د. وائل الحساوي يكتب عن أسرار الصراخ الأليم لنواب التأزيم

زاوية الكتاب

كتب 1638 مشاهدات 0



الراى

د. وائل الحساوي / نسمات / أسرار الصراخ الأليم لنواب التأزيم

 

تعلمت في المدرسة الابتدائية بأن 1+5 يساوي 6 وأن 4+6 يساوي 10، وحاولت تطبيق هذا المنطق على كل شيء في الحياة ففوجئت بأن تلك الحسبة مختلفة في كثير من الأمور الحياتية، فقد حاولت جاهدا أن أفهم كيف أن النواب الذين تشتمهم الحكومة ليلا ونهارا ويتسببون في أزمات نفسية للوزراء، كيف تسير معاملاتهم في الحكومة كسرعة البرق أو أسرع، وكيف لا يرد لهم طلب، بل إن كثيرا من الوزراء لديهم ملفات خاصة لمعاملات هؤلاء النواب ويوصون من تحتهم بانجاز جميع معاملاتهم؟!
سيقول البعض بأن السبب هو خوف الوزراء منهم ولكي يأمنوا شرهم فأقول: هذا جواب خاطئ، فالحكومة تدرك بأن سياسة تجفيف المنابع مع النواب المؤزمين ومنعهم من انجاز اي معاملة ستقضي على أكثرهم معارضة، وستضطرهم الى الرضوخ.
إذا ففي الامر سر وأخشى ما أخشاه ان نكون نحن الناخبين ضحية للعبة كبيرة بين أطراف يتقن كل منها دوره بينما نحن «كالأطرش في الزفة»!!
ومهما يكن من أجوبة عن تلك الاسئلة المحيرة فاني أود أن انصح زملائي النواب المؤزمين ببعض النصائح:
أولا: احذروا أن تكونوا وقودا لنار أشعلها غيركم أو وسيلة لتصفية حسابات بين متنفذين، بينما تحسبون بأنكم تؤدون واجبا وطنيا.
ثانيا: سياسة الصراخ والشتم التي يتفنن بها بعضكم تكاد تحرق كل سمعة طيبة لديكم، بل إن النفور منكم قد أخذ يتصاعد بين الناس الى درجة اقتناع الكثيرين بأن حل المجلس حلا غير دستوري للتخلص منكم قد اصبح الوسيلة الوحيدة لانقاذ البلد، ولا تغتروا ببعض من يحضر ندواتكم ويؤيدكم بل انظروا الى الاغلبية الصامتة، بل أنتم من شجع الحكومة لسلوك طرق كثيرة غير دستورية للانتقام منكم وتسخيرها للإعلام الفاسد ضدكم، وقد بحت اصوات العقلاء في التحذير من عاقبة انسياقكم المتتالي وراء التأزيم ولكنكم وللأسف تصورتم بانكم قد اصبحتم في اعين الناس ابطالا حتى وصل الامر بكم إلى المطالبة بطرد نواب من الجلسات والدواوين ومحاربتهم.
ثالثا: ان تحت ايديكم جميع وسائل التغيير الدستورية بل انتم اقوى الناس نفوذا في البلد، فلماذا تتركون الوسائل المشروعة وتلجأون الى الشارع في كل شاردة وواردة، واخبرونا ان كان لكم اسوة بأي بلد في العالم يتصرف نوابه بهذه الطريقة الهمجية التي تسببت في ازمات عاصفة وما زالت، وهل لو نفد صبر اولي الامر وقرروا إجهاض تجربتنا البرلمانية بسبب تعنتكم، هل لديكم حلول سحرية ام انكم ستهددون بالمزيد من الصراخ والنزول الى الشارع، بينما تكونون قد حرمتم الشعب من أعظم مكتسباته؟!
رابعا: قد لا يدرك اكثركم بانكم قد خلقتم طبقة من النواب اصبحت تتكسب من تأييدها للحكومة وتسكت عن الفساد بل وتساهم فيه وتشجعه، والقاعدة الفقهية تقول «درء المفاسد اولى من جلب المصالح»، هذا اذا كانت افعالكم فعلا تجلب المصالح!! بل ان الاسوأ من كل ذلك هو انكم قد تسببتم في عزوف كثير من الكفاءات السياسية عن ولوج هذا المجال المهم وتركه عندما شاهدوا تلك الفوضى القائمة.
خامسا: لماذا لا تسألون انفسكم عن سبب ازدياد موجة الفساد في البلد كلما علت نبرة اصواتكم وصراخكم؟! ولماذا لا تجربون طرقا اخرى اجدى من تلك الطرق؟!
لقد حلم الشعب الكويتي بان ينعم بفترة هدوء واسترداد للنفس بعد الفتنة التي شقت المجتمع شقين، وتسببت بعداوات وكراهية بين الناس، وانتهت جلسة عدم التعاون برسالة وصلت الى السلطة، ولكن ان يبدأ الموال المتكرر بضرورة النزول الى الشارع لاسقاط الحكومة، فهذا تجاوز للحد وميكافيلية لا نرضاها ودليل على ان الاهداف البعيدة لنواب التأزيم اكبر من المعلن، وعسى الله تعالى ان يستر مما هو قادم!!


د. وائل الحساوي

 


 

تعليقات

اكتب تعليقك