تعقيبا على مقالة بودي..محمد جوهر حيات يستنكر نحر الكويت بعدما أصبح المذهب وطناً والقبيلة دولة
زاوية الكتابكتب أكتوبر 4, 2011, 1:32 ص 1710 مشاهدات 0
الراى
محمد جوهر حيات / سوالف ثلاثاء وخميس / سننتصر... يا أبا مرزوق!
شد انتباهي بشده مقال الزميل الاستاذ جاسم بودي الجمعة الماضية تحت عنوان «نحر الكويت» وذلك لما يتضمنه المقال من جرأة وصراحة في تجسيد الحقائق المرة والواقع المر والمزري والمريض لحال سير الحياة السياسية والاجتماعية اليومية في موطن أجدادنا وآباؤنا وموطننا، حيث أقبلت غالبي القوى والتنظيمات والتيارات السياسية على اختيار نموذج برامج ومعايير وخطوات وأيديولوجية التناحر والتعصب والتمييز القبلي والطائفي والعائلي بدلاً من اختيار نموذج برامج ومعايير وخطوات العمل الوطني والتنموي والمؤسسي للجميع الطامح لصناعة مواطن منتج ومعمر ومطور لدولة المؤسسات والقانون، بالفعل هذا النموذج الرجعي للتيارات السياسية القائم على التقسيمات الثانوية أصبح هو الرابح والسائد والآمر والناهي بمباركة السلطة التنفيذية المنشغلة بتغليب طائفة على أخرى وقبيلة على مثيلتها، والمتفرغة أيضاً لتقسيم (كعك التشكيل الحكومي) والغلة الحكومية على الحلفاء من طوائف وقبائل وعوائل ضاربة بعرض الحائط معايير الكفاءة والإنتاج والعطاء والإخلاص.
وها نحن يا أبا مرزوق يتم نحرنا كل يوم مع الكويت بسبب اعتماد هذا النموذج الرجعي لدى القوى السياسية، ولدى السلطتين وأعضائها لدرجة أصبح سياسيو الكويت (الدنابك) يتخذون المواقف السياسية على أسس ومقاييس الطائفية والقبلية والعائلية في القضايا السياسية الداخلية والخارجية بكل وقاحة... فمن هو بالسلطة التشريعية يفصل الموقف حسب مزاج ناخبيه الطائفيين والقبليين بعيداً عن العقل والمنطق الإنساني، وكذلك السلطة التنفيذية تفصل الموقف وفق ما يضمن حمايتها ويضمن استمرارها وبقائها! والأدهى والأمر أن المجتمع يستنكر الطائفية والقبلية لغوياً ولكنه يعمرها فعلياً من خلال الاصطفاف القبلي بالانتخابات الفرعية، أو بدعم التيارات المذهبية الطائفية التي تقتصر على طائفة واحدة دون الطائفة الأخرى وكأننا نعيش (حرب طوائف) ولسنا في وطن ودولة مؤسسات دستورية وقانونية مدنية يتم التعامل بين مواطنيها وفق منهج المواطنة، ويتم المفاضلة بينهما على أساس العطاء والإنتاج والإنجاز لهذا الوطن ولهذه الدولة!
أصبحنا نعيش في فوضى عارمة حيث أصبح المذهب وطناً بدلاً من أن يكون مجرد إطاراً للعبادات وللعقائد الدينية، وأصبحت القبيلة دولة بدلاً من أن تكون عرقاً، وتغيرت المفاهيم وأصبحت المذاهب والقبائل سلوك وقانون حياة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية جديدة يصعب علينا تفتيتها! وأصبح الوطن أرضاً نقطن فيها، ومالاً نعيش به، وحقوقاً نكتسبها دون أن نقدم واجباً تجاهها وتجاه كيانها وهو الوطن! وأصبح الوطن مجرد أغنية، وأشعار مصففة، وغبقات رمضانية، وندوات وحدة وطنية أبطالها منابع الطائفية والقبلية!
عولنا على الشباب بأن ينتفض بالجامعة ويكسر تلك المفاهيم التي عظمت الطائفة والقبيلة على الدولة ولكن رأينا الجسد الجامعي وارثاً أمراض أبيه (المجتمع الكويتي) حيث جرثوم الطائفية وفيروس القبلية ينخران به من كل صوب وحدب! وتعددت وسائل النحر، وتفشت الأمراض المصاحبة، وتم هتك عرض قيم المساواة والعدالة والحريات، وتمت إهانة القانون من السلطات والمواطنين والأفراد، ولوثت الديموقراطية وانتشرت ثقافة ازدواجية المبدأ والمواقف حسب الأهواء، وزادت ثقافة العنوان على التفاصيل، وانتصرت ثقافة (التلسيب والرعونة وشقح البيوت) على ثقافة احترام القانون والدستور وتطبيقه، ونجحت ثقافة الصراخ والوعيد والتخوين، ورسبت ثقافة الحوار الموضوعي الهادف، واستبسلت ثقافة تنصيب الولاءات على ثقافة تكريم الكفاءاة والأعمى، والأظلم و«الأوحش» هو تعظيم ثقافة التسامح مع الفساد في أوساط مجتمعنا بالعلن، وأصبحت ثقافة الترضيات والمراضات والتنفيع والرشاوى إسلوباً تدار به دولة القانون!
أبا مرزوق... نحرونا مع الكويت ببسط تلك الثقافات، وبنفخ تلك السلوكيات المدمرة، ولكن سنحيا وسنعيش من جديد، وسننتصر إن حاربنا تلك الظواهر والسلوكيات والثقافات القاتلة بالعلن وبكل وضوح دون خجل أو خوف أو مجاملات أو كلل أو ملل... فالمستقبل في خطر، ولابد من التضحيات، وهناك الكثير من العقلاء والأخيار... والله ولي التوفيق، وشكراً لصراحة وجرأة مقالك.
محمد جوهر حيات
تعليقات