الديين يرى الكويت اليوم أمام مفترق طرق، فإما حلّ الأزمة وتسويتها، أو الدفع بها نحو مزيد من التفاقم

زاوية الكتاب

كتب 1353 مشاهدات 0



عالم اليوم

الإشارات والاتجاهات ومفترق الطرق! 
 
كتب احمد الديين
لا أحسب أنّ أحدا من المتابعين السياسيين عن كثب لما يحدث في البلاد قد فوجئ بنتائج التصويت النيابي على طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء بعد استجوابه، بما في ذلك امتناع نائب رئيس مجلس الأمة عبداللّه الرومي عن التصويت؛ وتصويت النائب الدكتور حسن جوهر تأييدا للطلب، وذلك من دون تقليل لما يحمله هذان التصويتان المختلفان عن بعض التوقعات من إشارات ذات دلالة... فلعلّ المتابعين السياسيين يعلمون أنّ نائب رئيس المجلس لم يكن من المتحمسين لتأييد طلب عدم إمكان التعاون، ولكنه في الوقت نفسه لم يكن في وارد منح الثقة مجددا لرئيس مجلس الوزراء فامتنع عن التصويت، وربما كان هذا ضمن توقّعات أو وعود تتصل بما يمكن أن يؤول إليه وضع الحكومة الحالية في المستقبل القريب من دون حاجة إلى حسم ذلك بالتصويت على طلب عدم التعاون، إلى جانب حساسية وضع النائب الرومي كنائب لرئيس مجلس الأمة وما يمكن أن يكون قد تعرّض له من ضغوط اجتماعية... أما النائب الدكتور حسن جوهر فهو إلى جانب مواقفه المشهودة فإنّ مقالته الأخيرة في صحيفة “الجريدة” قد أنبأت مسبقا باتجاه تصويته، ولعلّ قيمة هذا التصويت تكمن في كونه ردّا عمليا ملموسا يدحض ما حاول البعض تثبيته من اصطفافات طائفية وفئوية ومناطقية في الصراع السياسي المحتدم.
أما تصويت 22 نائبا تأييدا لطلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء وامتناع نائب عن التصويت، وذلك على الرغم من الضغوط الشديدة والإغراءات القوية، فإنّه يحمل في طياته إشارة واضحة إلى حراجة موقفه من ضعف القاعدة النيابية، التي يستند إليها رئيس مجلس الوزراء داخل مجلس الأمة؛ وعدم قدرته على التعامل مع التيارات السياسية الفاعلة في البلاد... وهو موقف لم يسبق أن تعرّض له أي من أسلافه من رؤساء مجالس الوزراء المتعاقبين منذ العام 1962، وبالطبع فإنّ مثل هذه الإشارة لا يمكن القفز عليها وتخطيّها؛ مثلما لا يمكن للعين أن تخطئها، وهذا ما يدعو مجددا إلى استذكار التوجيه الدستوري الوارد في المذكرة التفسيرية للدستور في هذا الشأن، الذي ينبّه إلى أنّه ولو لم تتحقق في مجلس الأمة الأغلبية الكبيرة اللازمة لإصدار قرار بعدم الثقة أو بعدم التعاون، فإنّ “شعور الرجل السياسي الحديث بالمسؤولية الشعبية والبرلمانية، وحسه المرهف من الناحية الأدبية لكل نقد أو تجريح ، قد حمّلا الوزير البرلماني على التعجيل بالتخلي عن منصبه إذا ما لاح له أنّه فاقد ثقة الأمة أو ممثليها”... وهذا ما يفترض أن يكون عليه تصرف رئيس مجلس الوزراء، خصوصا في ظل أزمة سياسية محتدمة في البلاد لم تنشأ بسبب استجوابه وتقديم طلب عدم التعاون معه لتنتهي بالنتيجة التصويتية، وإنما هي أزمة نشأت قبل الاستجواب وتقديم الطلب حيث كانا نتيجتين لها وجزءا من تداعياتها، وبالتالي فإنّه لا يمكن طيّ صفحة هذه الأزمة بطيّ صفحة الاستجواب والتصويت على طلب عدم التعاون، فالأزمة ستبقى قائمة ما دامت أسبابها لا تزال قائمة ولن تنتهي الأزمة إلا بزوال أسبابها، بما في ذلك رحيل مسببها، حتى وإن هدأت الأحداث ظاهريا أو تراجعت وتيرتها وقتيا!
أما الإشارة الأخيرة، التي يجب التوقف أمامها، فهي الإجراءات الحكومية المتخذة فور انتهاء جلسة التصويت على طلب عدم التعاون، وما تتسم به من طابع انتقامي وتوجّه سلطوي، وتحديدا ما حدث لمقر القناة التلفزيونية والصحيفة، اللتين يمتلكهما الشيخ فهد سالم العلي، وكذلك البيان التحذيري لوزارة الداخلية لتقييد حرية الاجتماعات العامة بعدما فوجئت الحكومة بحجم الحضور الجماهيري الحاشد والمتنامي في الاجتماعين العامين اللذين شهدتهما “ساحة الصفاة” مساء يوم جلسة الاستجواب وعشية جلسة التصويت على طلب عدم إمكان التعاون، وربما سنشهد خلال الأيام القليلة المقبلة إجراءات أخرى مشابهة أو قد تكون أقسى!
باختصار، الكويت اليوم أمام مفترق طرق، فإما حلّ الأزمة وتسويتها، أو الدفع بها نحو مزيد من التفاقم والتعقيد والمجابهة... والخشية أن تغيب الحكمة!
 

تعليقات

اكتب تعليقك