لماذا تخاف الحكومة من الحريات؟ تساؤل يطرحه ويجيب عنه مرزوق فليج الحربي
زاوية الكتابكتب ديسمبر 25, 2010, 1 ص 564 مشاهدات 0
الوطن
أفكار
لماذا تخاف الحكومة من الحريات؟
كتب , مرزوق فليج الحربي
أعتقد بان كل الحراك السياسي المتوتر والمقلق الذي نعيشه اليوم هو نتيجة لسبب واحد وهو استجواب رئيس مجلس الوزراء سواء الاستجواب السابق والذي قاده النائب فيصل المسلم ومن رحم الاستجواب ظهرت لنا قضية الشيك المسرب وبني عليها تقديم طلب رفع الحصانة عن النائب لمحاكمته عن تهمة تسريب الشيك وعند مناقشة طلب رفع الحصانة غابت الحكومة عن الجلسات من أجل ان تنطبق اللائحة وترفع الحصانة عن العضو المستجوب بدون الرجوع لمجلس الأمة وفسرها الأعضاء بأنها تعطيل لمادة من الدستور وبدؤوا حملة للمحافظة على الدستور وواجهت الحكومة هذه الحملة بعنف وضرب ومنع لأي تجمهر ولهذا السبب أعيدت الكرة مرة أخرى وتم تقديم استجواب جديد لرئيس مجلس الوزراء بسبب التعسف في فرض القانون وضرب أعضاء مجلس الأمة وبدأت الحكومة بتحرك مضاد لكسب الثقة وبدأت حملة جديدة لكسب النواب دفعت لها ما دفعت وانشغل الناس بالاستجواب الجديد وتعطلت مصالح الناس في مجلس الامة وأصبح الاعضاء والحكومة يدورون في دائرة مغلقة.
هذا السيناريو الطويل الذي كان يمكن تجاوزه لو قبلت الحكومة الرأي الآخر وقبلت الاستجواب الأول كأداة دستورية متجاوزة الانتقام من المستجوب خاصة ان استجواب رئيس مجلس الوزراء الأول من صالح الحكومة وكان في جلسة سرية وبشق الانفس حصل المستجوبون على 10 أصوات لتقديم طلب عدم التعاون وكان من الممكن ان يتم تجاوزه بهدوء وعدم إدخال البلد في نفق آخر.
ولكن حدث ما حدث وتطورت الأمور الى ان وصلنا الى الاستجواب الثاني الذي من المتوقع ان يناقش في نهاية هذا الاسبوع ولكن الحكومة لن تقبله وحشدت المجتمع من اجل ألا يتم الاستجواب واذا تم يتم بصورة سرية ومن اجل هذا الامر مورست ضغوط على النواب ضغوط مادية ومعنوية ووظفت الكثير من وسائل الإعلام وتم التشدد في فرض القوانين وفي أغلب الأحيان كان يتم بطريقة تعسفية.
والسؤال الذي يدور في ذهن كل انسان يراقب الأحداث حتى الذين ينظرون للأمر من بعيد ولا يشاركون (لماذا تخاف الحكومة من الحريات؟) اذا كان الاستجواب أداة دستورية من حق النائب لماذا تخاف الحكومة من استخدامها في مجلس الامة واذا كان الشعب الكويتي متعودا على الممارسة السياسية من خلال الشارع فلماذا تخاف الحكومة من تسييس الشارع واذا كانت فاكهة مجالسنا ودواويننا هي السياسية فلماذا تخاف الحكومة من اقامة الندوات السياسية في الديوانيات وتحاول منعها بالقوة واذا كان أعلامنا يوصف دائما بأنه حر فلماذا تخاف الحكومة من سماع الرأي الآخر بالإعلام وتحاول فرض قوانين تمنع الرأي الآخر سواء بمنع القنوات الفضائية أو فرض قوانين لمتابعة أي قناة جديدة.
ما هو الضرر الممكن ان يلحق بالحكومة اذا تمت مساءلتها سياسياً سواء رئيس الحكومة أو احد الوزراء وما هو الضرر ان ظهرت لنا آراء أخرى في نقد أعمال الحكومة في الاعلام وما هو الضرر ان اصبحنا نمارس السياسة في ديوانياتنا.. من المفترض اننا مجتمع ديموقراطي والديموقراطية هي قبول الرأي الآخر وهذا المفترض ان يكون.
بعض الدول الديموقراطية تجاوز الأمر من نقد الحكومة في وسائل الإعلام إلا ان هناك من يقوم بقذف البيض الفاسد والطماطم على سياسيين كما حدث مع رئيس الوزراء البريطاني بلير عندما تم قذفه من قبل متظاهرين ايرلنديين وما حدث مع ساركوزي رئيس فرنسا عندما قذف بصحن كيك وما حدث مع السفير الاسرائيلي في تركيا عندما قذف بالبيض الفاسد.. والاعلام في الدول الديموقراطية ينتقد السياسيين بقوة تصل احيانا للتجريح ونشر الفضائح الشخصية وأتمنى ألا يفهم أنني أدعو لذلك، فالحكومة برئيسها ووزرائها لها كرامتها واحترامها ومعارضتنا لها من باب الاختلاف بالرأي أما أشخاصهم فلهم كل التقدير والاحترام ولكننا نصوّر ان في الدول الديموقراطية ممارسات تصل لما وصلت إليه ومع هذا يتم التعامل معها بأريحية وبدون توتر ودون تحويل المجتمع بإعلامه وقبائله ومساجده ودواوينه لفسطاطين فسطاط مع الحكومة وفسطاط مع النواب المستجوبين.
المطلوب من الحكومة ان تتمتع بروح رياضية في قبول الطرف الآخر.. فان الاستجواب مدته ايام وينتهي واما الاستقرار والتنمية في هذا البلد فهي مطلوبة على طول واخشى ما نخشاه ان الاستجواب ينتهي سواء سلبا او ايجابا ونبقى نعاني من افرازاته على المدى الطويل.
مرزوق فليج الحربي
تعليقات