ما يجري في ليبيا شيء، وما يجري في عُمان والبحرين شيء آخر برأي فيصل الزامل ؟!

زاوية الكتاب

كتب 2085 مشاهدات 0


ليبيا شيء... وعمان والبحرين شيء آخر 
 
السبت 5 مارس 2011 - الأنباء 
 
 العاصفة التي تجتاح الشرق الأوسط قد تكون نافعة أو ضارة بحسب أسلوب تعامل الناس معها، فقد تساقطت الأنظمة الشيوعية في وسط آسيا إلا أن النتائج تفاوتت، فمنها من تغير إلى الأفضل، ومنها من زاد سوءا، مثل قرقيزيا، وإذا نظرت إلى تونس التي تشكل فيها الإعصار ومنها انطلق، فالوضع السياسي فيها لايزال في مخاض يصعب توقع نتائجه، ما يتطلب التروي قليلا رغم الاتفاق على أن زوال الأنظمة الفاسدة ـ وأبشعها القذافي ـ أمر لا خلاف عليه.

الخيار الذي يقترب في تونس هو سيطرة الجيش لحفظ الأمن ومنع الفوضى، علما أن الجيوش ليست مجهزة لحفظ الأمن كالشرطة، ولا حتى للدفاع عن النظام كالقوات الخاصة، فأسلحتها الميدانية موجهة للذود عن الدولة ضد العدوان الخارجي، الأمر الذي اضطر المواطنين في مصر إلى الدفاع عن أحيائهم السكنية بأنفسهم لفترة من الزمن ربما لم تنته بعد، والجيش أيضا ليس مهيأ لإدارة الحوار السياسي كما يفعل الآن في مصر، فحماية الدولة شيء، وإعادة بنائها شيء آخر، وإذا تأخرت الخطوات المستحقة في تشكيل حكومة وحدة وطنية في أي من تلك الدول بسبب تشويش إعلامي ـ لا تدري من يقف وراءه ـ فقد تدخل بعض الدول في النموذج الصومالي الذي اختفت فيه الدولة ككيان لأكثر من خمس عشرة سنة، ولاتزال.

إن حال دول المنطقة يشبه وضع عدد من المرضى الذين تتفاوت وصفة الأطباء لهم بحسب الحالة، فمنهم من تتطلب حالته إجراء عملية جراحية فورية قبل أن تنفجر الزائدة الدودية في بطنه، وآخر يحتاج إلى علاج طبيعي من الديسك، في حين يتطلب علاج مريض دسك آخر عملية جراحية في الظهر.. الخ، لا يمكن تعميم وصفة العلاج على دول المنطقة بأسلوب وبائي، فالعملية الجراحية لشخص لا يحتاجها بقدر حاجته الى علاج طبيعي، هذه العملية قد تضر بالمريض وتفقده ميزات في جسمه بسبب خطورة العلاج المبني على تشخيص خاطئ.

القاسم المشترك الذي فجر الأوضاع في دول الشرق الأوسط هو الوضع الاقتصادي، ثم الانفجار على أنظمة حكم برمتها، ولكن هل تستحق سلطنة عمان مثل هذا الانفجار وهي التي قال لي عنها مواطن عماني: «قابوس عزنا، وين كنا قبله ووين صرنا؟».. أزمة البطالة في عمان ليست خاصة بها، فهي مشكلة عالمية، والمطلوب هو الإسراع في علاجها، وليس إسقاط النظام الذي يشرف على علاجها، وفي البحرين هناك مطالب مزدوجة، اقتصادية وسياسية، وهي ليست بعيدة عن عمان في التقدم الذي تحقق رغم ضعف الموارد، وتميزت بإصلاحات سياسية لاتزال خاضعة للتقييم والمراجعة كونها حديثة التطبيق، وإذا رفع أحد المتظاهرين يافطة في البحرين كتب عليها «يسقط النظام» ـ يقابل ذلك شخص تونسي رفع يافطة كتب عليها «يعيش علي بن جديد» ـ فهذا وذاك يمثل كل منهما نفسه ولا يمثل حتى الواقفين بقربه، فضلا عن شعب البحرين الذي يقرأ جيدا حالة الفوضى الشائعة منذ سنوات في دول المنطقة ولا يسره أبدا أن يكون بلده واحدا من تلك التجارب المميتة.

يجب أن يتركز النقاش وألا ننتقل من التغيير الى التدمير، حافظوا على مبادرتكم، ولا تكونوا مثل إسماعيل مدني الجزائري الذي رفع الراية ثم خطفت من يده، وانتهى الحال به لاجئا في الامارات لسنوات طويلة بسبب تهديد حياته من قبل الذين صعدوا على ظهره.

كلمة أخيرة: في السنتين الماضيتين نقلت شركات دولية مقارها من دبي الى البحرين بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، منها مراكز تدريب إقليمية لشركة سمينز ومقار لشركات شحن، معالجة مسألة البطالة تحتاج الى العديد من الخطوات، التي منها زيادة أعداد الشركات والمصارف وانتعاش قطاع الأعمال، وهو ما لن يحدث اذا قررت تلك المؤسسات تحمل مشكلة الغلاء في مقابل الأمن والاستقرار، هذا الأمر يعرفه البحرينيون جميعا، وبلا استثناء، ومن يتجاهله فهو لا يريد الخير لهم.

 
 فيصل الزامل

 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك