'خرائط الجينات' تجارة جديدة، و'التغيرات المناخية' كابوس لا ينتهي
عربي و دولييناير 1, 2008, منتصف الليل 298 مشاهدات 0
توالت الأحداث العلمية خلال العام الجاري 2007 الذي أوشك أن ينقضي، كما زخر بالإنجازات الطبية التي سعت إلى تسليح المختصين في معركة غير متكافئة مع أمراض باتت تقض مضاجع الأصحاء، قلقاً من مستقبل مجهول، علاوة على حرمان ضحاياها من التمتع بالحياة دون ألم.
وخلال العام 2007 حظيت 'التغيرات المناخية' باهتمام متزايد، إذ صدرت العديد من التقارير العلمية التي تحذر من مخاطر إهمال ما يتعرض له كوكب الأرض من تغيرات واضحة في المناخ، والتي تطال أرجاءه المختلفة.
التغيرات المناخية..كابوس لا ينتهي
في الجانب البيئي، احتلت 'التغيرات المناخية' موقع الصدارة على قائمة الموضوعات الساخنة، فقد أثارت صور التقطتها الأقمار الصناعية فزع الخبراء في هذا المجال، حيث أظهرت تراجع مساحة الجليد في المحيط المتجمد الشمالي خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مسجلا انخفاضاً بنسبة 23 في المائة مقارنة مع العام 2005، لتجدد بذلك مخاوف المختصين حيال تغيرات مناخية باتت تهدد الحياة على هذا الكوكب، وتعبث بمصير العديد من سكانه.
من جانب آخر منحت جائزة نوبل للسلام للعام 2007 لـ'آلبرت آل غور'، مرشح الرئاسة الأميركية الأسبق والناشط في مجال التوعية بتأثيرات التغيرات المناخية، وهو صاحب كتاب 'حقيقة غير مريحة'، الذي تناول خطورة تزايد تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري.
وقد منحت له الجائزة بالمناصفة مع اللجنة الدولية للتغير المناخية، برئاسة عالم البيئة الدكتور'راجندرا باشوري'، حيث أصدرت اللجنة العديد من التقارير العلمية التي تستعرض طبيعة التغيرات التي تؤثر في المناخ، كما ضمت اللجنة ضمن عضويتها ما يزيد على ألفي خبير ومختص في مجال التغير المناخي.
ويأتي تكريم 'نوبل' لخبراء ومختصين من هذا المجال، كإشارة على ضرورة أن تحظى قضية التغيرات المناخية باهتمام كاف، مؤكداً على أن لا سلام للبشرية في هذا العالم، دون مصالحة مع كوكب أفسدوا بيئته.
الخلايا الجذعية..منافسة لا تنتهي وآمال لا تتبدد
ضمن السباق المحموم في السعي للتوصل إلى تقنية تمكن من استخدام الخلايا الجذعية بهدف إنتاج خلايا جديدة تساعد على علاج العديد من الأمراض، نجح فريقان مستقلان من الباحثين في كل من اليابان والولايات المتحدة الأميركية، في إنتاج خلايا جذعية من خلايا جلد الإنسان، ما أنعش آمال المختصين بإمكانية الحصول على خلايا جذعية من الجسم، ودون الحاجة للجوء إلى استخدام الخلايا الجنينية لهذا الغرض.
على صعيد آخر، تم منح جائزة نوبل للطب/الفسيولوجي للأميركيين 'أوليفير سميثيز' و'ماريو كابيتشي'، والبريطاني سير 'مارتن إيفانز'، وذلك لنجاحهم في تعديل مورثات محددة عند الفئران، عن طريق استخدام خلايا جذعية جنينية، بغرض توليد فئران تعاني من أمراض مشابهة لتلك التي تصيب الإنسان، حيث يتوقع أن يسهم هذا الإنجاز في إيضاح المزيد حول كيفية حدوث العديد من الأمراض وطرق تطورها، بالإضافة إلى إمكانية رصد استجابتها للعقاقير المختلفة، ما قد يساعد على إيجاد علاج فعال لها في المستقبل.
خرائط الجينات..والتجارة الجديدة
كما شهد العام الحالي بدء مرحلة جديدة في مجال بحوث الوراثة، وذلك بعد تحديد خريطة الجينات الشخصية لاثنين من علماء الوراثة في الولايات المتحدة الأميركية، وهما 'كريج فينتر' و'جايمس واتسن'- وهو من الحائزين على جائزة نوبل للطب /الفسيولوجي في العام 1962 لإسهامه في اكتشاف تركيبة الحمض النووي 'دي.إن.إيه'- مسجلين بذلك صدور أول خريطة جينات شخصية يتم رصدها، وقد تم نشرهما على شبكة الإنترنت حتى يفيد منهما العلماء والباحثين، ليفتح هذا السبق الطريق أمام حقبة جديدة، تبشر بإمكانية تحديد الخريطة البشرية للفرد، ما قد يؤدي إلى نمو 'سوق' جديدة تتعاطى مع تجارة رصد الجينات الوراثية للأفراد مقابل مبالغ مالية ليست بسيطة، والتي ستمكن الفرد من معرفة الأمراض التي ترتفع احتمالية إصابته بها خلال فترة حياته، الأمر الذي قد يهدد بحرمان العديد من الأشخاص في المستقبل من الخدمات الطبية التي تقدمها شركات التأمين، بحسب رأي بعض الخبراء، وذلك في حال حصول الأخيرة على تلك الخرائط.
أحكام قضائية..وقضايا أخلاقية
وفي الجانب القضائي، وبالرغم مما شهدته السنوات السابقة من مساجلات قضائية ارتبطت بقضايا دوائية، كالتي هدفت إلى تعويض مرضى متضررين، أو ما سعى منها إلى إثبات حق جهة ما في احتكار إنتاج أحد العقاقير.
إلا أن العام الحالي شهد أبرز حكم قضائي ارتبط بالأدوية وسلامتها، حيث تم في الصين تنفيذ حكم الإعدام بمدير وكالة ضبط الأغذية والأدوية 'زن زيايو'، بعد إثبات تورطه في قضايا فساد، بحسب مزاعم حكومية، تمثلت في منح تراخيص لعقاقير مزيفة، وأخرى لم يثبت سلامة استخدامها، مقابل 6.49 مليون يوان صيني (وهو ما يعادل 85 ألف دولار أميركي تقريباً) دفعت له كرشاوى من قبل الجهات المصنعة، ما أدى إلى وفاة الكثيرين.
من جانب آخر، أسدل الستار على المشهد الأخير في قضية ما يسمى بأطفال الآيدز المحقونين، بعد سلسلة محاكمات استمرت ثماني سنوات، والتي اتهم فيها فريق طبي بلغاري، تألف من خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني، منح فيما بعد الجنسية البلغارية، بحقن أطفال ليبيين بفيروس الآيدز، كانوا من نزلاء مستشفى الفاتح في بنغازي، حيث تم تخفيف الأحكام الصادرة بحقهم 'للسجن المؤبد'، بعد أن حكم عليهم بالإعدام في وقت سابق.
إلا أن وساطة أوروبية فرنسية نجحت في إطلاق سراحهم، ضمن ما اعتقد أنه صفقة هدفت إلى تحقيق مصالح سياسية، من وجهة نظر بعض المراقبين.
ويشار إلى أن قضية أطفال الإيدز المحقونين أثارت جدلاً واسعا ًفي الأوساط السياسية والمحافل العلمية، كما شكك بعض المختصين في الغرب بعدالة تلك القضية، حيث دافعوا عن أعضاء الفريق الطبي، متهمين تدني مستوى الخدمات الصحية - في المستشفى المذكور- بالتسبب بنشر هذا الوباء الخطير بين الأطفال الضحايا.
العقاقير الخطرة..مسلسل لا ينتهي
وأثار عقار 'أفانديا' الشهير - الذي يحوي مادة 'روزيجليتازن مالييت' والمستخدم في علاج مرضى السكري- قلق المختصين والأطباء، بعد أن أظهرت دراسة نشرت نتائجها من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في أيار/مايو الماضي، احتمالية ارتباطه بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب عند هؤلاء المرضى، ما دفع بالإدارة لمطالبة الجهات المصنعة بوضع إشارة تحذيرية على عبوة الدواء، والتي تشير إلى إمكانية تسببه بألم في الصدر وأزمة قلبية عند المريض.
وعلى الرغم مما يثيره بلوغ النهاية من شجون، إلا أن رحيل 2007 قد ينعش آمال الكثير من الباحثين ببدء عام جديد يحمل لهم نجاحات مستقبلية، ويخفي بين أيامه بشائر عهد جديد يمكنهم من دحر أمراض فتكت بالبشر دون أن يجدوا لها علاجاً ناجعاً.
كما يأمل خبراء أن يمنحهم العام القادم مزيداً من التفاؤل حيال وضع تغيرات المناخ الحرجة، والذي أرّق البشرية لعقود خالية.
تعليقات