لكن الأعباء المالية تمتص كل القدرات والتحسن، وعلى الرغم من أن العمولات كنسبة من الإيرادات آخذة في التناقص، لكن حجمها لا يزال مؤثرا في قدرة الشركة على تحقيق الربحية، ومن ثم لا يزال مشوار الشركة طويلا في ظل تآكل رأس المال ودخوله في مرحلة الخطر. واستجابت الشركة مؤخرا بقرارين تخفيض رأس المال لامتصاص الخسائر، ومن ثم تحسين قدرة الشركة على توزيع الأرباح مستقبلا في حال القدرة على تحقيقيها، ثم قامت بالخطوة المهمة وهي زيادة رأس المال التي سيتم من خلالها خفض المديونية، وبالتالي دفع الشركة نحو الربحية.
الناظر لتحليلات وعرض الشركة في تقاريرها السنوية نجدها تشير لتجاوزها التوقعات، وهو المتغير غير المسيطر عليه من قبلها مقابل هيكل رأس المال المتغير تحت السيطرة. المفترض أن بناء الهيكل على نتائج ومتغيرات متوقعة يجعل الشركة تتجاوز كافة المعوقات التي تواجهها، وقد نجد العذر لها إذا كانت التوقعات والخطط تحققت بصورة أضعف من الواقع، مما يؤدي لحدوث الخلل وعدم القدرة على الاستمرار والتفكير في حلول أخرى. ولعل رغبة المؤسسين في الحفاظ على تركز الملكية من خلال طرح أسهم أقل يفسر الاتجاه نحو الاقتراض واللجوء لمصادر مؤقتة للتمويل. ولكن لا يجب أن يتم على صالح المستثمرين وتعريضهم لهذا النوع من المخاطر من خلال تخفيض رأس المال واللجوء للاقتراض. الوضع دفع الشركة لدفع عمولات كبيرة وربما دفعها نحو الخسارة، ولو حدث العكس وتم اختيار الهيكل المناسب ربما خرجت الشركة نحو الأفضل، وحققت الربحية مثل غيرها الذي اهتم بهذا البعد.
زين لو استغلت الفرصة منذ البداية وكونت رأس المال الكافي، وطرحت العدد الملائم لربما تفادت ما أجبرت على القيام به، وربما حققت أرباحا في فترة أقل مما سيتم تحقيقه بعد فترة أطول. المتغير تحت السيطرة كان المتسبب في الوضع الذي مرت به الشركة، مضافا لها القيمة الكبيرة للرخصة التي دفعتها (وهو متغير خارج عن سيطرتها. كفاية رأس المال بعد مهم لممارسة النشاط وتحقيق الربحية والإفراط في الاقتراض، يؤثر سلبا في قدرة الشركة على الاستمرار. والفصل بين الإدارة والملكية عادة ما يفترض فيه حماية المستثمرين من الدخول في نفق مظلم. وعادة ما يجب أن يتخذ القرار بصورة صحيحة لما يكون في يدنا ولا نترك فرصة لدخولنا في مأزق يؤثر في استمراريتنا ومعها يخسر المؤسس والمستثمر.
جريدة الاقتصادية السعودية

تعليقات

اكتب تعليقك