أحمد الديين يبدي استياءه من واقعنا السياسي المختل بحكومة 'الشيوخ' الدائمة، والمقررة، ومجلس وزراء تنفيذي !!
زاوية الكتابكتب إبريل 11, 2011, 1:01 ص 2103 مشاهدات 0
حكومة الشيوخ... ومجلس الوزراء!
كتب احمد الديين
توقفت طويلا أمام العنوان الرئيسي المتصدر الصفحة الأولى لعدد يوم أمس “الشيوخ باقون... والبقية متغيرون” لما يحمله هذا العنوان من دلالة سياسية ذات مغزى كبير تلخّص أحد أهم جوانب المشهد السياسي الكويتي المختل، بما يتجاوز حدود الجانب الخبري الذي حاول عنوان الصحيفة إبرازه!
إذ إنّه على أرض الواقع، وبعيدا عن الدستور وما يقرره من أنّ مجلس الوزراء هو المهيمن على مصالح الدولة والراسم للسياسة العامة للحكومة والمتابع لتنفيذها، وكذلك بمعزل عما قررته المذكرة التفسيرية استثناءً عن “جواز تعيين أعضاء الأسرة الحاكمة وزراء من خارج مجلس الأمة، وهذا هو الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم”، وخلافا لما كان يفترض أن يتطور إليه نظامنا الدستوري من ديمقراطية الحدّ الأدنى إلى ديمقراطية مكتملة بعد انقضاء نحو نصف قرن على تأسيس الدولة الكويتية الحديثة وذلك بالانتقال من الطريق الوسط بين النظامين البرلماني والرئاسي إلى استكمال متطلبات النظام البرلماني، بعيدا عن ذلك كله وبمعزل عنه وعلى خلافه، فإنّ هناك واقعا سياسيا قائما مغاير تماما لما سبق... فلدينا حكومة مقررة تضم الرئيس ونوابه والوزراء من الشيوخ، ولدينا مجلس تنفيذي للوزراء محدود الصلاحيات... وبدلا من أن يكون الاستثناء الدستوري هو جواز تعيين أعضاء الأسرة الحاكمة وزراء من خارج مجلس الأمة بوصفه الطريق الوحيد لمشاركتهم في الحكم، لأنّ نظام الحكم في الكويت ديمقراطي السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعا، مثلما تنصّ على ذلك المادة السادسة من الدستور، فإنّ الواقع السياسي القائم يقرر على خلاف ذلك تحويل الاستثناء إلى قاعدة وجعل القاعدة استثناء، بحيث أصبح الواقع الفعلي هو “جواز تعيين النواب والمواطنين الكويتيين من غير الشيوخ بوصفه الطريق الوحيد أمام مشاركتهم في الحكم” وليس العكس... وفي هذا السياق فإنّ هناك احتكارا ليس لمنصب رئاسة مجلس الوزراء، وإنما احتكار لحقائب ما يُسمى وزارات السيادة من دفاع وداخلية وخارجية، وكأنّه ليس بين المواطنين الكويتيين مَنْ يستحق الثقة به وليس فقط مَن يمتلك الكفاءة العسكرية أو الأمنية أو الدبلوماسية ناهيك عن الكفاءة السياسية ليتولى مثل هذه الحقائب الوزارية المحتكرة للشيوخ والمحرّمة على المواطنين الكويتيين... ويضاف إلى هذا أنّ أربعة من نواب رئيس مجلس الوزراء الخمسة هم من الشيوخ، على خلاف ما كان مقصودا عندما تمّ التوسع في تسمية أكثر من نائب لرئيس مجلس الوزراء بعد عودة العمل بالدستور عقب التحرير يكون أحدهما من الشيوخ والآخر من المواطنين!
والمفارقة أننا عندما نعود إلى ملابسات استقالة الحكومة الأخيرة سنجد أنّ الوزراء المستجوبين كانوا ثلاثة من الشيوخ، ومع ذلك فإنّ عودتهم إلى مناصبهم الوزارية، بل مواقعهم القيادية مقررة مسبقا، فيما سيطاول التغيير الوزراء من غير الشيوخ مع أنّهم من غير المستجوبين... وكذلك فإننا عندما نعود إلى اللقاءات التي قررت استقالة الحكومة سنجد أنّ أيًّا من الوزراء غير الشيوخ لم يشارك فيها، فيما تمّ الاكتفاء بإبلاغ مجلس الوزراء التنفيذي بقرار استقالة الحكومة في الاجتماع العاجل في قصر الشويخ الذي أعقب اجتماع الحكومة المقررة والباقية!
هذا هو واقعنا السياسي حكومة الشيوخ الدائمة والمقررة ومجلس الوزراء التنفيذي، أو بالأحرى هذا مجرد جانب مشوّه من واقعنا السياسي المختل في ظل نهج الانفراد السلطوي بالقرار، وهو نهج لا صلة له بأحكام الدستور، ولم يعد مقبولا استمراره بعد نصف قرن من بدء العمل بالدستور.
تعليقات