المقاطع يرى أن تدقيق مصروفات ديوان رئيس الوزراء صار ضرورة ملحّة ومسؤولية وطنية
زاوية الكتابكتب سبتمبر 19, 2011, 12:29 ص 1293 مشاهدات 0
القبس
الديوانية
مصروفات... وأرصدة = جرائم!
كتب محمد عبدالمحسن المقاطع :
قبل أشهر قليلة، كتبت معترضاً ومندّداً بأسلوب الارتجال الذي سارت عليه الحكومة في زيادتها للميزانية العامة للدولة قبل أقل من 48 ساعة على إقرارها بمبلغ مليار وسبعمائة مليون دينار، وقد أوضحت أن تلك الزيادة العشوائية هي واحدة من محاولات نهب المال العام من خلال مصروفات سرية وأخرى مجهّلة وغير معروفة لديوان رئيس مجلس الوزراء أو لغيره من الوزارات أو حتى أطراف في السلطة التنفيذية، وأوضحت أن مبررات هذه الزيادة واهية بعد أن قفزت ميزانية الدولة من 14 مليار دينار في العام الماضي إلى 19.4 ملياراً في العام الحالي، أي بزيادة مقدارها خمسة مليارات وأربعمائة مليون، ضمنها مليار وسبعمائة مليون هي الزيادة المفاجئة والسريعة، بما يؤكد شبهات تحيط بما ستخصص له هذه الزيادات من مصروفات تبذيرية وإثرائية على حساب المال العام!
وكلنا يعلم أن مصروفات ديوان رئيس مجلس الوزراء، التي كانت سبباً في استجوابات متعددة وكذلك الإحالة إلى ديوان المحاسبة، لم يجف حبر التقارير التي كتبت عنها وخطورتها، وأنها لا تمثل إنفاقات مبررة أو مقبولة، ولا يزال الحديث عنها مستمراً حتى هذه اللحظة، واليوم فإن تدقيق مصروفات ديوان رئيس الوزراء ومصروفات البنود السرية في الميزانية والتحويلات التي تتم من قبل وزارة المالية أو الوزارات المختلفة لحسابات سفارات الكويت في الخارج تحت بنود تتّسم بطابع السرية والغموض، صار ضرورة ملحّة ومسؤولية وطنية حتى لا يلحق بالمال العام عبث لا يجوز السكوت عنه، خصوصاً مع ظهور أرصدة نواب مجلس الأمة المليونية بالصورة المفاجئة، التي بدأ الناس يتحدثون عن أن مجموع ما حُوّل إليها يصل إلى ربع مليار دينار (250 مليون دينار كويتي)، منها ما هو محال للنيابة، وآخر تحت الدراسة، وثالث لم يتم التوصل إلى معلومات كافية عنه، فإن ذلك يستتبع حتماً أن نتحدث عن وقوع جرائم بالاعتداء على المال العام وجرائم بالتربح وجرائم باستغلال النفوذ، وهي جميعها جرائم فساد تنال من سمعة من يكون طرفاً فيها، دافعاً أو قابضاً، محرضاً أو متستراً، مسهّلاً أو عالماً، وهي جميعاً جرائم يعاقب عليها القانون بعقوبات جنائية كبيرة.
إن الأرصدة المليونية للنواب، التي بدأت بلاغاتها تصل إلى النيابة العامة استناداً إلى جرائم ترتكب انتهاكاً لقانون غسل الأموال، هي بلاغات غير كافية، كما أنها ليست هي البلاغات الأهم والأخطر في هذه الجرائم المخزية التي تمثل طعناً في الوطن وخيانة أمانة المسؤولية، فهناك جرائم أهم يجب أن تقدم فيها بلاغات إلى النيابة العامة بخصوص هذه الأرصدة المليونية، ومن هذه الجرائم:
1 - جرائم بالتربح من الوظيفة العامة، وهذه الجريمة تنطبق على كل من يكون في وظيفة عامة ويتمكن من التربح مالياً من هذه الوظيفة، وفقاً لما يقرره قانون الجزاء الكويتي، ويدخل في تعريف الموظف العام في تطبيق أحكام هذه الجريمة أعضاء مجلس الأمة ممن يتكسبون مالياً، ويتربحون من خلال وظيفتهم، فيكونون - من ثم - مساءلين جنائياً، وفقاً لأحكام هذه الجريمة.
2 - جريمة استغلال النفوذ، إن إحدى الجرائم التي يعاقب عليها قانون الجزاء الكويتي هي جريمة صاحب المنصب أو الموظف الذي يستغل نفوذه لتحقيق مكسب مالي له أو لغيره، ومن ثم فإن حصول عضو مجلس الأمة على المبالغ المالية وأرصدته المليونية التي جاءت استغلالاً لهذا النفوذ والعضوية النيابية يسري على ذلك حكم هذه الجريمة، ويكون مسؤولاً عنها جنائياً، ما دام ارتكب ذلك، سواء آلت المبالغ إلى حساباته أو لغيره.
وإزاء تحقق عناصر الجرائم السابقة وفقاً لأحكام قانون الجزاء، فإن تقديم البلاغات عنها إلى النيابة العامة، وهي الجرائم الأهم من جريمة غسل الأموال التي قُدّمت بشأنها البلاغات، يصبح تحركاً مطلوباً وواجباً على كل من يستطيع تقديم مثل هذه البلاغات.
اللهم إني بلّغت.
أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع
تعليقات