القوى الدينية لا تعمل إلا لتحقيق مصالح منتسبيها ولاتسمح لغيرهم بالعمل فى المواقع التى يسيطرون عليها، و'حدس' نموذجا، فلا بد من تقليص هذه الحركات..فحوى مقال يعقوب العوضي

زاوية الكتاب

كتب 368 مشاهدات 0


 

المطالبات بحكومة شعبية

«قالت الحركة السلفية انها تابعت تشكيل الحكومة الجديدة، وتعلن استياءها من تكرار النمط القديم في آلية اختيار الوزراء القائم على المحاصصة العائلية والطائفية والمناطقية» و«تصر هذه الحركة على مطلبها الذي نادت به سابقا وما زالت والمتمثل بمشروع الحكومة الشعبية المنتخبة كحل ناجع وسبيل واضح للخروج من المآزق السياسية». هذا ملخص ما قالت به الحركة السلفية، وكذلك الأمر بالنسبة الى ما يسمى بحزب الأمة الذي باركه السفير الأميركي، والمنغلق على نفسه الذي نادى بحكومة شعبية، وهذه الحركات السياسية حسب قولها مستعدة بمد يد المساعدة لكل المواطنين ومن ضمنها الحكومة.
الذي لا مراء فيه ان هذه القوى الدينية والقبلية والطائفية والعائلية والمناطقية السياسية الموجودة على الساحة لا تعمل إلا لتحقيق مصالح منتسبيها. اما مساعدة غيرها من الآخرين غير المنتسبين لها فهو كلام فارغ لا قيمة له ولا فائدة وليس حقيقيا على الاطلاق، وقد ضربت في مقال سابق مثلا عن وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية التي تسيطر عليها حركة «حدس»، وكذلك بيت الزكاة وبيت التمويل فمن يستطيع من المواطنين ان يعمل في هذه الجهات إذا لم يكن منتميا الى (حزب الاخوان المسلمين) «حدس» فهذا عمل مستحيل في عرفها وعرف المواطنين.
وإذا كان الأمر بهذه الصورة في المؤسسات التي تسيطر عليها هذه الحركات اليوم فما بالنا إذا استطاعت ان تسيطر على الحكومة ويكون رئيس الوزراء من هذه الفئات ذات المصالح الضيقة؟ ثم انه من يضمن ان تكون رئاسة الوزارة عادلة في تعاملها مع المواطنين. فاليوم وبالصورة التي تسيطر عليها هذه المجاميع الدينية على بعض المؤسسات في الدولة لا توجد هناك عدالة في تعاملها مع بقية المواطنين، فكيف تكون الحال إذا سيطرت على كامل السلطة في البلاد، فمن يتوظف بعد ذلك في مؤسسات الدولة ومراكزها ووزرائها وسفرائها غير من ينتسب الى هذه الحركات المغلقة على أصحابها وأقربائهم. هذا اضافة الى ان الصوت العالي لهذه الحركات هو الذي يدعوها إلى اطلاق دعواتها المتكررة في شأن الحكومة الشعبية المنتخبة، وقد أوهمها هذا الصوت بحصولها على غالبية شعبية، وهي بغير هذا الصوت لا تشكل حتى أقل من ربع من واحد في المئة من عدد سكان الكويت، ولا تتمتع بأي غالبية شعبية، وما تملكه الآن من مادة بمساعدة الحكومة في تملكها لما استطاعت باعلامها ان تطلق هذه الصيحات المنكرة التي لم يعتد الشعب الكويتي الأصيل على سماعها منذ تأسست الكويت على يد الشيخ صباح الأول باتفاق الكويتيين معه آنذاك، لأن السفينة كانت وما زالت تسير بأمان لولا هذه الأصوات النشاز التي تحاول ان تعصف بمسيرة هذا المركب الذي خاض غمار البحار المتلاطمة بقيادة آل الصباح الكرام، وما زالت هذه الأسرة الكريمة تقود هذه السفينة رغم الرياح العاتية التي تتعالى بمساعدة عدد من أصحاب المصالح الذاتية الذين يسعون الى السيطرة على موارد الدولة ويقتسمونها مع أنفسهم، ثم ان الشعب الكويتي برمته لا يقبل مطلقا ان تسيطر هذه الحركات المصلحية على مقادير البلاد، فمن يضمن هذه الحركات في ان تقوم بتطبيق المساواة والعدالة بين الناس؟
الأمر يحتاج الى الحزم والقوة والقرار من قبل السلطة لتقليص قوة هذه الحركات ومكافحة الآفات التي تسعى إلى السيطرة على البلاد وتجعل من الناس عبيدا لها، قبل ان تستفحل ويصعب بعد ذلك عليها المحافظة على الشعب الكويتي وعلى كرامته وحسن معيشته وحياته.

يعقوب العوضي

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك