غابات الكويت
زاوية الكتاببانتهاء عصر الطاقة النووية، وأفول النفط، لا بديل عن الشمس
كتب يونيو 28, 2011, 10:30 ص 5180 مشاهدات 0
خص المهندس عادل العميري بمقال تناول 'غابات الكويت'، مشيرا إلى انه بمجرد أفول النفط وإنتهاء عصر الطاقة النووية، لا بديل عن الشمس، نص المقال أدناه، والتعليق لكم:
لا يوجد ركاب على سفينة الأرض, نحن جميعا طاقمها' ~مارشال مكلين ١٩٦٤
كأني أرى ضحكة ساخرة تعلو وجه من يقرأ العنوان, فكيف لصحاري جافة في بيئة حارة ذات أمطار شحيحة أن تتحول لغابات؟ لماذا لا؟ فالطاقة الشمسية قادرة على صنع ما لا يتوقعه أشدنا تفاؤلاً.
الطاقة الشمسية لك أن تتخيلها كرجل يرميك بأحجار من ذهب فإما أن تشتكي وتتذمر أو تجمع فستثمر!.
من خلال الدراسة التي قمت بها اتضح لي أن الكويت التي تنتج في اليوم 2,5 مليون برميل من النفط تستقبل في اليوم نفسه طاقة شمسية تعادل 73 مليون برميل من النفط أي 7.3 مليار دولار في اليوم لا يكفينا إلا 1% منها فقط, فهل نستطيع استخلاصه؟
الجزيرة العربية هي ثالث أغنى المواقع في العالم في الطاقة الشمسية بعد شمال أفريقيا وجنوب غرب الولايات المتحدة الأمريكية. وقليل من الطاقة الشمسية التي تستقبلها أرض الكويت كفيلة بإغراق صحاري الكويت بمياه صالحة للزراعة. ولكن السؤال الذي يظل عالقا هو كم هي التكلفة الإنشائية والتشغيلية والصيانة وغيرها لهذه المشاريع؟
إنني هنا لا أتحدث عن الخلايا الشمسية فالخلايا الشمسية وإن كانت مجدية إلا أنها مكلفة وتلجأ إليها دول فقيرة في الطاقة الشمسية الحرارية كألمانيا وفرنسا واليابان. وكثير من الدول النامية تخطئ في فهم هويتها البيئية وتستخدم تطبيقات للطاقة المتجددة لا تكون مجدية بأراضيها وتذهب ضحية لشركات لا تهتم إلا بتسويق بضاعتها.
ولكن المجدي لأراضينا هي محطات المُجمعات الشمسية الحرارية CSP ذات التكلفة المنخفضة نسبيا والإنتاجية العالية. فلا يوجد أي تعقيد في إنشائها حيث تشكل المرايا ما نسبته 95% من مساحة المحطة. واذا تم استخدامها لتحلية مياه البحر فسنكون قد وفرنا جزءاً كبيرا من تكلفتها الإنشائية وهو الجزء الخاص بإنتاج الكهرباء.
جميع الدول التي تتمتع أراضيها بطاقة شمسية عالية بدأت في العقد الماضي بإنشاء تلك المحطات لإنتاج الكهرباء وهي لا تزال في سباق عنيف لزيادة عددها, فإسبانيا مثلا رغم أن مترها المربع يستقبل ما يقارب 70% من الطاقة التي يستقبلها متر الكويت المربع أنشأت أول محطة ( CSP) في عام 2007م والآن تحتضن أراضيها 18 محطة تعمل و19 محطة قيد الإنشاء و25 محطة في طور التخطيط وهذا العدد في 4 سنوات فقط لا يعكس إلا الكنوز التي اكتشفوها في هذا النوع من المحطات, وهذا ما جعل باقي دول أوربا تحسد إسبانيا. والجدير بالذكر أن أوربا تخطط الآن لاستغلال أراضي شمال أفريقيا للاستفادة منها في إنتاج الكهرباء وتصديرها لأوربا, بل وتم بناء بعضاً منها بهدف ظاهر وهو المساعدة وهدف باطن وهو استكمال البيانات اللازمة.
أما في منطقة الشرق الأوسط, فاسرائيل هي الرائدة والقائدة في المنطقة بثلاث محطات ( CSP )قيد الإنشاء. تليها الإمارات بمحطة واحدة ( شمس 1 ) في مدينة مصدر وتقوم إيران أيضا ببناء محطة واحدة. والكويت التي تمتلك 3 مليارات كتعويضات بيئية عاجزة حتى عن التفكير بها أو دراستها.
ربما لا نحتاج إلى كهرباء لأن الغاز المصاحب للنفط والذي لا يمكن تصديره سيتكفل بإنتاج الكهرباء. ولكن ماذا عن تحلية وإنتاج ماء صالح للزراعة؟ علما بأن محطة واحدة بمساحة 1 كم2 عبارة عن مرايا مُجمعة تستطيع إنتاج في اليوم الواحد ما يقارب 36 مليون جالون من الماء العذب أو 60 مليون من الماء القليل الملوحة الصالح للزراعة وهو بحسب أرقام الهيئة العامة للزراعة قادر على زراعة 300 كم2 من الصحراء.
وما أتمناه شخصيا هو إنشاؤها بنظام وقود مزدوج ( Hybrid) أي طاقة شمسية في النهار وغاز في الليل حيث ستتضاعف الكمية وتتضاعف معها الزراعة. وبالإمكان أيضا استخدامها لإنتاج الكهرباء والماء معا. فهذا النوع من المحطات يتوافق مع بيئتنا بصورة فريدة. يقل إنتاجها في الشتاء مع انخفاض الاستهلاك للماء والكهرباء ويزداد إنتاجها في الصيف مع زيادة الاستهلاك للماء والكهرباء. بل إن التسخين المبدئي نتيجة ارتفاع درجة الحرارة في الصيف هو أهم ما يميز دولة الكويت.
وحتى تتضح قدرة هذا النوع من المحطات في إنتاج الكهرباء, فمحطة واحدة ضخمة بحجم مساحة بريطانيا توضع في الجزائر تكفي لتغذية جميع سكان الأرض بالكهرباء.
ويحضرني قول أحد المسؤولين في إسبانيا ( كلما أنشأنا محطة من هذا النوع نكتشف كم نحن أغبياء, أغبياء لأننا تأخرنا في إنشائها). فماذا سيقول لو أنه رأى دولة غنية في الطاقة الشمسية ولم تفكر حتى الآن في إنشائها؟.
ما الذي ستخسره الكويت اذا كانت الشمس هي من ستقوم بهذا الجهد اليومي لعشرات السنين. الخسارة هي في الإنشاء فقط مع قليل من الصيانة ولن تتعدى تكلفتها الإنشائية حجم الخسائر الناتجة عن العواصف الرملية لخمس سنوات.
وحتى لا أبالغ في التفاؤل وأسبح معكم في الخيال. فهناك تحديات وصعوبات كأي مشروع آخر يتجاوزها الناجحون ويستعظمها ويستسلم أمامها الفاشلون. وهذه التحديات تتجسد في المشاريع التكاملية المرافقة كتمديد أنابيب لنقل مياه البحر لتلك المحطات في الصحراء وشبكات الري وغيرها من مسلتزمات الزراعة. ويتجلى التحدي الأكبر في التصرف في الماء الشديد الملوحة الناتج من التحلية ( Brine) فإما أن يعاد إلى البحر أو يتم التخلص منه في الصحراء بصورة لا تؤثر على المياه الجوفية أو قتل النباتات البرية. ولا يتسع المجال هنا للخوض في تفاصيل الدراسة ولكن هي مبادئ عامة بسيطة الفهم. فالشمس قادرة على إنتاج مليارات الأمتار المكعبة من الماء الصالح للزراعة والآلية محدودة التكاليف وضمن إمكانيتنا ومتى ما توفر الماء الصالح للزراعة بكميات هائلة وبصورة مستمرة سيكون بالإمكان زراعة جميع صحاري الكويت وستقل نسبة العواصف الرملية إلى النصف تقريبا وتنخفض درجات الحرارة وسنتنفس هواءً نقيا وستزدهر الزراعة والثروة الحيوانية وتلحق السياحة بركبهم. بل وسنرى بحيرات وأنهار صناعية أيضا ونحافظ على مخزون المياه الجوفية. ناهيك عن الإرتقاء باسم الكويت بيئياً وتكنولوجياً ويتحقق جميع ذلك إذا استطعنا أن نصافح شمسنا بصورة تليق بمكانتها.
م. عادل العميري
تعليقات