د.عبدالله سهر ينصح الشيعة بأن يتصارحوا ويقدموا ما لديهم لاخوانهم السنة ويقبلوا بحكمهم الذي لن يكون الا عادلا ان عرض وقدمه عاقل

زاوية الكتاب

كتب 2247 مشاهدات 0




أنا مع وضد
 

السنة والشيعة بين أغلبية الـ %99 وعقدة الـ %1

 
كتب د. عبدالله يوسف سهر
 
2010/09/15    10:48 م

أنا
في قاموس السياسة العربي اجمالا تظهر نسبة الـ %99 في وصف الكثير من الظواهر السياسية، وخاصة فيما يتعلق ببعض الانتخابات حيث يفوز بعض الساسة بهذه النسبة تاركين الـ %1 للمعارضة أو الذين أخطؤوا في التصويت أو غير ذلك.ازاء ذلك يهزأ الكثير من النقاد وأصحاب الرأي بهذه النسبة، لكن السؤال هو اذا كنا بالفعل لا نصدق نسبة الـ %99 فهل يمكن ان نكذب وجود قوة لمن هم أقل من نسبة الـ %1 في حياتنا السياسية.لنقرب الفكرة أكثر من خلال السؤال التالي، ما هي نسبة المنتمين لتنظيم القاعدة بين المسلمين البالغ عددهم مليار و300 مليون مسلم في العالم (هناك احصاء آخر يقدر المسلمين بمليار ونصف تقريبا)؟ اذا افترضنا ان الـ %99 من المسلمين ليسوا منتمين لتنظيم القاعدة فهل هناك احتمال ان ينتمي %1 من المسلمين مع ذلك التنظيم الإرهابي؟ وبمعنى آخر فهل يمكن ان ينتمي مليون و300 ألف مسلم مع ذلك التنظيم الملعون؟ الكثيرون مثلي يشكون في ذلك، لكن المشكلة ان ذلك التنظيم الإرهابي على قلة نسبة أعضاءه الا ان لهم الأثر الأكبر على الملامح والظواهر والمشهد العام في علاقة المسلمين بغيرهم، وهو أمر طبيعي لكون هذه القلة تأتي بأفعال مشينة من خلال شعارات إسلامية ليدفع ثمنها بقية المسلمين بكافة مذاهبهم وطوائفهم.وبالمثل كم هي نسبة المتطرفين المسيحيين الذين يودون القيام بحرق المصحف الشريف أو تمزيقه من نسبة المواطنين الأمريكان المتسامحين؟، فهل يعقل ان تنسحب الأغلبية لأجندات الأقلية المعدمة الفكر؟ ليس هذا حديثنا، بل الحديث هو عن مجتمعنا الصغير في الكويت حيث نسأل ما هي نسبة المتعصبين والطائفيين الى نسبة المتسامحين والمتحابين بين الكويتيين؟. إذا قلنا بأن هناك مليون ومئة ألف كويتي تقريبا، فهل يعقل ان يكون هناك نسبة %1 التي تمثل أحدى عشر ألف متطرف وطائفي نشط في مجتمعنا؟ ولكي نقرب الصورة أكثر وبشكل واقعي لنسأل أنفسنا كم هو عدد الكتاب في الصحافة وما هي نسبة الداعين للطائفية، وكم هو عدد الداعين للتصعيد الطائفي بين أعضاء مجلس الأمة، وما هو عدد المتطرفين والطائفيين بين رجال الدين الكويتيين، وكم هو عدد هؤلاء المتعصبين بين الأكاديميين والمثقفين والنشطاء السياسيين؟ هل يعقل ان يكون عددهم مجتمعين أكثر من 11000 فرد؟ اذا كنا نشك في ذلك فالمعنى ان هناك %99 في مجتمعنا لا يحبون الطائفية ولا يسعون لها بل ويشمئزون منها، فعلام كل ذلك التوتر والتصعيد الطافح على المشهد السياسي؟ اذن هناك خلل كبير من حيث منشأ هذه الفتنة وطريقة استقبالها والتعاطي معها.ليس لدي أدنى شك بأن الذي يحرك ياسر الحبيب وشاكلته هو أجهزة استخبارات لا تريد بوطننا الخير، كما ليس لدي أدنى شك بأن الذين يتحركون في ذات سياق ياسر من أي فئة أو طرف هم كذلك ضمن أجندة هذه الأجهزة التي تود ان تزرع الفتنة بين المذاهب الإسلامية على مستوى المسلمين في العالم وكذلك على مستوى الدول ومنها الكويت.على الرغم من ان الكثيرين في مجتمعنا يشاركونني هذا الاعتقاد لكن المؤسف له بأن الـ %99 لا تتحرك ضد من هم أقل بكثير من الـ %1 وأجندتهم التي تهدف لزعزعة الاستقرار.أليس من الخلل ألا تتحرك الأكثرية المطلقة التي تنشد الاستقرار والتلاحم والتكافل ضد هذه الأقلية القلية المارقة التي لا تستطيع العيش الا من خلال تسويق بضاعة الغش السياسي؟.على الرغم من معرفة هذا الغش السياسي لدى الأغلبية الصامتة لكن البعض القليل قادر بأن يستخدمه في سحر أعين الناس، فبعضهم يريد الظهور وكأنه المحامي الأمين عن الأمة، والبعض الآخر يستخدمه في برنامجه الاعلامي لكي يستقطب أكبر عدد من المشاهدين والمطبلين من أجل آلته الاعلامية حتى يستأثر بحصة سياسية لم يستطع الحصول عليها من خلال القنوات السياسية، وآخرين من الصغار الذين ينشدون الشهرة السريعة من نافذة الشذوذ السياسي. قبل فترة كتبت بعنوان «ياسر الحبيب في مواجهة الشيعة» ولقد أثنى على ذلك الكثير من الأخوة من جميع الأطياف، ولقد أبدى بعض الأخوة الشيعة ملاحظة حول المتعصبين من الطرف الآخر وعدم ادانتهم بذات النهج.لقد كان ردي على البعض منهم واضحا من خلال السؤال التالي، كم عدد هؤلاء الذين تعتقد بأنهم متعصبون في مقابل المعتدلين والمتسامحين، فكان الرد كما توقعت أقل من الـ %1، فلماذا لا نخاطب الـ %99 ونشملهم بما نحس انه اعتداء صارخ ونحاول التوضيح لهم كي يقوموا بما يمليه ضميرهم الوطني والديني. ليسمح لي بعض الأخوة الشيعة مرة أخرى بأن أقول إن الأغلبية الساحقة من الأخوة السنة متسامحون محبون لكم، بيد ان لديهم بعض الأسئلة والملاحظات كما هو لديكم، ومنها ما هو موقفكم من المتعصبون والطائفيين الشيعة الذين يشتمون ويسبون الصحابة وأهل السنة ويكفرونهم، واذا كان هؤلاء المتعصبون أقلية فلماذا يصعد نجم من يستخدم المفردات الطائفية بينكم، وما هو موقفكم من ايران وحزب الله؟.على الرغم من ان بعض هذه الأسئلة تثير حفيظة الأغلبية من الشيعة لكونها تضمر أتهاما أو على الأقل قدحا بالوطنية والولاء، لكنها بالنسبة للكثير من اخوانهم في الوطن مستحقة، كما تعتقدون بأن بعض أسئلتكم وملاحظاتكم مستحقة لهم ايضا.فما هو المخرج من ذلك؟ هل من المعقول ان يتم التغافل عن تلك الأسئلة لتترك إثارتها وطرحها والاجابة عليها بيد السفهاء والمتطرفين الذين يقل عددهم عن نسبة الـ %1 ليعبثوا بمصير الأكثر من ال %99. وهل يعقل ان تستمر المواجهة بين من هم أقل من %1 والذين يزيد عددهم على الـ %99؟ صامتون متأثرون بهذا المشهد السياسي المقيت الذي يصنعه المتسلقون للوصول الى مآربهم؟. ليعلم شيعة الكويت ألا عزوة لهم ولا غنى عن اخوانهم السنة، فهم أبناء وطننا الواحد وهم الحضن والحصن في وقت الشدائد وهم الأخوة والأحبة والسند والعضد في أوقات الرخاء والأزمات، فربنا واحد ورسولنا واحد وقرآننا واحد ووطننا واحد ودستورنا واحد ودمنا واحد، أما ما يحاول البعض تصويره وتعكيره فهو ان نجح فليس ذلك من قدراته أو صحة طرحه أو كثرة عدده بل من تقاعس الأغلبية التي تمثل أكثر من الـ %99.. دعونا نرى أنفسنا من خلال مرآة أنفسنا المتسامحة التي جبلنا عليها لا من خلال تصورات الأقلية المتطرفة.ونصيحتي للأخوة الشيعة الذين يحسون بأنهم مستهدفون من قبل الأقلية القليلة بأن يتصارحوا ويقدموا ما لديهم لاخوانهم السنة ويقبلوا بحكمهم الذي لن يكون الا عادلا ان عرض وقدمه عاقل.

أنا
لقد ترددت كثير في كتابة هذه المقال ليس لأن الجرأة تنقصني بل كنت في أشد الاستحياء من مسايرة التصنيف المذهبي واستخدام مفرداته، الا انني وبعد التفكير والامعان في واجبي ازاء ما يحدث لم أجد مناصا من كتابة ما يجيش في صدري ويكنه ضميري، ولعل البعض يعتقد بأنني مخطئ في الانسياق خلف تلك المسميات لكنني لم أجد خيارا آخر لطرح ما أعتقد بأنه صحيح.

د.عبدالله يوسف سهر

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك