رابط الجوار: النسخة الإيرانية للشرق الأوسط الكبير
عربي و دوليأكتوبر 12, 2010, 1:54 ص 2575 مشاهدات 0
جامعة الدول العربية هي مخزن الذكريات الأليمة ' The Hurt Locker' ليس لأن المجتمعين فيها منذ مارس 1945 م قد تخاصموا ثم تصالحوا، واختلفوا ثم اتفقوا، ووعدوا ثم ماطلوا، واقسموا باالله ثلاث مرات ثم حنثوا، وغضبوا في 1956م ثم بكوا في 1967م فحسب، بل لأنها في التمويه تشابه الفيلم الذي يحمل نفس اسم خزنة الألم ، وحصل على ست جوائز أوسكار من أكاديمية فنون وعلوم السينما الامريكية. فقد قام بدغدغة حواس الامهات الاميريكيات واظهر نبل فنيي تفكيك القنابل الأميركيين، فيما همش عن قصد صورة المواطن العراقي الذي ملأ افق مسرح تلك الاحداث التي جرت في العراق بعد سقوط الطاغية 2003م .
في القمة العربية الاستثنائية التي اختتمت أعمالها بمدينة سرت الليبية 9أكتوبر 2010م فتح الامين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى خزنة الألم مجددا، لكنه حاول هذه المرة إدخال دول مجلس التعاون في الخزنة دون بقية العرب،من خلال مشروعه المسمى رابطة الجوار العربي ليضم جمهورية إيران الاسلامية وتركيا الى الحضيرة العربية . وكان لابد ان يأتي ذلك في اثر خطوة نبيلة هي تطوير آلية العمل العربي في الجامعة بل وتغيير مسماها الى اتحاد دول عربية.
لقد تكفل الرئيس المصري حسني مبارك بتسفيه مقترح عمروموسى الخاص بتطوير آلية العمل العربي، لأنه قد اشتم فيه رائحة منكرة ووصفه بالارتجال، وطالب بالعمل وفق دراسة متأنية وبحث مشبع للارتقاء به عبر لجان متخصصة حتى لا تشكل عملية التطوير انتكاسة للعمل العربي. ثم جاء المقترح الثاني المسمى رابطة الجوار العربي وقد رفضته دول مجلس التعاون بحزم، بل ودفعت بخروج قرارت حيال الموضوع تضمنت:
أولاً: تشكيل لجنة وزارية برئاسة رئيس القمة تكون مفتوحة العضوية لمواصلة دراسة مقترح إقامة منتدى الجوار العربي من كل جوانبه وكذلك التوقيت الملائم لاعتماده بالاستعانة بفريق من الخبراء السياسيين والقانونيين والاقتصاديين.
ثانياً: الطلب من الدول الأعضاء مواصلة تزويد الأمانة العامة بمرئياتها واقتراحاتها في هذا الشأن.
ثالثاً: تكليف اللجنة الوزارية المعنية تقديم تقرير عن التقدم في أعمالها إلى الاجتماع القادم لمجلس الجامعة على مستوى القمة في آذار من عام 2011.
مما يعني دفن الموضوع في لجان ستتكفل بتذويبه قبل موعد مجلس الجامعة. وهنا تقفز استفسارات عدة عن أسباب الاقتراح واسباب الرفض الخليجي؟
إن وقوف ليبيا وهي جزء من محور ضمن المحاور الموجودة في الساحة العربية الدالة على التقدمية او الطليعية أو الثورية او معاكسة المحاور العربية التقليدي التي تشكل مصر ومجلس التعاون جوانبها ويضع المشروع في خانة عدم القبول، فقد مللنا من شعارات زائفة ذات وقع تحرري على الأذن فقط .
الكلمات المناسبة التي كانت تنظر على رأس القلم، قفزت حال ظهور مقترح منتدى الجوار العربي لتصفه بـ (الشرق الأوسط الكبير... النسخة ايرانية) اشارة الى المشروع الذي اطلقته الادارة الاميركية في عام 2004م تحت اسم الشرق الاوسط الكبير ، وكان القصد منه تعويم المنطقة الجغرافية التي تضم العالم العربي وتخومه غير العربية، ليصبح هيكل يضم اسرائيل وتركيا وافغانستان وايران، مما يعني الاجهاز على البعد القومي العربي ليس في الشرق الاوسط الكبير فحسب، بل في الوطن العربي نفسه كخطوة لتفكيك الجامعة العربية وتهيئة الاجواء لاسرائيل للعب دور اهم .
كما تجاهل السيد عمرو موسى نظرية خطوط الصدع الحضارية 'Falut line' و التي قال بها صموئيل هنتنغتون عن الانشقاقات الحضارية والسياسية والاقتصادية وحتى العسكرية بيننا وبين الجارة العزيزة جمهورية ايران الاسلامية، لكوننا على الحافة الحضارية للعرب شرقا. فقد دعونا الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد لقمة مجلس التعاون الـ28 الدوحة التي عقدت عام 2007م وبدل وضع خارطة طريق للتعاون الاقتصادي، فرش لنا سيد طهران خارطة مليئة بالاحداثيات العسكرية والتحالفات الدفاعية، وكانت بضاعة هزيلة مقارنة بما هو متوفر لنا في سوق حلف شمال الاطلسي.وما جدوى مقترحات عمرو موسى إذا كان وزير الخارجية الكويتي، والكويت رئيسة للدورة الحالية لمجلس التعاون في تصريحات سابقة قد قال إن حل القضايا العالقة مع إيران هي الخطوة التى تسبق كل شئ في مجال التعاون معها .
إن هناك حديث عن قرب مغادرة السيد عمرو موسى للامانة العامة لجامعة الدول العربية، فهل يعتقد موسى ان الجامعة دورة تاريخية اكتملت ويجب ان تنتهي وأراد أن يضع لنفسه اسم في سجل انجازات الجامعة من خلال تغيير هيكلها، ومن خلال هدم بعض أسوارها لدخول ايران وضياع معالم حدود الجامعة ؟
أم ان كل ما جرى كان مماحكات مصرية صرفة بين الرئيس حسني مبارك المقبل على انتخابات رئاسية صعبة وبين عمرو موسى الذي تردد ولو بخجل عن نيته لخوض تلك الانتخابات، وان استنجاده بالقذافي كان جزء من ذلك السياق ؟ ربما، لكن الأكيد ان ماجرى من تغييب لنا في أمر يمس الخليج العربي بالدرجة الأولى اثناء تحضير هذه المقترحات قد أدخلنا في خزنة الألم على منهجية العمل في الجامعة العربية التي عليها أن تعيد تعريف نفسها.
تعليقات