ماحصل في مصر يقترب منا في الكويت.. د. علي الطراح يدعو لتشييد مجتمع مؤسسات وليس حارات خاصة

زاوية الكتاب

كتب 885 مشاهدات 0


 

مجتمع جديد أو الكارثة


كلما أحاول البعد عن السياسة كلما اجدها تطرق بابي من جديد، ففي لحظات انبهار لما يحدث في المشهد الكويتي وما يحمله من قنابل موقوتة يخفق القلب معها خوفا على هذا الوطن الكبير بتراثه الديموقراطي الذي أورثنا اياه الآباء والاجداد، فأجد الالم يخترق النفس لأن ما يتعرض له وطننا اليوم ما هو الا محاولة لجره لمعارك وهمية تقوم على الشحن العاطفي وعلى النفاق والبعث السياسي. شعرت بالمرارة فقلت دعني اسحب كتاباً لعله يسليني ويبعدني عن هم السياسة واذا به كتاب للكاتب والمفكر الكبير زكي نجيب محمود استاذ الفلسفة في جامعة القاهرة بعنوان: «مجتمع جديد او الكارثة». فما حدث بمصر هو مثال يجب التنبيه له، فالكارثة حلت بمصر الغالية وكان تفشي الفساد وراءها، فالفساد كان ظاهرا وبَيٍنّاً للناس وادى الى دمار النفوس والسلوك والعقول واخترق كافة الشرائح الاجتماعية وخلق له الركائز الصلبة التي يصعب مقاومتها، فالشبابيك متماسكة واصحابها يسعون للحفاظ عليها.
زكي نجيب كان ينشد المجتمع الجديد ليجنبنا الكارثة ولكن وكالعادة نحن لا نؤمن فيما يكتب ولا نعير الاهتمام للمفكرين ولا نسترجع دروس التاريخ، فهذه هي تربيتنا التي عودتنا على الهروب والخوف من المواجهة مع الواقع المعاش. فياترى ماذا كان يقصد نجيب بمجتمعه الجديد؟ المفكر زكي نجيب محمود كان يرى الانقاذ بمجتمع يحكمه القانون ويتساوى فيه الناس وتسود فيه فكرة المواطنة التي تجمع شرائح المجتمع بخلافاتهم وتنوعاتهم الفكرية والدينية والطائفية. فكان ينشد المجتمع الذي يبعد عنا شر الفتن والخراب الاجتماعي، وهو المجتمع الذي لا يفرق بين مواطن وآخر الا بقدر عطائه لبلده. انه المجتمع الذي يؤمن بحق الجميع ويقدس حرية الانسان ويحمي حقوقه ويمنحه الامن والامان. فكيف يتحقق لنا ذلك وبالامس مصر الحضارة يتقاتل فيها ابناء الوطن الواحد تحت راية انا مسلم وانت مسيحي ويقتل الكثير ويدمر المجتمع بقواه الداخلية، ويغيب العقل المستنير لينبه لخطورة ما يحدث لمصر الحبيبة. المجتمع الذي يجب ان يشيد هو مجتمع المؤسسات وليس الحارات الخاصة فهو مجتمع الدولة الواعية لمصالح مواطنيها.
المثال يقترب منا في الكويت ولعلنا نستذكر دروس التاريخ ونشعر بمرارة ما يحدث خوفا على نسيجنا الاجتماعي وحفاظا على سلامتنا الوطنية، فالتشدق بالالفاظ بغير فعل حقيقي لن يجنبنا الكارثة. وانا اكتب تذكرت ذلك الحكيم الكبير محمد عبده الذي دعا لتحكيم العقل عندما كان يرى فيه الحياة، فهو من قال: «اننا نريدها ثورة فكرية تلوي اعناقنا لتشد ابصارنا الى المستقبل بعد ان كانت مشدودة الى الماضي». فاليوم نحن نعيش ازمة في مشهدنا الكويتي وهي ازمة كبيرة تعيق تطورنا الديموقراطي، فالديموقراطية ليست بثأر سياسي او ضغينة خاصة يحملها البعض منا ضد الآخر وينفذها تحت راية الديموقراطية، فأي ديموقراطية التي تحكمنا اليوم وهي تحمل اجندات خاصة وتنساق نحو الثأر السياسي والشخصي. فدعونا نحكم العقل ونحتكم له ونفكر بمستقبل الكويت الوطن الكبير بمحبته، ودعونا نشحن الطاقات نحو حكم القانون ودولة المؤسسات ونهتدي بكلمات صاحب السمو امير البلاد الذي كرر مرارا دعوته للحفاظ على وحدتنا الوطنية.
وعلى المحبة نلتقي،،،

د. علي أحمد الطراح

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك