افتتاحية القبس تصف إنذار خادم الحرمين بـ'البليغ' ، وأن حكم الأسد يزداد تآكلاً وضعفاً

زاوية الكتاب

كتب 994 مشاهدات 0






الإنذار البليغ
 
مضمون الكلمة الموجزة التي وجهها خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى النظام السوري، واضح وضوح الكلام البليغ في دلالته على ما يُقصد في معناه. وإذا أردنا وضع هذا الكلام في سياقه الموضوعي، أمكن القول إنه يؤشر إلى النقطة التي باتت معها دائرة العزلة التي تضيق على نظام بشار الأسد في سوريا، قاب قوسين من أن تتكامل عربياً ودولياً.
ما يميز كلمة الملك عبدالله أنها توضح الحد الفاصل بين المطلوب فعله «الآن» (بما تعنيه كلمة الآن حرفيا)، والفوضى. وبالتالي فهي تقول بين طيات تعابيرها، الحريصة على أصول التخاطب ومسؤولياته، إن الرئيس السوري بات اليوم أمام فرصته الأخيرة.
من المؤكد أن الأسد فهم الرسالة، فهل سيتجاوب معها؟
لا يغامر المتابع في استنتاجه حين يؤكد أن النظام السوري ليس في هذا الوارد، وإلا لكان أوقف آلة حربه الشاملة ضد شعبه منذ لحظة تلقيه الرسالة. فالواضح أن أصحاب القرار في دمشق مستمرون في الزج بكل ما في ترسانة القمع من وسائل قتل وتدمير وترويع.. لقد اتخذ النظام قراره، وحدد خياره: الحسم الأمني للحفاظ على جوهره، بحيث تبقى التنازلات التي عليه أن يقدمها في الحدود الدنيا. وبالتالي، جعل الحل الأمني (إذا خلصنا من الشارع) طريقا وحيدا لاستعادة الاستقرار.
حتى الأمس القريب، ولربما حتى الآن، بقي النظام السوري يراهن على حاجة الغرب ودول المنطقة الفاعلة، بما فيها السعودية وتركيا، إلى دوره الإقليمي، تأمينا للاستقرار أو تخريبا له، وتوظيف هذا الدور في إعادة إنتاج قدرات سلطته وتمتين حكمه. لكن سقوط الرئيس حسني مبارك في مصر قدم البرهان على أن الدور الإقليمي للنظام لم يعد يشكل الحصانة، وأن «عملية إعادة الإنتاج» تقوم على الداخل.
في هذا السياق بعث الغرب برسالة واضحة، كمنت في معنى زيارة السفيرين الأميركي والفرنسي إلى حماة، قبل أسابيع، تقول للنظام السوري: إذا أردت أن تكون جزءا من النظام الإقليمي الذي يتكوّن على أسس جديدة، فعليك أن تفهم أن تحقيق مصلحة الناس هو أساس الاستقرار، وأن ضمان الاستقرار على حساب الناس، الذي بقي القاعدة المعتمدة حتى ما قبل أشهر قليلة، لم يعد مسموحا به.
... أيضا تلك الرسالة فهمها الأسد ولم يستجب لها.
لكنه بذلك لا يحمي حكمه، بل يزيده تآكلاً وضعفاً «لأن كل عاقل عربي ومسلم يدرك (أن ما يفعله النظام) ليس من الدين، ولا من القيم والأخلاق»، وقد تحدث خادم الحرمين باسم هؤلاء جميعاً.
إنه الإنذار البليغ.. ودعم معنوي مستحق إلى الأشقاء في سوريا العروبة والإسلام.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك