داعيا للتجمهر بمشرف،
زاوية الكتاببشرحه لاستراتيجية واشنطن الجديدة، الزيد: أمريكا لن تتدخل عسكريا والثورة السورية ستستنزف الكثير من الدماء
كتب أغسطس 9, 2011, 1:16 ص 3295 مشاهدات 0
سلطة سلطة .. حتى الموت !
زايد الزيد
والله إني لأعجب كثيرا ، من الذين لازالوا يأملون خيرا ، من الأنظمة العربية ، في نصرة الشعب السوري ، فيجب أن نعرف ، أن عجزنا كشعوب عربية ، في نصرة الشعب السوري ، بالقدر الذي يصد عنه عدوان نظامه المجرم ، هو ناتج عن سبب جوهري ، وهو أن حكوماتنا ، هي بالأساس لا تمثلنا ، فنحن أي ( الشعوب العربية ) ، ليس لنا أي دور في اختيار حكوماتنا ، هي مفروضة علينا ، كفرض إمارة المتغلب ، أو إمارة الاستيلاء ، كما هو دارج من مصطلحات ، عند فقهاء السياسة الشرعية !
لاحظوا أن حكومات العالم الغربي مثلا ، لا يمكنها أن تتدخل في أي نزاع كان ، ألا بعد أن تأخذ موافقات برلماناتها ، لماذا ؟ ببساطة : لأن تلك الحكومات تمثل شعوبها ، لذلك لابد أن ترجع إليها ، في القرارات المصيرية ، هكذا هي الأمور هناك !
حكوماتنا ، حكومات منطقتنا المنكوبة بالاستبداد والفساد ، تتبع مصالح السلطات التي تمثلها ، فهي نتاج سلطات فئوية ، وليست نتاج سلطات تمثل الشعوب كلها ، ولايهم هنا نوع السلطات التي أنتجت حكوماتنا ، سواء كانت عسكرية أو حزبية أو قبلية ، فكلها سلطات فئوية ، استأثرت بالحكم في ظروف معينة ، ولاتزال تعض عليه بالنواجذ ، ولن تتخلى عنها ، إلا بعد أن تزيحها سلطة أقوى منها !!
لذا ، لاتستغربوا ، صمت حكوماتنا ، عن جرائم النظام في دمشق وتخاذلها ، ولا تقارنوا موقفها هذا ، بمواقفها من نصرة الشعوب الأفغانية والشيشانية والبوسنية ، في العقود الثلاثة الماضية ، فمتطلبات المصلحة الخاصة بها ، كسلطات فئوية ، كانت تفرض عليها ، مثل تلك المواقف ، وليس متطلبات الدين أو الانسانية ، كما يتصور معظمنا ، والمصلحة هنا حتما ، كانت ولاتزال ، مرتبطة بتنفيذ أوامر الدول ، صاحبة الكلمة العليا ، واليد الطولى ، في تلك الأحداث !
بعد الأحداث التي جرت في كل من العراق وأفغانستان ، أي بعد التدخل الأمريكي المباشر ، في كلتا الدولتين ، في القضاء على أنظمتها ، نظام صدام وحركة طالبان ، وبعد الخسائر الفادحة التي مني بها الجيش الأمريكي هناك ، ينصح الاستراتيجيون الأميركيون ، منذ نحو عام ، حكومة الولايات المتحدة ، بعدم التدخل المباشر مجددا ، في إسقاط أي نظام حكم ، مهما كانت الخطورة ، التي يشكلها هذا النظام ، على المصالح العليا للأمريكان ، وقد بدا للجميع ، أن الحكومة الأمريكية ، أخذت تتبع نصائح خبراء الاستراتيجيا ، الذين يذهبون هذا المذهب ، وتجلى هذا المسلك ، في التعامل مع الثورة الليبية ! خبراء الاستراتيجيا هؤلاء ، يعتقدون أن الاسقاط المباشر للأنظمة ، من جانب الأمريكان ، لايجلب لهم سوى الكره والعداء ، ومن ثم تضرر المصالح العظمى للولايات المتحدة ، لذلك ، فهم الآن ، وبعد مقتل أسامة بن لادن مباشرة ، وربما قبله ، فتحوا قنوات الاتصال المباشر مع نظام طالبان في أفغانستان ، ليجعلوه في مواجهة حركة القاعدة ، وفي ليبيا ، جعلوا الثوار الليبيين ، والأوروبيين ، في مواجهة نظام القذافي ، لتعود حروب الوكالة مجددا ، بدلا من الحروب المباشرة !
التحركات الأخيرة المفاجئة ، من جانب دول مجلس التعاون الخليجي ، وتركيا ، تجاه الأحداث في سوريا ، تشكل برأيي حلقة واحدة ، من حلقات الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في العالم ! ولكن يجدر بي أن أشير أيضا ، أن هذا كله لايعنيني ، ولايشغلني ، فما سبق هو تحليل وتوصيف لسياسات ! أما مايؤرقني حاليا ، ويشغل تفكيري ووجداني ، هو ايقاف المجازر الوحشية – بأي وسيلة كانت - التي يتعرض لها الشعب السوري البطل ، الذي تشكل ثورته المجيدة ، حالة فريدة ، لم يشهد لها التاريخ مثيلا حتى الآن ، ثورة سلمية تواجه آلة عسكرية غاشمة ! أعطني ثورة تشابه الثورة السورية ، أسبوعان وتتم ستة أشهر من النضال السلمي الذي يواجه القتل والتعذيب والاعتقال بكل وحشية ، أسبوعان وتتم نصف عام من الصمود الذي لم نعرفه سوى بالأساطير !!
التاريخ كنز المعرفة ، وتراكم الخبرات ، وسجل السنن الكونية ، والتاريخ هو فعلا ، كما يصفه أستاذي الدكتور عبدالله النفيسي ، ليس ' حفلة شاي ' ، لذا أقول بكل ثقة أن التاريخ يخبرنا ، بأن نظام بشار انتهى ، فالمسألة مجرد وقت ، طال أم قصر ، ونأمل ألا يطول ، لكن هي بتقديري تحتاج إلى وقت طويل ، وإلى كثير من الدماء ، هذه أظنها حقيقة ، رغم كونها مؤلمة ، يعتصر لها القلب !!
أعان الله الشعب السوري البطل ، والنصر حليفه بإذن الله ، وموعدنا اليوم ( الثلاثاء ) بعد صلاة التراويح ، أمام سفارة نظام المجرم في مشرف ، بمشيئته ، وهذا أضعف الايمان ..
تعليقات