معتبرا أن اختزال قضية المطيري في السؤال عن راعى اليوكن خزي .. أحمد عيسي يرى أن جردة حساب الشيخ جابر الخالد ثقلت جداً
زاوية الكتابكتب يناير 26, 2011, 12:53 ص 1408 مشاهدات 0
الجريدة
راعي اليوكن الأسود
أحمد عيسى
بتقديم استجواب وزير الداخلية يوم الأول من أمس ارتفع عدد الاستجوابات المقدمة بحق الوزراء في تاريخ الكويت الدستوري منذ 1963 إلى 54 استجواباً، وشهدت السنوات الخمس الأخيرة 21 منها بمعدل استجواب كل ثلاثة شهور.
بعيداً عن الدعاية التي يقودها الفريق الداعم للوزير لإبراء ساحته من جريمة قتل مواطن في أحد مخافر وزارة الداخلية على يد أفراد من جهاز المباحث العامة، فإن النص الدستوري بموجب المادة (58) يبين أن «رئيس مجلس الوزراء والوزراء مسؤولون بالتضامن أمام الأمير عن السياسة العامة للدولة، كما يُسأل كل وزير أمامه عن أعمال وزارته»، والمادة (130) تنص على أن «يتولى كل وزير الإشراف على شؤون وزارته ويقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، كما يرسم اتجاهات الوزارة ويشرف على تنفيذها»، وعليه فإن مقولة عدم قدرة الوزير على إدارة وزارته ساقطة دستورياً كونه المسؤول الأول عن الملف الأمني الداخلي في البلاد.
لا يعنيني بقاء الوزير من رحيله، لأن بقاءه على رأس وزارة لا يملك قرارها جريمة بحق الوطن، واعتذاره عن البيان المغلوط خطيئة تستحق التكفير، وهذه المسألة متروكة لتقدير مجلس الوزراء الذي يدعمه والأغلبية النيابية داخل البرلمان.
لكن جردة حساب الشيخ جابر الخالد ثقلت جداً، فهذا الاستجواب الثالث الذي يُقدم بحقه خلال ثلاثة أعوام، فقد انضم إلى الحكومة في أكتوبر 2007 وزيرا للداخلية، ومنذ ذلك الوقت لاتزال أزمات عدة تواجهه، أولاها أخطاء شابت التجنيس، ومن بينها منح الجنسية الكويتية لمرافقه الشخصي دون وجه حق، ثم أزمة تأبين عماد مغنية التي حولتها الداخلية إلى جريمة أمن دولة لتنتهي دون أي إدانة، وبعدها إنزال القوات الخاصة في منطقة الصباحية لمنع إقامة الانتخابات الفرعية لقبيلة العوازم، ووجود تجاوزات مالية حول اللوحات الإعلانية لمرشحي الانتخابات، وبعدها تضليل الرأي العام حول إحالة تجاوزات اللوحات الإعلانية إلى النيابة العامة، وإقدام الأجهزة الأمنية على مراقبة المدونات والمدونين، واعتداء القوات الخاصة على مواطنين أمام ديوان الحربش، تلا ذلك استبدال عقوبتي حبس الشيخ صباح المحمد إثر إدانته بجريمة سب النائب العام وقذفه والنائب السابق بادي الدوسري إثر إدانته بالاعتداء على اللواء كامل العوضي في مكتبه، وفي أثناء عمله الرسمي (لاحظوا أن من استبدلت عقوبتيهما شيخ سب النائب العام ونائب تعدى بالضرب على لواء بالداخلية)، وأخيراً موت مواطن بعد تعذيبه على يد رجال المباحث العامة، وطبعاً لا ننسى أن وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد هو الوزير الذي في عهده اعترف أحد المتهمين باغتصاب وقتل وافدة مع تمثيله للجريمة أمام المباحث ليتبين لاحقاً أن من مُثلت جريمة قتلها لاتزال على قيد الحياة.
من المخجل أن يُعلق انحراف جهاز المباحث على «زام» واحد في محافظة الأحمدي، ومن المعيب أن يشتكي رجال الأمن الشرفاء من إقحامهم بالتعميم الذي سببته هذه القضية لأنها لم تحدث لولا سكوتهم، ومن المؤلم أن يحاول بعض النواب تبرير موقف وزير يدير عدد من رجال المباحث عنده مراكز تعذيب وسيارات ينقلون بها المحتجزين بشكل غير قانوني، بداعي عدم انصياع مرؤوسيه لتعليماته، ومن المخزي بحق هذا الوطن اختزال قضية مقتل مواطن بعد تعذيبه على يد رجال المباحث بسؤال: من «راعي اليوكن الأسود»؟
إن ما حدث كشف «سادية» يمارسها ضباط وأفراد في جهاز المباحث العامة، وكذلك جهل بعض القياديين للمسؤولية وعدم تقديرهم لها، ومحاولة توظيف هذه القضية لتصفية حساباتهم وتلميع أنفسهم، وهذا جرح ملتهب استوجب تطهيره حتى لا يتلوث فيأتي على بقية الجسم، كما أنستنا مجريات القضية وتفاصيلها ضرورة تحويل إدارة الأدلة الجنائية إلى وزارة العدل بدلاً من إخضاعها لسلطة وزارة الداخلية لإعطائها مزيداً من الاستقلالية.
تعليقات