ضاري المطيري يتساءل: كيف نتوقع نجاح مظاهرات بلا رأس ولا قائد؟ ولا شعار ولا راية؟
زاوية الكتابكتب فبراير 9, 2011, 10:52 م 933 مشاهدات 0
مظاهرات بلا قائد ولا راية
الخميس 10 فبراير 2011 - الأنباء
نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كانت 23 عاما، قضى 13 عاما منها في مكة، أي أكثرها في ترسيخ مبادئ الإسلام والعقيدة الصحيحة تحت قهر وظلم كفار قريش، 13 عاما فقط في التربية والتصفية حتى صار المسلمون مهيئين بعد ذلك لإقامة دولة إسلامية تهابها الروم والفرس، فضلا عن كفار قريش أنفسهم.
وصلاح الدين الأيوبي مكث السنوات الطويلة في الإعداد لفتح القدس، بتجهيز الجيوش وجمع شتات المسلمين، فكان الفتح العظيم، وتحرير الأقصى الحزين، ومحمد الفاتح قرأ التاريخ جيدا، وعلم أن ركني النصر بعد توفيق الله هما وجود القائد وحسن الإعداد، فتجهز لفتح القسطنطينية، وجاب البحار وارتقى الجبال، واستخدم أحدث ما وصل إليه العلم الحديث في الآلة العسكرية آنذاك، إنها المدفعية العثمانية التي حطمت أسوار القسطنطينية، فكان النصر، وصارت إلى «إسطنبول»، إذن النصر ليس بالأمر السهل.
لكن في زمننا هذا تغافل الكثيرون عن الاعتبار بالتاريخ الذي دائما ما يعيد نفسه، ووجدوا أن أسباب النصر الحقيقية تحتاج إلى وقت طويل فاختاروا العجلة، وفي العجلة الندامة، اختاروا الخنوع والكسل، وركنوا إلى الأماني، تجارة المفلسين، سلكوا مسلك المظاهرات، والتي بصريح لسانهم لا يقودها أحد، إنما يقودها شباب الإنترنت كما زعموا، لا نعرف أسماءهم، ولا انتماءاتهم، ولا أفكارهم، ولا من يمكن أن يكون مندسا فيهم، يقودها شباب لغاية الآن لم يصل إلى معرفة شخوصهم النظام الحاكم ولا غيره حتى يتمكن من التحاور معهم، فيا عجبا، ساروا في مظاهرات بلا شعار سوى إسقاط النظام السابق، يريدون إصلاحات بلا نظام، ومحاربة للظلم والفساد بلا خطة واضحة سوى الرغبة في التغيير، التغيير إلى ماذا؟ هذا موضوع سابق لأوانه، نريد التغيير الآن، وفورا، أما كيف؟ فيحلها ألف حلال، فهل مسلك هؤلاء المتظاهرين هو نفس مسلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ وصلاح الدين؟ ومحمد الفاتح؟ الإجابة ندعها للقارئ الكريم.
البعض انتابه القنوط من رحمة الله، وتسلط عليه اليأس من روح الله، بسبب ما رآه من فقر وظلم فصار يتعلق بكل تغيير يلوح له بالأفق دون تفكير بعواقب الأمور، فالتاريخ القريب قبل البعيد يشهد أن المظاهرات والانقلابات لم تخلف لنا سوى ضحايا أبرياء، وحكومات أشد جورا وظلما، وأكثر عمالة وخبثا، ثم كيف نتوقع نجاح مظاهرات بلا رأس ولا قائد؟ ولا شعار ولا راية؟ انظروا إلى إيران والعراق وتونس، واحمدوا الله على نعمة الأمن والامان يا إخوان.
البعض صار يتمنى صلاح الراعي دون صلاح الرعية، يريد التغيير أن يبدأ من غيره لا من نفسه، وما يدري أنه يخالف بذلك سنة الله الكونية والشرعية، يخالف قول الله سبحانه «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، يشغل أغاني «الراب» ويدعو الله أن يحرر القدس، يجور على من تحت يده من الزوجة والأولاد والخدم، ولا يرضى جور السلاطين عليه، فيا عجبا، كلنا نتمنى ونتمنى، لكن إن لم نتبعها بعمل جاد صارت مجرد أماني.
أخيرا: أحد المتعالمين والثوريين ـ هداه الله وكفى المسلمين شره ـ أفتى بحرمة تحطيم تماثيل بوذا في أفغانستان لتغليب المصلحة، في حين غابت عنه هذه المصلحة فأفتى بوجوب المظاهرات ولو أدت ذلك إلى إزهاق الأرواح البريئة، فكيف نرجو أن تقام دولة إسلامية حقيقية يقودها مثل هذا المتعالم الذي عودنا بآرائه الغريبة التي ينقض بعضها البعض.
تعليقات