الديين عن المحافظ المليارية الإستثمارية:

زاوية الكتاب

لنتوقف عن التكرار كالببغاوات بالحديث الكاذب عن فضائلها

كتب 2372 مشاهدات 0



محفظتا التنفيع والتضليل الطبقي! 
 
كتب احمد الديين

من السهل أن ينخدع المواطن الكويتي البسيط بما يُروّج له هذه الأيام عن الأهداف التنموية النبيلة لإطلاق الهيئة العامة للاستثمار المحفظة العقارية الأخيرة، التي ستوفر السيولة للمشاريع والشركات المتعثرة في قطاع العقار... وكذلك من السهل أن ينخدع هذا المواطن الكويتي البسيط بما يجري ترويجه عن الايجابيات الاقتصادية الهائلة التي ستتحقق في حال إطلاق محفظة أخرى مرتقبة لشراء الأصول، وفق ما نشرته صحيفة “القبس” يوم أمس الأول بهدف “معالجة أوضاع شركات متعثرة لكنها تملك أصولا لا تستطيع مقابلها الحصول على تمويل” بحيث يمكن “شراء هذه الأصول بنظام REPO أي مع خيار الاستعادة من قبل الشركة مالكة الأصل بعد سنوات معينة”!
والغريب في الأمر أنّ الترويج لهاتين المحفظتين الممولتين بالكامل من المال العام، أي من الدولة، لشراء الأصول العقارية وغيرها، بمعنى تملّك الدولة لهذه الأصول المملوكة الآن للقطاع الخاص، وتوسيع نطاق تدخلّها المرفوض سابقا والمرغوب حاليا في الاقتصاد، يتمّ من دون أن ترّف أجفان رعاته ودعاته ومروجيه من أصحاب المصالح الكبرى وأتباعهم بعد كل ما سبق أن روجوا له من تنظيرات حول ضرورة تخلي الدولة عن دورها الاقتصادي وتقليصه إلى أدنى حدٍّ ممكن، وبعد كل ما أتحفونا به من دعايات ترويجية للخصخصة وفوائدها الجمّة، حيث لحسوا ذلك كله وأصبحوا الآن بين ليلة وضحاها دعاة تأميم؛ وأنصار تدخل الدولة في الاقتصاد وضرورة شرائها الأصول المملوكة للشركات المتعثرة... وبالطبع فإنّ هذا التحوّل لا علاقة له بالقناعات الفكرية ولا بالانتقال من التوجهات النيوليبرالية إلى التوجهات الاشتراكية، وإنما له علاقة بتبدّل مصالح أصحاب رؤوس الأموال، الذين كانت شهيتهم مفتوحة للاستيلاء على مؤسسات القطاع العام فكانت دعوتهم السابقة للخصخصة، أما اليوم وبعد أن تفاقمت أزمتهم فإنهم يبحثون عن التمويل وتسييل الأصول مؤقتا أو تحريرها من الرهونات لدى البنوك، ولذا فإنّهم لا يجدون أدنى غضاضة في الانتقال من النقيض إلى النقيض بحيث أصبحوا الآن يدعون إلى تدخل الدولة في الاقتصاد وإنشاء محافظ تموّلها الدولة لشراء الأصول العقارية وغيرها التي يمتلكها القطاع الخاص إلى حين خروجه من أزمته وتجاوزه عثرته... وهذا ما سبق أن فعله بعض هؤلاء وأسلافهم وروجوه ودعوا إليه في أعقاب أزمة الأسهم في 1976، وبعد أزمة المناخ في بداية الثمانينات، ومن الطبيعي أن يلجؤوا إليه الآن، وسيكررونه مستقبلا وفق الحاجة والظروف!
وفي هذا السياق، علينا ألا نستغرب خفوت صوت “مجموعة الـ 26” الذي كان مرتفعا يصمّ الآذان ضد أي زيادة مستحقة للرواتب ولمعارضة أي استجابة للمطالبة بالكوادر الوظيفية تحت ذريعة رفض تبديد المال العام وهدره، فلهذه المجموعة منظورها المنحاز طبقيا ضد الفئات الشعبية محدودة الدخل والمتفهّم لمصالح كبار أصحاب المصالح، الذي يوجب صمتها تجاه هذا الهدر المحبب للمال العام!
وفي هذا السياق، علينا أن نتوقف عن وصف هاتين المحفظتين وأشباههما من المحافظ المموّلة من الدولة بأنّها محافظ تنفيع، مثلما هي فعلا وواقعا، بل علينا أن نكرر كالببغاوات الحديث الكاذب عن فضائل هذه المحافظ ودورها الاقتصادي النافع... وأما مَنْ يعترض على الطابع الطفيلي للقطاع الخاص، ومَنْ يتحفظ على التوزيع غير العادل للدخل والثروة الوطنية، ومَنْ يتحدث عن اتساع الفوارق الطبقية في المجتمع الكويتي وعن تمركز رأس المال والثروة في أيدي طبقة محدودة، ومَنْ يطالب القطاع الخاص بأن يتحمّل تبعات اختياراته الاقتصادية، فهو بالتأكيد شيوعي حاقد أو شعبوي حاسد...!
 

عالم اليوم - مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك