هجوم الطبطبائي عل الصحة لم يكن الهدف إقصاء الوزيرة معصومة، بل إقالة الوكيل، ونخشى أن تتطور دعوته لمباهلته إلى مبارزته على الطريقة اليابانية..من مقال عادل دشتي

زاوية الكتاب

كتب 490 مشاهدات 0



الطبطبائي ونصارى نجران

 


لا يملك أي مراقب لأعمال مجلس الأمة إلا أن يبدي إعجابه بهمة ونشاط وإصرار النائب الدكتور وليد الطبطبائي على إثارة وإنفاذ وتفعيل وإقرار أي موضوع يتبناه كبيراً كان ام صغيراً، فرغم اختلافنا معه في كثير من أطروحاته ومتبنياته ودوافعه إلا أن حرصه الشديد على تفعيل مختلف الأدوات الدستورية والقانونية والإعلامية يجعلنا نتمنى لو أن كل نواب الأمة أو غالبهم بهمته ونشاطه، فعشرات الأسئلة البرلمانية في مختلف المجالات، واستجوابات متنوعة، وتصريحات بالجملة، ومقالات مختلفة، وفتح جبهات هنا وهناك لم يسلم منها أحد داخل الكويت وخارجها، كلها أدوات يحرص الطبطبائي على استخدامها واستثمارها في سبيل تحقيق أهدافه، فهو لا يدخر وسيلة أو طريقة إلا واستخدمها بلا كلل أو ملل في متابعة قضاياه وهمومه.
ولذلك رأينا ملاحقته لوزير الأوقاف السابق بالشاردة والواردة واستعداده لفتح كل الملفات، بلا أدنى اعتبار للتبعات المدمرة التي قد تتبع ذلك، كما حدث مع الداعية الإسلامي المعروف الدكتور وجدي غنيم وإبعاده عن أسرته، ورأينا كيف أراد تحميل الوزير المعتوق وزر «الجريمة الكبرى» في طلب وزارة الأوقاف تخصيص أرض لبناء مسجد لطائفة البهرة، وما نتج عن ذلك من رفض لبناء مسجد يذكر فيه اسم الله ببركات نائب الأمة ورفاق فكره، ومازلت أذكر كلمته في المهرجان الخطابي الداعم للمقاومة الإسلامية في لبنان إبان العدوان الصهيوني الأخير على لبنان عندما أخذ يتحدث عن عمليات القتل التي تقوم بها الميليشيات الطائفية في العراق، حسب ادعائه وبطريقة استفزازية لا تمت إلى الواقع بصلة، الأمر الذي أثار استهجان واستغراب المشاركين، وكاد أن يتسبب في إفساد المهرجان وتفجيره من الداخل، ومن غير أن يؤثر ذلك كله فيه بمقدار شعرة فله رسالة يريد أن يوصلها ولا يفكر بأدنى تبعة من تبعاتها، وعشرات القضايا والشواهد غيرها، ولكن وكما يقال فلنا حماسه لقضاياه وعليه أسلوبه وطريقته وإثارته ومعاركه التي لا تنتهي، وآخرها إعلانه الاستقالة من مجلس الأمة خلال شهر في حال عدم إصلاح الأوضاع في وزارة الصحة وعدم إبعاد المفسدين منها حسب قوله.
أما آخر الفرقعات والإثارات الإعلامية التي يتقنها الدكتور الطبطبائي جيداً فهي طلبه المباهلة مع وكيل وزارة الصحة الدكتور عيسى الخليفة على خلفية تصريحات الطرفين. فبعد أن استخدم نائب الأمة كل الأدوات الدستورية واستنفذ كل الضغوط والأسلحة البرلمانية والإعلامية والسياسية ونجح بالفعل في إبعاد الدكتورة معصومة المبارك عن وزارة الصحة إلا أن الوكيل استمر في منصبه كعادة كل وكلاء الوزراء المستقيلين أو المقالين، وكأنك يا بوزيد ما غزيت، وكأن نائب الأمة يكشف للأمة أن المعركة كلها كانت لأجل إبعاد الوكيل وليست لإصلاح الوضع الصحي في البلاد، ولا ندري ما دستورية طلب المباهلة من قبل نائب للأمة تجاه أحد القياديين في الدولة، لأن المعنى اللغوي للمباهلة فهو الملاعنة والدعاء على الطرف الآخر بالدمار والهلاك، وقد جاء ذكرها في القرآن الكريم في الآية 61 من سورة آل عمران التي تسمى بآية المباهلة، والتي نزلت حسبما يذكر جمع من المفسرين وأرباب الحديث والسير في وفد نصارى نجران عندما أتوا الى المدينة المنورة وطال بهم الحوار والنقاش مع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بلا نتيجة فنزلت الآية الكريمة «فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ». وفي اليوم الموعود، وهو يوم الرابع والعشرين من شهر ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة، عندما شاهد وفد نجران أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلم) اصطحب أهل بيته وأعز الخلق إليه المتمثلين في الامام علي بن أبي طالب وابنته فاطمة الزهراء والحسن والحسين، انبهر الوفد بما رأى، فأبى التباهل.
ويبدو أن هذا الطلب إن تم فإنه سيفتح الباب تجاه قائمة طويلة تبدأ ولا تنتهي لطالبي المباهلة بين النواب والوزراء والوكلاء ومختلف مسؤولي الدولة. ولا ندري ما خطوة الطبطبائي المقبلة، وإن كنا لا نستبعد أن يطلب من الوكيل الخروج بالهدة أو أن يواعده عند اقرب محول لوزراة الصحة، وقد يتطور الوضع إلى الحد الذي قد يطلب فيه النائب الطبطبائي من وكيل الصحة المبارزة وعلى الطريقة اليابانية بحيث إن الخاسر يجب أن يبادر بطعن نفسه بالسيف حتى الموت، وإن كنا لا نتمنى حقيقة أن يتكرر في مجلسنا مشهد النائب الكوري الجنوبي، ورئيس الاتحاد الوطني لتعاونيات مربي الماشية، شين كو بوم عندما قام بطعن نفسه أمام زملائه في الجمعية الوطنية احتجاجاً على تمرير مشروع قانون يقضي بجمع تلك التعاونيات، كما ورد ذلك في الخبر المنشور في جريدة «الراي» بتاريخ 14/8/1999.
أما إن اصر نائب الأمة على المباهلة فإننا نتمنى فقط ألا يكون موقفه كرفيق فكره في المباهلة المشهورة مع الدكتور عبدالحميد النجدي على شاشة إحدى الفضائيات، والتي تهرب فيها الطرف الآخر من المباهلة بحجج وأعذار واهية، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

عادل حسن دشتي

 

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك