منها التنسيق بين المنبر والتحالف والتيار التقدمي.. أحمد الديين يرصد 3 مستجدات تؤكد عودة الروح إلى القوى السياسية
زاوية الكتابكتب أكتوبر 4, 2011, 1:37 ص 1471 مشاهدات 0
عالم اليوم
عودة الروح إلى القوى السياسية!
كتب أحمد الديين
في ميدان العمل السياسي يمكن رصد ثلاثة مستجدات تستحق التوقف أمامها لما يمكن أن تنطوي عليه من دلالات وما يؤمّل أن يترتب عليها من نتائج... فبعد نحو أربع سنوات من التراجع المؤسف لدور القوى السياسية الكويتية على مختلف توجهاتها وطغيان الطابع الفردي على العمل السياسي والنشاط الانتخابي والممارسة النيابية، هاهي القوى السياسية تستعيد شيئا من دورها المفترض في الحياة السياسية، الذي كان غائبا، حيث عادت إلى تصدّر الحراك الجاري في البلاد، وهذا ما نلحظه في عدد من الفعاليات العامة والمواقف المعلنة.
والمستجد الآخر هو اتفاق القوى السياسية الكويتية من مختلف التوجهات المتباينة فكريا والمتباعدة سياسيا على مواجهة الإفساد السلطوي للمؤسسة النيابية الذي استشرى على نحو غير خطر لا يمكن السكوت عنه... وهناك سوابق يمكن الاستناد إليها في الحياة السياسية الكويتية تؤكد أهمية العمل المشترك بين القوى السياسية ذات التوجهات المختلفة حيث لمسناها في ديوانيات الاثنين خلال العامين 1989 و1990 ولجنة الـ 45 للمطالبة بعودة العمل بالدستور فترة الانقلاب الثاني عليه، ولمسناها كذلك في التحرك من أجل إصلاح النظام الانتخابي في العام 2006، ومثل هذا العمل المشترك يمكن أن يتكرر عندما تبرز قضايا أو مطالب عامة تكون محل توافق واسع، وهذا التوافق لا يعني عدم وجود تناقضات بين القوى السياسية ولا يعني اتفاقها على كل شيء، وإنما هو اتفاق محدد حول قضية محددة تتطلب مثل هذا العمل المشترك... ولعلّ ما اتفقت عليه القوى السياسية الست “حدس” و”المنبر” و”التحالف” والتقدمي” و”الشعبي – حشد” و”السلفية” في الآونة الأخيرة لإقامة ندوات مشتركة حول فضيحة الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من النواب، وكذلك ما تم الاتفاق عليه بين “تجمع نهج” الذي يمثّل تحالف القوى الإسلامية و”كتلة العمل الشعبي” من جهة وقوى الحركة الوطنية ممثلة في “المنبر” و”التحالف” و”التقدمي” من جهة أخرى على إقامة فعالية “أربعاء الأمة تكشف الذمّة” في ساحة الإرادة مساء غد الأربعاء، هي أمثلة ملموسة على هذا المستجد.
أما المستجد الثالث فيتمثّل في التعاون والتنسيق اللذين أصبحا ظاهرين على السطح بين بعض قوى الحركة الوطنية ممثلة في “المنبر الديمقراطي الكويتي” و”التحالف الوطني الديمقراطي” و”التيار التقدمي الكويتي”، حيث اتخذ التعاون والتنسيق أشكالا متنوعة من بينها إصدار بيانات مشتركة وإقامة فعاليات موحدة واتخاذ مواقف متقاربة... ويفترض أنّه لمثل هذا التعاون والتنسيق طابعه الاستراتيجي طويل المدى؛ فهو ليس تعاونا محدودا ومقتصرا على قضية محددة مثلما هي الاتفاقات الوقتية بين القوى السياسية المتباعدة، إذ يفترض أنّ هناك أرضية مشتركة واسعة تجمع هذه القوى ذات التوجهات الوطنية والديمقراطية والتقدمية حول قضايا كثيرة يمكن أن تكون محل توافق، مع محافظة كل طرف من هذه الأطراف على كيانه المستقل وعلى نهجه الفكري الخاص وخطه السياسي الذي يتبناه ويميّزه، إذ إنّ كل حزب أو تجمع سياسي إنما يعبّر عن مصالح طبقة اجتماعية معينة من طبقات المجتمع وهناك أمور واجتهادات وتوجهات ذات طابع اقتصادي أو اجتماعي أو فكري تكون في العادة محل اختلاف وتباين بين هذه الأحزاب والتجمعات، وهذا أمر طبيعي في كل مجتمعات الدنيا... وهنا لابد من ملاحظة أنّ التعاون والتنسيق في صورته الحالية بين هذه الأطراف الوطنية والديمقراطية والتقدمية لا يعني اندماجها في تنظيم أو تجمع سياسي واحد، مثلما كان الأمر في التجارب السابقة التي أدّت إلى اندماجات تنظيمية سرعان ما برزت التناقضات داخلها وتسببت في انشطارها أو احتدام الصراع في صفوفها، وإنما الصيغة الواقعية هي تحقيق التعاون والتنسيق مع احترام التنوّع في الاختيارات والتعدد في التوجهات والحقّ في الاختلاف... ويفترض كذلك أنّ هناك أطرافاً وعناصر وطنية وديمقراطية وتقدمية أخرى غير هذه الأطراف الثلاثة لا يصح استبعادها عن التعاون والتنسيق.
أخيرا، المؤمل أن تمثّل هذه المستجدات الثلاثة بداية تطور حقيقي في الحياة السياسية الكويتية، وألا تكون مجرد عوارض وقتية عابرة سرعان ما تختفي وتزول مع بداية انطلاق الانتخابات النيابية المقبلة سواء جرت في وقتها أو كانت مبكرة!
تعليقات