الكويت مقبلة على أزمات جديدة بين الحكومة والنواب بسبب قضايا عديدة تحتاج الحسم، والاقتراحات بالقوانين الخاصة بالاقتصاد وبتشكيل الأحزاب..فحوى مقالة شملان العيسى

زاوية الكتاب

كتب 425 مشاهدات 0


 

إشكالية الديموقراطية في الكويت
كتب:د. شملان يوسف العيسى
انفرجت الأزمة السياسية في الكويت بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بعد أن بادرت الحكومة بتشكيل وزارة جديدة بإقالة أحد الوزراء واستقالة الآخر بعد إصرار أعضاء مجلس الأمة على إقالتهم واستجوابهم حول قضايا هامشية ذات طابع شخصي أو حزبي أو طائفي، وكما تتراجع الحكومة دائماً وتضحي بوزرائها أملاً في تحقيق الاستقرار وتجنب المواجهة مع أعضاء مجلس الأمة، وبتشكيل هذه الحكومة الجديدة تصبح هذه الحكومة هي الرابعة، التي يشكلها سمو الشيخ ناصر محمد الصباح في فترة تقل عن العامين فما هي أسباب عدم الاستقرار في الكويت وهل يعود سبب المشكلة إلى طبيعة الديموقراطية أم الممارسة الخاطئة لها؟ ولماذا يصر النواب دائما على مساءلة الوزراء.
التساؤل الذي يطرحه الجميع في دول الخليج والكويت، لماذا تتعثر التجربة الديموقراطية في الكويت؟ وهل المشكلة في الديموقراطية أم في سوء إدارتها من الجانبين؟
لا توجد إجابة واحدة لهذه التساؤلات، لكن الأمر المؤكد هو أن الديموقراطية في الكويت أو الخليج أو الوطن العربي، لن تنجح بدون وجود شعب ديموقراطي يدافع عنها وقوى ديموقراطية تدفع لإنجاحها وحمايتها ضد تعسف السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. أما السبب الثاني فيعود إلى تجاوز السلطات وخرق مبدأ فصل السلطات، فالسلطة التشريعية استحوذت في السنوات الأخيرة على العديد من صلاحيات السلطة التنفيذية، بالتدخل في الإدارة الحكومية سواء بتعيين الأقارب وأبناء العمومة وأبناء المناطق والطوائف، في المناصب العليا للإدارة الحكومية، وأي وزير يرفض الواسطة أو المحسوبية يعرض نفسه للمساءلة النيابية والاستجواب.
الحكومة التي ساهمت في إنجاح بعض النواب بسكوتها وغض نظرها عن الانتخابات الفرعية القبلية غير القانونية، وكذلك بتحالفها مع جميع القوى السياسية في مجلس الأمة من «إخوان مسلمين» وسلف وقوميين ووطنيين وقبائل، أملاً في الحصول على الأغلبية في مجلس الأمة، وجدت نفسها وحيدة، لأنها لا تملك حزباً سياسياً ولا تسيطر على الأغلبية البرلمانية، والتساؤل: هل يمكن أن تنجح أي تجربة ديموقراطية في الخليج من دون وجود أحزاب سياسية؟
حكام الكويت وحكام الخليج يشعرون بأن بلادهم غير مهيأة للتجارب الحزبية، فالأحزاب السياسية تتطلب بيئة ثقافية منفتحة وأحزاباً وطنية تعمل بشكل علني مفتوح، والأهم من كل ذلك أحزاب تؤمن بالتعددية الفكرية والثقافية والدينية ولا تؤمن بإلغاء الآخر، ما هو موجود في الكويت هو تخلف مؤسسات الدولة، يقابله تخلف المؤسسات الاجتماعية، فمؤسسات المجتمع المدني تعتمد على الدولة في كل شيء ولا تملك الاستقلالية التامة عن الدولة.
هل ستهدأ الأمور في الكويت بعد التشكيل الحكومي الجديد؟ نحن لا نتصور ذلك، فهنالك بوادر أزمات جديدة حول برنامج العمل الحكومي وبرنامج عمل أعضاء مجلس الأمة، أوليات مشاريع القوانين الحكومية التي تقدمت بها للمجلس (حوالي 20 مشروعاً) قدمتها بصفة الاستعجال كلها تقريباً، ومعظمها يتعلق بتحديث الاقتصاد وتطويره، منها مثلاً قانون المستثمر الأجنبي وتنظيم برامج وعمليات التخصيص والمشاركة بين القطاعين العام والخاص.
هذه المشاريع الحكومية تقابلها اقتراحات بقوانين تقدم بها أعضاء المجلس وتعطي الأولوية لتحسين الحالة المعيشية للمواطنين بزيادة الرواتب وإسقاط فوائد القروض وتعديل قانون التأمينات الاجتماعية بزيادة علاوة الأطفال، كما تقدم نواب الإسلام السياسي باقتراح قانون حول إشهار الأحزاب السياسية.
نواب مجلس الأمة الذين طالبوا بإشهار الأحزاب، يعون تماماً بأن السلطة السياسية لن تسمح بإشهار الأحزاب، كما أن الأغلبية من الشعب الكويتي ترفض فكرة الحزبية، فالأحزاب السياسية المتواجدة في الكويت لها امتداد خارجي وكلها ذات طبيعة استبدادية وغير ديموقراطية، فالأحزاب الدينية ممثلة بالحركة الدستورية الإسلامية، هي امتداد لحركة «الإخوان المسلمين» والحركة السلفية امتداد للسلف الصالح في المنطقة، أما «حزب الله» الكويتي فهو امتداد للحركات الشيعية في المنطقة، وتوجد أحزاب قومية من بقايا حركة القوميين العرب وأحزاب ليبرالية ضعيفة حديثة التأسيس، هذه الأحزاب المؤدلجة ذات طابع ديني أو قومي أو طائفي ترفض الآخر وإن كانت تتاجر بالشعارات الدينية والقومية.
وأخيراً نرى بأن الكويت مقبلة على مرحلة جديدة من الأزمات وستكون اختباراً لطبيعة الديموقراطية فيها، هل تصمد أم لا؟

 

 

 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك