مشكلة البدون برأي محمد الوهيب هي منع أحدهم حقه في العمل الشريف والتعليم والتنقل.. الخ، يسهل قبول العنف لديه كقيمة رئيسة ؟!

زاوية الكتاب

كتب 3279 مشاهدات 0


 
 
مشكلة البدون 
 
الأحد 27 فبراير 2011 - الأنباء
 
 

تظاهر العديد من شباب البدون في الجهراء تظاهرة «سلمية» كان هدفها إيصال صوتهم في المطالبة بحقوق يعتبرها الجميع حقوقا إنسانية أصيلة لكل إنسان بغض النظر عن دينه وجنسه وعرقه. ولكن هذه المظاهرة كانت سلمية إلى أن قررت قوات الأمن تفريقهم بالقوة، وأمام استخدام القوة والعنف من طرف ما في أي مواجهة لابد لنا أن نتوقع عنفا في الجهة المقابلة. كان من الحري بوزارة الداخلية كجهة رسمية أن تلتزم بضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين الشباب وتحاول امتصاص غضبهم فتطوق المكان إلى أن تنتهي فترة الاعتصام فيذهب كل طرف من حيث أتى. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتم قراءة هذا الحدث بمعزل عن الغليان الذي تمر به المنطقة من وعي وممارسة لعملية المطالبة بالحقوق الإنسانية، وفي ضوء هذا السياق كان لابد على وزارة الداخلية أن تستفيد من دروس دول مجاورة.
إن العنف «المنظم» من قبل البدون في الكويت لم يمارس على الإطلاق طوال فترة عيشهم المفتقدة لأبسط الحقوق، وإن كنت كقارئ للتاريخ وللفكر السياسي لا أستبعد اندلاعه في أي لحظة. باختصار، ما ينبغي علينا أن نعيه هو أن العنف هنا لا يمكن أن نفهمه بوصفه «نتيجة» من الممكن أن تفضي إليها عملية فقدان الحقوق وذلك بسبب أن عملية فقدان الحقوق نفسها هي عملية «متلازمة» مع العنف. ففي اللحظة التي يكف القانون فيها عن ضمان حقوقك وحمايتك، وحماية أسرتك وممتلكاتك الفردية، يصبح القانون فاقدا للمصداقية والقيمة، الأمر الذي يعني عودة العنف ومنطق القوة إلى الطاولة بالضرورة كوسيلة مباحة للحصول على الحقوق.

ليس هناك من دليل على عدم الفهم والتسطيح المتعمد لقضية مظاهرات البدون أوضح من تصريحات القائل: «حجة تدويل قضية البدون هي تآمر على الكويت»، أقول لأصحاب هذا النوع من التصريحات ان إصرار السلطة المرير على عدم إعطاء هذه الفئة المستضعفة حقوقها الإنسانية هو عين ممارسة العنف، أما الحديث عن «تآمر على الكويت» فهو قول يفترض بك أن تبرره.

إن الحرص على المجتمع الكويتي واستقراره هو ما يدفعنا لضرورة أن نرى العالم من منظور مغاير لمنظورنا الشخصي، لضرورة أن نرى العالم كما يراه هذا الشخص «البدون حقوق». فمنع أحدهم حقه في العمل الشريف والتعليم والتنقل.. الخ، يسهل قبول العنف لديه كقيمة رئيسة. إن المجتمع من منظوره سيتحول من جماعة يتحد بهم من أجل الحماية المشتركة تجاه أي عدوان خارجي إلى سلطة فاعلة تمارس العنف تجاهه، ولن يستطيع هذا الشخص في نهاية الأمر أن يقاوم هذا العنف إلا إذا كان أشد عنفا منه. وفي المجتمع الذي يصر على عدم قبول شخص ما كعضو فيه، بل ويصر كذلك على منعه حقوقه، يصبح العنف ومنطق القوة الأسلوب الوحيد لانتزاع الحقوق وفرض الآراء.

محمد الوهيب

 
 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك