قال من أمرك قال من نهاني!

زاوية الكتاب

الزيد: 'أهل الغرفة' مسيطرون على كل المفاصل الاقتصادية رغم انهم غير منتجين، ويعتاشون على ابتزاز الدولة وحلب ضرعها!

كتب 3981 مشاهدات 0

غرفة التجارة والصناعة

' قال : من آمرك ؟ قال : من نهاني ؟ '


زايد الزيد

نشر في الجريدة الرسمية ' الكويت اليوم ' ، في عددها الصادر يوم أمس الأول ( الأحد ) ، قرار مجلس الوزراء ، القاضي بتشكيل لجنة سوق الكويت للأوراق المالية ، وعدد أعضائها عشرة ، عدا وزير التجارة رئيس اللجنة ، ولاحظت أن ثلاثة من العشرة يمثلون غرفة تجارة وصناعة الكويت !

و' الغرفة ' ، لها ممثلين عنها في المجلس الأعلى للبترول ، وفي الهيئة العامة للاستثمار ، وفي الهيئة العامة للصناعة ، وفي مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ، وفي المجلس الأعلى للتخطيط ، والبنك الصناعي ، والتأمينات الاجتماعية ، كما أن لها ممثلين في كل اللجان الثقيلة بوزارة التجارة ، ولها أيضا ممثلين في كل لجنة لها علاقة بالأموال العامة وبأملاك الدولة وأراضيها ، والسبب طبعا معروف ، ف ' أهل الغرفة ' يجب أن يكونوا دائما قريبين من ' الشيرة ' !!

طبعا بعض هذه العضويات ، ' منصوص ' على وجوبها في قوانين بعض تلك الجهات ، وبعضها أخذه ' أهل الغرفة ' بالقوة ، ومع مرور الزمن سموا فعلهم هذا 'عرفا ' ، والعرف – طبعا وفي هذه الحالة تجديدا لأنها تخص ' أهل الغرفة '- له قوة القانون !!

المفارقة العجيبة هنا ، أن الغرفة ليس لها قانون ، ومع ذلك يرد ذكرها في أكثر من قانون ! وحتى لو اعتبرنا أن النظام الأساسي ل ' لغرفة ' الذي نشر في الجريدة الرسمية قبل الاستقلال ، ولم يصدق عليه الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم ، ولم يعدل في المرحلة الدستورية لاحقا ، لو اعتبرنا –رغم كل ذلك - أن هذا النظام هو بمثابة قانون ، فإن ماهو موجود اليوم ، من نصوص لهذا ' القانون ' ، أمر مختلف تماما عما هو منشور في الخمسينيات في الجريدة الرسمية ! والكارثة أن أحدا لم يتطوع من ' أهل الغرفة ' ، بالإجابة حتى اللحظة ، عن الأسئلة الجوهرية التالية : من الذي عدل هذه النصوص ؟ وكيف عدلها ؟ ومتى ؟!

على العموم ، هذا موضوع يطول بحثه ، فلنعد لعضوية ' أهل الغرفة ' ، في المجالس العليا والهيئات واللجان ، التي تسيطر على مناشط الحياة التجارية والصناعية والاستثمارية في الكويت كلها ، حيث لم يبق إلا أن يشتركوا في المجلس الأعلى للدفاع ! صبرا لاتفرحون ، صحيح أن ' أهل الغرفة ' لم تكن لهم عضوية ' مباشرة ' في المجلس الأعلى للدفاع ، لكن واقع صفقات التسليح الفاسدة ، تكشف بوضوح أن لهم تمثيل ' غير مباشر ' في المجلس ، واللبيب بالاشارة يفهم !

وأتسائل : لقد ظل ' أهل الغرفة ' سنين طويلة يتحدثون عن أهمية سيادة القانون ، ووجوب توافر الشفافية بالذات في الأنشطة المالية ، ولكن حينما نبّه النائب الدكتور حسن جوهر لمسألة عدم تمتع ' الغرفة ' بقانون ، يغطي – على الأقل - عملية تحصيلها للأموال ، من الأعضاء ، لمجرد أن قام د جوهر بالتنبيه فقط ، ثارت ثائرتهم ، إلى درجة شككوا فيها حتى بوطنيته ( كنت كتبت مقالا في حينه عن الموضوع بعنوان : ' حسن جوهر .. كان وطنيا وأصبح متآمرا ' ) ! أما إثارة قضية المحفظة ، ذات الخمسين مليون دينار ، التي لايعرف أحد غير القلة من ' أهل الغرفة ' ، عن طريقة التصرف بها ، فإن مجرد إثارة هذا الأمر ، اعتبر بمثابة المساس ب ' خطوط حمراء ' صنعوها حولهم ، فكيف لعامة الشعب حتى لو كانوا نوابا يمثلون الأمة يسألون ' أهل الغرفة ' عن السند القانوني الذي أباح لهم جمع الأموال ، فضلا عن السؤال عن مصيرها وكيفية التصرف بها ؟ بينما ' أهل الغرفة ' ظلوا لسنوات طويلة يحاربون الجمعيات الخيرية - وحتى الشرعي منها الذي يستظل بقانون - لأنها تجمع الأموال من دون رقابة الدولة ، وكنا نشهد في أشهر رمضان الكريم من كل عام ، عمليات التحريض العلني للدولة على تلك الجمعيات !! ولم يضعوا أدنى اعتبار لمسألة المساس بسمعة القائمين على تلك الجمعيات ، وسمعة أسرهم وأهليهم ، في كل حملات التشكيك والتخوين ، التي كانت تمارس من جانب ' أهل الغرفة ' ، ضد هؤلاء ، لمجرد وجود خصومات سياسية مع تلك الجمعيات !!

ياجماعة الخير ، إن الجمعيات المهنية مثل المحامين والمعلمين والمهندسين ، رغم وجودها الشرعي والقانوني ، فإن الدولة تتجاهلها حتى في اللجان ذات العلاقة بأعمالها ! هذا وضع شائن وغير سليم ، ويضر بالدولة والمجتمع ، فأن ' تتفرعن ' غرفة غير شرعية لمجرد أن أهلها من ذوي الأموال المكدسة ، التي لم تجمّع بهذا الشكل المقزز من الثراء الباذخ والفاحش ، إلا من خلال ضعف الدولة ورضوخها لهم ، وتواطيء بعض كبار المسؤولين في الحكومات المتعاقبة مع ' أهل الغرفة ' ، ماأدى إلى استباحتهم لمقدرات الدولة وأموالها ، وهم في سبيلهم اليوم للدوس على كرامات الناس واهانتهم ، وماتصرفات شركات الهواتف النقالة وشركات الانترنت ، وماتصرفاتهم في الاستحواذ والفساد من خلال عضوياتهم في هيئات الاستثمار والصناعة والبنك الصناعي وغيرها إلا دليل ساطع على سلوكياتهم الشائنة الآخذة في التصاعد !

ووالله لوكان ' أهل الغرفة ' يمثلون قطاعا خاصا منتجا وتنمويا ، يشغل أبنائنا ، وتستفيد الدولة من الضرائب التي يمولون بها خزينتها ، لقلنا على الرحب والسعة ، ولكنهم رأسماليون متوحشون إذا انتعشت حالتهم المالية فلايريدون حينها أي تدخل من الدولة ، بينما ينقلبون إلى ماركسيون متعصبون ، إذا انهارت اقتصادياتهم ويدفعون الدولة لضح الأموال العامة لانقاذ ملكياتهم الخاصة !!

.. فهل من متعظ ؟

النهار مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك