بعض المدونات الكويتية أثبتت أن خلفها أصحاب أرواح وطنية وعقول واعية وأقلام حرة.. حسن الراوي مشيرا لأول ندوة كويتية عن المدونات
زاوية الكتابكتب يناير 14, 2011, 12:54 م 716 مشاهدات 0
الراى
حسين الراوي / أبعاد السطور / تحدّي المدونات
حسين الراوي
في عام 1998 ميلادي فتح للعالم بروس ابليسون أول نافذة لمُدوّنة شخصية عبر شبكة الإنترنت، حيث كان يكتب في مُدوّنته تلك الأشياء المختلفة التي تصادفه في يومياته، من أمور سياسية واجتماعية وسياسية ورياضية وصحية، ثم سمح للقراء أن يشاركوه الرأي والحوار عبر تعليقاتهم التي يكتبونها في أسفل ما ينشره، وشيئاً فشيئاً أصبح للمدوّن بروس متابعون كُثر ينتظرون يومياته. وعلى خُطى بروس ابيلسون منذ ذلك اليوم ظهرت مُدونات كثيرة لا تُعد ولا تحصى، يكتبها أُناس من مختلف أنحاء العالم يشتركون في حُب التدوين، ففي ديسمبر 2007 ميلادي، أصبح محرك البحث الخاص بالمدونات «تيشنوراتي» لوحده فقط دونما باقي محركات البحث الكثيرة ومواقع الإنترنت يحتوى على أكثر من 112 مليون مدونة. «blog» هي الكلمة التي تقابل كلمة مُدوّنة، وهي مختصرة من كلمتيّ «Web log» ومعناها «سجل ويب». تطوّر بشكل سريع استخدام المدوّنات في أغراضها، لما تتمتع فيه من مرونة وسهولة وسرعة وشهرة واتساع في دائرة الاتصال عبر شبكة الإنترنت، فلقد استخدمت المدوّنات في العديد من الحملات الانتخابية للكثير من المرشحين السياسيين في مختلف دول العالم، ولقد استخدمت كذلك في نشر الأخبار السياسية، واستخدمت في عرض الكُتب الأدبية وغيرها من الكُتب، واستخدمت المدوّنات كذلك في التشاور والتحاور السياسي بين المهتمين. ولقد تعرض العديد من المُدونين حول العالم للتعذيب والسجن والمساءلة القانونية بسبب آرائهما التي نشروها عبر مدوناتهما الشخصية، ففي عام 2005 ميلادي رفعت الولايات المتحدة الأميركية وهي التي تدعي أنها بلد الحرية الأول في العالم دعوى قضائية ضد المدون آرون وول من قبل السلطة بتهمة التشهير ونشر الأسرار التجارية. وفي عام 2009 ميلادي في الهند تعرض المَدوّن الهندي تشيتان كونت للمساءلة القانونية والمضايقة في وظيفته من أجل إسكاته وتوقيفه عن كتاباته التي ينتقد فيها الحكومة. وفي عام 2007 ميلادي تم رفع دعوى ضد اثنين من المدونين السياسين الماليزيين هما جيف أوي واه ردين عطان من قِبل صحيفة حكومية، وبسبب نشاط المُدونين الماليزيين السياسيين اقترحت الحكومة الماليزية تسجيل جميع المدونين الماليزيين رسمياً من أجل تحسين مراقبة المُدونات. وفي بورما تم الحكم على مُدون يبلغ من العمر 30 عاماً يُدعى ناي فون لات بالسجن لمدة 12 عاماً لنشره عبر مدونته مقالات ومعلومات وآراء مختلفة عن الاحتجاجات السياسية المتعلقة بأحداث عام 2007 في بورما. وفي مصر تعرض كل من المدونين كريم عامر وعبد المنعم محمد للسجن والاعتقال بسبب آرائهم التي نشروها عبد مدوناتهم الخاصة. وفي إيران استطاع المُدونون الإيرانيون أن يثبتوا للعالم أجمع أن المُدونات نوافذ لا تصلها يد السُلطات، حيث استطاعوا أن ينقلوا لكل العالم بما فيه وكالات الأنباء العالمية كل ما دار في تلك الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009 ميلادي، من ممارسات قمعية واحتجاجات ومظاهرات وسخط وغضب شعبي. وعلى الصعيد الكويتي فيما يخص المدونات والمدونين كان أول من تطرق لها سياسياً هو النائب صالح الملا عبر توجيهه سؤالاً برلمانياً إلى وزير الداخلية الشيخ خالد الجابر عن مراقبة أمن الدولة للمدونات وممارسة دور الرقيب عليها، وكان ذلك عام 2009 ميلادي. ولقد كانت أول ندوة خاصة بالمدونات والمدونين في دولة الكويت بتاريخ الاثنين 28 9 2009، حاضر فيها كلاً من الكاتب محمد عبد القادر الجاسم والكاتب زايد الزيد وكل من المدونين حسن رمضان وبدر الفريح وريم الشمري وعبداللطيف العمر. كم هو رائع أن يجد أحدنا مساحة هادئة ومرنة يمارس فيها الكِتابة بشكل مسؤول، بعيداً عن السوط والجلاد والأصفاد وعيون المخبر وقسوة مقص الرقيب، إن الكِتابة رئة ثانية تساعد أحدنا لأن يتنفس بشكل جيد عندما يشعر بأن رئته الأولى باتت لا تكفيه لوحدها، فالمدونات هي هدية التقدم التكنولوجي الرهيب لكل من هو مهتم بالكِتابة بكافة أنواعها، وهي اليوم إحدى نوافذ الإعلام التي يصعب كثيراً على المسؤولين أن يُغلقوها بشكل تام. لقد أثبتت بعض المُدونات الكويتية بقوة أن خلفها أصحاب أرواح وطنية وعقول واعية وأقلام حُرّة تكتب من أجل الحق والوطن، لا من أجل شيكات بنكية أو صفقات تجارية أو من أجل المسح على بشت مسؤول.
حسين الراوي
تعليقات