أحمد الديين يدعو العناصر الحيّة في المجتمع الكويتي إلى إعادة النظر في غلبة العمل البرلماني على ما عداه من مجالات العمل السياسي

زاوية الكتاب

كتب 696 مشاهدات 0





خلل تغليب العمل البرلماني! 
 
كتب أحمد الديين
من بين الاختلالات الخطيرة، التي جرى تكريسها في حياتنا السياسية خلال السنوات الأخيرة ما نشهده من تغليب مبالغ فيه للعمل البرلماني وتقديمه على ما عداه من أشكال العمل السياسي الأخرى، بل التعامل معه على أنّه هو الشكل الوحيد للعمل السياسي... ولعلّه قد حان الوقت لأن يتم تصحيح هذا الاختلال، الذي انعكس سلبا على التطور السياسي الديمقراطي لمجتمعنا الكويتي، بحيث يفترض أن يُعاد الاعتبار مجددا إلى العمل السياسي بمعناه الواسع، وعدم حصره في صندوق الانتخابات وقاعة المجلس.
فمن الخطأ قصر العمل السياسي، أي العمل المتصل بإدارة شؤون الدولة، على العمل في مجالي الانتخابات والممارسة البرلمانية فحسب، فهذان المجالان إنما هما جزء من العمل السياسي، الذي يفترض أن يشمل مجالات أخرى أوسع، من بينها وجود أحزاب سياسية، وتداول السلطة ديمقراطيا، وهذان المجالان هما أبرز ما نفتقدهما في العمل السياسي الكويتي، إذ لا يمكن أن تكون هناك حياة سياسية ونظام ديمقراطي من دون أن تكون هناك مؤسسات حزبية قائمة وآلية معتمدة لتداول السلطة... كما يفترض أن يتسع العمل السياسي ليشمل من بين ما يشمل تكوين الرأي العام وتوعيته وتعبئته وتنظيم حركته للتأثير على مراكز صنع القرار السياسي وضمان مشاركة الشعب في إدارة الشأن العام للدولة، وغير ذلك من مجالات العمل السياسي، التي غُيّبت أو أُهملت وتراجعت جراء التركيز على العملية الانتخابية والممارسة البرلمانية، وكأنّه لا سياسة ولا عمل سياسيا خارجهما!
فمن بين الظواهر السلبية لهذا الاختلال ما نلمسه من تكريس ملحوظ للطابع الفردي في العملية الانتخابية والعملية البرلمانية وتراجع مؤسف لدور الجماعات السياسية والكتل النيابية، وكذلك ما نشهده من إبراز للتصريحات الإعلامية الصادرة عن أعضاء مجلس الأمة والتعامل معها على أنّها هي السياسة؛ وهي العمل السياسي، وهذا ما أدى أولا وقبل كل شيء إلى تراجع العملية الانتخابية كعملية سياسية وتراجع العمل البرلماني كعمل مؤسسي، ناهيك عن غياب العمل السياسي المؤسسي المتمثّل في الأحزاب ودورها السياسي المفترض في إدارة دفة الحكومة أو قيادة المعارضة... وفي الوقت نفسه فقد ضاقت دائرة الشأن العام وانحصرت في البنود المدرجة على جدول أعمال المجلس وفي تفاصيل المناقشات البرلمانية، أما القضايا الكبرى المتصلة بالقرار السياسي في الدولة وبالسياسات العامة وبإدارة شؤون الحكم فلا مجال لبحثها... ومع مرور الوقت أصبح الرأي العام الشعبي مهمّشا معطلا لا دور له ولا تأثير خارج الموسم الانتخابي... وغير ذلك من ظواهر هذا الاختلال.
إنّ الحالة البائسة، التي تردّت إليها العملية الانتخابية المشوهة في ظل الفساد والإفساد، والتراجع الفاضح للمؤسسة البرلمانية في ظل السطوة السلطوية، التي حوّلت الغالبية النيابية إلى أداة تابعة، وما تعرّض له كيان التمثيل النيابي من إهدار مقصود لمبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية، وغير ذلك من مستجدات سلبية لا بد أن تقود العناصر الحيّة في المجتمع الكويتي إلى إعادة النظر في غلبة العمل البرلماني على ما عداه من مجالات العمل السياسي، وإعادة الاعتبار إلى السياسة والعمل السياسي بمعانيهما الواسعة... فربّ ضارة نافعة!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك