صراع الاسرة وتسييس الانتماءات الاجتماعية او المذهبية من بعد التحرير سيضعان الكويت، برأى الفزيع على كف عفريت

زاوية الكتاب

كتب 724 مشاهدات 0



الوطن

بعد 8/2 المرحلة الثانية

المحامي نواف سليمان الفزيع



اجراس ذكرى الغزو الحزينة تقرع اسماعنا من جديد، وتقرع معها تنبيهات كثر على مصيرنا ومستقبلنا وما قد تخبئه لنا الايام من ريح سموم قد تكون الاشد او بهكذا تآلفت هذه الارض مع ظروف المناخ القاسية وظروف مطامع الجيران المستمرة على مدار تاريخنا الصغير.
تسوق لنا ذكرى الغزو حقيقة مؤلمة يجب ان نشد في نقلها لمن يلينا من اجيال ان معركة الكويت كانت وما زالت معركة وجود.
لكننا نقولها - ويا للأسف - ان الكويت تمر بمرحلة من التمزق مامرت على تاريخها من قبل، فان كنا قد برئنا من غزو الخارج فنزيف غزو الداخل مستمر واي نزيف هو؟.
وان كنا قابلين بحقيقة معركتنا كمعركة وجود فكيف لنا ان نقبل بهذا النزيف الداخلي المستمر في نهش الجسد من الداخل؟
اليوم هناك اطراف كثيرة تشجع تموقع الكويتيين خلف انتماءاتهم الطائفية او القبلية او الفئوية.
ولعل هذه الاطراف تمهد لمرحلة يكون بيت الحكم فيها مجرد سلطة ادبية وينتقل الى جموع القبائل والطوائف والفئات.
حقيقية باقي الحكم مستغلين في ذلك خلافات وصراعات داخل مؤسسة الحكم لايختلف عليها اثنان ستكون المهيئ لمساومات المرحلة القادمة.
من سيكون في المستقبل المنتصر الاكبر من هذه الصراعات عليه ان يقبل بتنازل جذري لأنه يعلم ان بديل الاتفاق امله ضعيف بل حتى الاتفاق على غيره امله اضعف.
عندها سيكون لكل فئة في المجتمع، عشائرية، او فئوية، او طائفية، او قبلية، قادرة على تنظيم صفوفها صوت في ادارة البلد لا ككل انما وفقا لتقسيمات جغرافية مرتبطة بتركزها السكاني من جنوب الى وسط الى ساحل حتى شمال الكويت.
هذا التقسيم وهذا التداخل لن يتركه الجيران، وهم يتفرجون بل ان الكل سيكون له موطئ قدم وقصة نفوذ على اعتبارات الجغرافيا الاقرب او الاصول الأقرب.
الموضوع هناك يكون صراع قوى سياسية محلية ذات هوية وطنية وبالتالي سيكون من الصعب استدراجها لتكون وكيلة للجيران بل قوى طائفية عشائرية قبلية قسمت جغرافيا الكويت بما تملك من تركز سكاني وتريد المحافظة على هذا التقسيم او هذه الحصة عبر أي ثمن كان فما المانع لو أني من الخارج؟
الدول العظمى، انتهت وهناك دولة عظمى واحدة والباقية مشغولة بتحديات اقتصادية مرتبطة بتوفير الموارد لتنامي اسكاني متفجر لمواطنيها.
حتى امريكا، وقد نجت من هاوية الافلاس هذه السنة، لانتوقع وعلى ضوء جفاف الموارد الاولية وتأخر تقنية الطاقة البديلة في استحداث حلول جذرية، لانتوقع لها انها ستكون بكامل قوتها لمواجهة او حماية الكويت من التقسيم.
كل ما سيعنيها استمرار التدفق النفطي ولو توزعت الكويت كتوزيعة لبنانية توزعت اقاليمها والحكم الفعلي عليها على الامتداد السكاني لطوائفها ومذاهبها وقبائلها.
في هذا الجانب من العالم علمنا التاريخ ان اي سقط للأنظمة لن يفضي الا لحكم العشائر والقبائل والعوائل والمذاهب لا الاحزاب والقوى السياسية.
في الكويت، تحديداً، ساهمت اطراف في تفكيك حلم اي قوى سياسية وشجعت كل تأجيج طائفي فئوي قبلي غير مدركة انها هي من ستدفع الثمن الاكبر عندما يدب الخلاف بين هذه الاطراف ويندفع الكل منها للمفاوضة والمساومة وعندها سيكون المنتصر الاكبر هو المتنازل الاكبر عن الحصة الاكبر من السلطة.
نخشى ان تنتهي الكويت بالصورة التي نعرفها وتصبح مجرد شكل دولة كما لبنان شكل دولة ولن يحتاج العراق لغزونا فسيأخذ حصته وعلى ما يريد بدون غزو، ولن تحتاج ايران ان تحتوينا فلن يكون لنا قيمة في نظرها كوسيط يمد حبال التهدئة مع السعودية او لغة حوار مطمئنة مع الامريكان او صوت معتدل داخل منظومة دول مجلس التعاون، عندها سنكون كالصوت اللبناني في جامعة الدول العربية صوت لاقيمة له الا عندما تعلو اصوات باقي العرب المتكالبين على النفوذ فيه من الداخل، سنرى حنبلاط قبليا وعون فئويا ونصرالله طائفيا وحريري تاجراً يتنافسون بالوكالة عن دول المحيط على من يمط النفوذ الأكبر.
نفطنا سيكون مجرد صفقات تزويد نار التقسيم بالحطب الكافي.
نخشى ان يتحول الحلم الذي راود العثمانين وبن رشيد والاخوان وصدام والفرس في الكويت الى حقيقة.
كيف نمنع كل ذلك؟ ببساطة يجب ان نواجه المعنيين بخطورة صراعاتهم واختلافاتهم في هذه المرحلة الحساسة والتي نخشى انها ستشكل المرحلة الثانية من الأولى (والتي كانت الغزو) في تفكيك الكويت، المعنيون عاجزون عن الشعور بهذا الخطر الداهم والذي نرى نذره كل يوم في خلافاتهم وقد وصلت مدى بالعلنية وبالفجور لم تصل له من قبل في موازاة دعم منع انصهار المجتمع في وحدة مدنية وتشجيع الطائفة والفئة والقبيلة في سعيها لأن تكون مؤسسات سياسية.
هذان الخطان المتوازيان: صراع الاسرة وتسييس الانتماءات الاجتماعية او المذهبية في تناميهما الواضح واللافت من بعد التحرير سيضعان الكويت على كف عفريت.
ان بقي لأي من المعنيين حياة لاخير فيها ان لم يحاول ان يوقف هذا النزيف قبل ان يوصم بالتاريخ بانه في دور سلبي ازاء هذا السقوط. والزمن كفيل بصحة كلامنا، اللهم انا بلغنا اللهم فاشهد!.

المحامي نواف سليمان الفزيع

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك