في مقترح لأحمد الديين سعيا لتفكيك الأزمة بالكويت: رئيس جديد للحكومة، بعقلية ونهج جديدين ؟!
زاوية الكتابكتب فبراير 15, 2011, 1 ص 1221 مشاهدات 0
تفكيك الأزمة
كتب احمد الديين
قبل أشهر انطلقت هجمة سلطوية استهدفت تقليص الهامش الديمقراطي المتاح إلى أدنى حدّ يمكن تقليصه إليه، وجرى التمهيد لتلك الهجمة عبر المحاولات المحمومة لتمزيق النسيج الوطني الاجتماعي على أمل أن ينشغل المجتمع الكويتي في صراعات فئوية هامشية تمنعه من التصدي الفعال لتلك الهجمة، التي شملت الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني لمعارضي رئيس مجلس الوزراء وتحصينه أكثر مما هو محصّن تجاه المساءلة الدستورية، وإهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية لأعضاء مجلس الأمة، وتقييد حرية الاجتماعات العامة وقمعها، وفرض قيود إضافية تكبّل حرية الإعلام.
وكان يمكن لتلك الهجمة السلطوية أن تحقق مرادها، إلا أنّ وعي الشعب الكويتي لمخاطرها ومبادرة قواه الحيّة إلى الاصطفاف السياسي الوطني والتحرّك المشترك لمجابهتها قد حالا دون نجاح الهجمة، وهذا ما بدا واضحا بعد الاجتماع الجماهيري الحاشد في ساحة الصفاة مساء يوم الرابع من يناير الفائت وأكدّته نتائج التصويت النيابي على طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، ما أدى إلى وقف اندفاعة تلك الهجمة السلطوية، وإن لم يدفعها إلى التراجع.
وترافق هذا الوضع السياسي في البلاد مع اندلاع الثورة التونسية فالثورة المصرية ونجاحهما وما نجم عنهما من تبدّل كبير في موازين القوى في عموم المنطقة العربية كان لا بد أن يترك أثره على الكويت، وهذا ما فرض تراجعات سلطوية في أكثر من بلد عربي أمام المطالب الشعبية... وفي هذا السياق انطلقت الخطوات المتلاحقة التي تسارعت أخيرا لتفكيك الأزمة السياسية الناجمة عن الهجمة السلطوية، بدءا من قبول استقالة وزير الداخلية السابق، مرورا بالتراجع عن نهج الملاحقات السياسية تحت غطاء قانوني، وصولا إلى سحب الطلب الحكومي لتفسير عدد من مواد الدستور، وأخيرا التخلي عن المظاهر الاستفزازية الأمنية المصاحبة لانعقاد الندوات والاجتماعات العامة... وبالتأكيد فقد خففت هذه الخطوات من حالة الاحتقان التي أرهقت البلاد، ولكن هذه الخطوات لما تستكمل بعد، إذ لا بد من التراجع في أسرع وقت ممكن عن محاولة فرض سابقة إهدار مبدأ الحصانة الموضوعية المطلقة للنواب عن أعمالهم البرلمانية داخل مجلس الأمة بسحب القضايا المرفوعة ضد النائب الدكتور فيصل المسلم على خلفية إبرازه صورة شيك رئيس مجلس الوزراء إلى أحد النواب السابقين، التي أدت إلى اندلاع الأزمة الأخيرة في بدايات شهر ديسمبر 2010، وكذلك فقد أصبح لزاما أن تسحب الحكومة مشروعي قانونيها سيئي الذكر لتعديل قانوني المطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع المقدمين إلى مجلس الأمة لما يتضمنانه من قيود ثقيلة لا يمكن أن تُطاق على الحريات الإعلامية.
إلا أنّ الخطوة الأهم المطلوبة لتفكيك الأزمة السياسية تتمثّل في رحيل الحكومة الحالية ونهجها التأزيمي على أمل أن يتم تكليف رئيس جديد بعقلية ونهج جديدين لتشكيل حكومة جديدة تفتح الطريق أمام إحداث إصلاحات مستحقة طال انتظارها... واتصالا مع هذه الخطوة يفترض وضع حدٍّ للممارسات السلطوية المتمادية في إفساد الحياة السياسية والعملية الانتخابية والمؤسسة البرلمانية والمنابر الإعلامية، إذ لا يمكن أن تتحقق الإصلاحات المأمولة في ظل استمرار مثل هذه الممارسات الفاسدة المفسدة، وهذا ما يتطلب من بين ما يتطلبه إجراء انتخابات نيابية مبكرة تطوي صفحة هذا المجلس البائس بغالبيته التابعة، ليعود الأمر مجددا إلى الشعب الكويتي ليتخذ قراره الحر ويقرر خياراته في ظل واقع مختلف.
باختصار، لا يكفي تخفيف الاحتقان ولا يكفي تفكيك الأزمة، مع أهمية ذلك، إذ أنّ الأهم منهما فتح الطريق أمام تقدم الكويت نحو المستقبل.
تعليقات