حكايات وطرائف.. من دواوين الكويت ينقلها خليل علي حيدر عن كتاب 'حديث الديوانية' للأديب حمد عبدالمحسن
زاوية الكتابكتب يناير 14, 2011, 12:53 م 1249 مشاهدات 0
الوطن
حكايات وطرائف.. من دواوين الكويت
كتب , خليل علي حيدر
كتاب الأخ الاديب حمد عبدالمحسن الحمد «حديث الديوانية» مجهود تسجيلي قيم، بُذل في التقاط لمحات ولحظات طريفة خاطفة من واقع المجتمع الكويتي في مختلف مراحل تطوره. انها كما وصفها «روايات مكتوبة»، وحكايات من كل لون، حرص «الحمد» على تجميعها في كتاب واحد، باسلوب مابشر واستطراد مشوق وانتقال بالقارئ من حكاية الى حكاية، ومن حال الى حال، كلها من صميم الواقع وعلى لسان من عايشوها ورووها.
حكايات الكتاب رصد حثيث مشوق لمختلف بيئات الكويت ومختلف المهن البحرية والبرية التي انهمك فيها سكان الكويت، وجعلتهم يتنقلون بين بلدان الخليج والمحيط، وبين الشام والعراق واليمن والهند، وان يحتكوا بثقافات وعادات ساهمت في صقل الخبرة الكويتية وتوسيع افقها.
احدى الحكايات تروى ان تاجراً من افغانستان جاء الى الكويت قبل ظهور النفط وكان في طريقة للحج، ووزّع زكاته في الكويت! غير ان الكويت، كما تبرز حكايات كتاب الحمد، لم تستسلم للفقر وقلة الموارد، بل جاب تجارها وتجارتها الآفاق، وتعرضوا لكل اشكال الظروف والصعبة، وينقل عن الاديب «عبدالرزاق العدساني»، قوله «نحن في مدينة الكويت سابقا اذا اردنا ان نصف مكاناً بعيداً نقول ها، وين رايح.. قندهار؟» ويروى عن «خالد محمد العجمي»، ان احد افراد القبيلة، قبل 80 سنة، رأى على احد ابنائه وعمره 14 سنة، علامات الخمول والكسل، فقرر اخذه معه للحج ووضعه في اختبار عسير. وذلك بان يتركه بالحج بمفرده بين الحجيج، ويعود للكويت بدونه! والهدف هو معرفة امكانية الشاب المراهق في تدبير نفسه والعودة لاهله، في زمن لم يكن يعرف وسائل المواصلات التي نعرفها اليوم، وعندما حكى ذلك لزوجته عاتبته على قسوته ولكنه اجاب «اذا رجل سيعود، واذا لم يفعل فلا فائدة منه». وقد استمر غياب الولد السنة الاولى، ولم يعد الا في نهاية الثانية»، بعد ان تنقل في كثير من الديار واخرها الاحساء، وعاش حتى عمر مديد، وله احفاد الآن في الكويت، كما يقول الراوي».
ومن روايات الكتاب حكاية عن سقوط احد البحارة الكويتيين ليلاً من ظهر السفينة الى البحر بين الامواج، ثم نجاح زملائه البحارة في انقاذ انسان بين الحياة والموت في ظلام الليل، لكي يتبينوا في الصباح ان الرجل الذي انقذوه «ليس زميلهم الذي سقط في البحر، انما شاب هندي سقط من سفينة اخرى، بينما زميلهم ابتلعه البحر في تلك الليلة الحالكة السواد».
ويروي الحمد عن «طلال الشويب» عن والده، ان جد طلال استورد في الخمسينيات اطارات سيارات من اليابان، واشترطت الشركة تأمين البضاعة، وسأل الشويب عن التأمين و «عرف انه محرم، لهذا رفض التأمين وتوكل على الله». غير ان السفينة غرقت بالفعل وخسر الشويب امواله. «ولكن بعد عدة سنوات جاء من يطرق عليه الباب، ويسلمه كامل المبلغ الذي خسره، وهنا عرف ان الشركة اليابانية قد قامت من جانبها بالتأمين على الشحنة».
ومن حكايات الكتاب مايقوله احد الفنانين الكويتيين من انه افتتن بالموسيقى وراح يستمع للاغاني الشعبية التي تغنى بالجلسات، وعرف ان اسرته لاتقبل ان يدخل معترك الفن لاسم عائلته المعروف، حيث كان مكروها في مجتمعه الكويتي المحافظ ان يمتهن الانسان الغناء. لهذا كان يمارس هوايته خارج المنزل، وكان هذا في فترة 1950 او ما بعدها بقليل.
غير ان الاهل عرفوا في النهاية ميول ولدهم وانغماسه في عالم الموسيقى، ويتذكر الفنان ان والدته كانت ترفض ان تدخل غرفته وبها آلة العود، لهذا تطلب منه ان يغطيه بغطاء، وتقول «غط النّغل اللي بغرفتك»!
ويقول راوي حكاية اخرى بان احد الازواج جاء لزوجته، وقال لها بدون مقدمات «زهبي اغراضك بأخذك لبيت اهلك»! وارتبكت الزوجة من هذا الطلب، ولم يفسر لها الزوج ماذا يعني بطلبه هذا. وماكان من بنت الحلال الا ان لبت طلبه ، واخذت بعض الاغراض وركبت معه السيارة، وهو متجهم الوجه لايتكلم. وفي الطريق ساد الصمت بينهما، وراحت تفكر، ماذا فعلت؟ وهل له نية الطلاق؟ فلم تفعل اي شيء يستحق ذلك!
وعندما وصل بسيارته الى منزل اهلها، طلب منها النزول وهنا سألته الزوجه «إشصاير»؟ فقال: «ابوك توفى»، فردت «أشسوي»!
ويقول الاستاذ الحمد انه في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، كانت شهرة المطرب العراقي «حضيري بو عزيز» لاتعادلها شهرة، حتى ان الناس في الكويت لاتشتري الراديو الا للاستماع لهذا المطرب، وخاصة المغرمين بالطرب الشعبي.
ويروي الفنان «صالح الحريبي» ان احد الاشخاص اشترى راديو، واشترط على البائع ان يكون حظيري بو عزيز في هذا الراديو. ولكن بعد ايام اعاد الراديو لانه لم يسمع له اي اغنية في هذا الراديو.. واراد استبداله!
كتاب «حديث الديوانية» سجل حافل، عامر بالقصص والطرائف المنقولة عن رواة حقيقيين، «من دواوين ومجالس الكويت والخليج»، وفيه حكايات كثيرة اخرى لا مجال في هذا المقال لسردها!
خليل علي حيدر
تعليقات