حكومة تسرّح شعر كبار اللصوص، ولم تحبس وزيراً ولا وكيلاً رغم الفساد لايحق لها برأى الوشيحي فرض ضرائب علينا
زاوية الكتابكتب نوفمبر 11, 2010, 1:03 ص 1699 مشاهدات 0
آمال:
خليني شوفك بالليل
محمد الوشيحي
إحدى أهم القواعد العسكرية التي يعرفها صغار العسكريين وكبارهم تقول 'الإيمان بالقائد – أي بكفاءة القيادة - يؤدي إلى تنفيذ أوامرها بحذافيرها، والتفاني في تحقيق خططها'.
والتاريخ العسكري القديم يقول إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أزاح البطل المخزومي خالد بن الوليد عن قيادة الجيش كي لا يظن الناس أن خالداً هو سبب انتصار الجيوش الإسلامية. والتاريخ العسكري الحديث يقول إن الجيوش العثمانية أصيبت بهوَس الإعجاب بقائد شاب اسمه مصطفى كمال أتاتورك. وتسأل الجندي العثماني فيجيبك: 'إذا قادنا مصطفى كمال فلا يمكن إلا أن ننتصر، فقائدنا هو الأعظم عسكرياً على مر التاريخ'. وهو قوْلٌ ردده الثعلب الألماني روميل: 'أتاتورك يقلب الأحداث العسكرية كما يقلب فنجان قهوته'، وأيّد كلامه عدوه البريطاني مونتجيمري: 'أتاتورك هو الأفضل بلا جدال'.
وأدركت قيادة الجيش العثماني الأمر فأخذت تبث الشائعات بين جنودها، في المناطق المختلفة، أن مصطفى كمال وصل للتو وتولى القيادة، فيظن عساكر الجيش العثماني المُحاصرين في حيفا أنهم تحت قيادة كمال، ويظن العساكر في القوقاز أنهم تحت قيادة كمال أيضاً، فترتفع روحهم المعنوية ويزداد عطاؤهم، في حين أنه محبوس في سرداب القصر ينتظر تنفيذ حكم الإعدام فيه بعد فشل انقلابه الأول، قبل أن تصدر الأوامر بالإفراج عنه وتسليمه قيادة الجيش الغربي. وبالفعل استطاع في غضون أشهر إعادة الأمور إلى نصابها. ويقول مساعده: 'كان يدور على كل القطاعات ليشاهده العساكر فترتفع روحهم المعنوية، وكان يقضي جلّ وقته مع العساكر وهو يردد (سنهزمهم سنهزمهم)، وفي الليل يتفرغ لصياغة الخطط وإعدادها، ويعيد بعض القيادات المزيفة إلى الخلف، وأحياناً إلى إسطنبول، ويزج بالأكفاء في الأمام'.
وكانت الأمور قبل وصول أتاتورك قد بلغت حدّ رفض الأوامر العسكرية، وهي المرحلة الأخطر، بعد أن ثبت في أذهان العساكر أن قادة الجيش العثماني يدفعونهم إلى الانتحار الجماعي، من دون أن تتسخ بزاتهم العسكرية (أي بزات القادة).
وما لم يمسك أحد من القراء يدي ويلوِها خلف ظهري، عندما أكتب عن أتاتورك، فلن أتوقف إلا بعد أن يلطم سكرتير التحرير الزميل ناصر العتيبي. لكن دعوني أعود من حيث انطلقت لأقول إن الدول تقودها الحكومات، والكثير من الكويتيين لا يكفرون بحكومتهم فقط، بل يتوجسون منها خيفة ويتحسسون مسدساتهم عند مرورها على مقربة منهم، ولا يعطونها ظهورهم عند مغادرتهم القاعة، بل يتقهقرون إلى الخلف. فالعمر مش بعزقة.
وحكومة تسرّح شعر كبار اللصوص، بعد أن تهتم بحمامهم الساخن، وتأخذ مصروف البسطاء وتضعه في جيوب القراصنة، لا يحق لها أن تطالب بفرض الضرائب علينا. كيف نقتنع وندفع الضرائب ونطبق أوامر حكومة هي لا تطبق القانون، ولم تحبس وزيراً ولا وكيلاً رغم صراخ مؤشر الفساد الذي تقطعت حباله الصوتية و'صفّر' مخزون دموعه؟ كيف نلبي رغبات حكومة حولت البلد إلى غابة ولا غابات الأمازون، ينهش كبارها صغارها؟ كيف نؤمن بحكومة تغني للمستثمرين: 'خليني شوفك بالليل، الليلة بعد الغيوبي، والليل بيستر العيوبي'.
وآخر صرعة من صرعات الفساد، هي 'رحلة مدير مستشفى شركة النفط وصديقيه الإداريين، أكرر صديقيه الإداريين، إلى أميركا في جولة طبية'، وهي رحلة ستنطلق بعد العيد للتعاقد مع المستشفيات هناك. ولمن أراد أن يضحك أقول: 'الجولة لن تشمل أفضل خمسة مستشفيات في أميركا، كما فعلت الوفود القطرية والإماراتية، بل ستنصبّ على مستشفيات مجهولة الأبوين، يسهل معها التكتيك والتضبيط'، ولا أدري كيف يمكن لإداريين أن يناقشا أطباء في قضايا فنية! وأظن أن الرحلة هذه ستفتح باب وزير النفط أمام الأعاصير... وسأتابع الموضوع لأكشف تفاصيله. وخليني شوفك بالليل.
تعليقات