د. مبارك الذروه يأسف لوجود أشكال عديدة من السلوك المنحرف بين شبابنا في مجتمعنا المحافظ

زاوية الكتاب

كتب 701 مشاهدات 0



د. مبارك الذروة / من زرع حصد
 
 د. مبارك الذروه 

يرى بعض المفكرين أن تنمية الإنسان هي أفضل طريق للاستثمار وأسماه البعض الآخر برأس المال البشري...
والعقل البشري لا يزال متقدماً ومتفرداً في انجازاته واكتشافاته... فهو مناط التكليف. وما لم نحافظ على هذا الكائن الإنساني من شر نفسه وغلوائها، ومطامعها وجموحها، فإن الوطن سيخسر الكثير نفسياً واجتماعياً واقتصادياً أضعاف ما ينفقه في عمليات البناء.
من هنا نجد أن السارق اللص، والمجرم القاتل، والمغتصب الفاجر، والنصاب المحتال، وغيرهم من المنحرفين سلوكياً لم يكونوا كذلك لولا تردي وسائل التنشئة الاجتماعية والبيئية، وانحراف الإعلام وتقاعسه، وغير ذلك مما هو معروف!
أنظر مثلاً إلى ما تنفقه الدولة من مخصصات وأنشطة وأجهزة ومرافق لرعاية الأحداث مثلاً، وانظر إلى ما تنفقه الدولة من أطعمة وأجهزة ومبان وأمن في السجون، وأماكن الحجز التوقيفية في المخافر، وانظر إلى ضحايا الإعاقة والأمراض المزمنة والخطيرة، وما تتكبده الدولة من نفقات هائلة... كلها كانت بسبب ثقافات بدائية في التعامل مع الفرد والمجتمع! إنها ثقافات مدمرة تبثها حملات الإعلام الفضائي المضللة والتي تشوه طرق التفكير السوي وتجنح به نحو الانحراف. ثقافات إعلامية سيطر عليها دول ومنظمات ومنتفعون حول العالم ليوجدوا جموعاً من البشر مستهلكة ومتبعة تردد كالببغاوات ما يأفكون!
وفي الإعلام المحلي نكتفي بعرض الخبر دون تحليل أو توجيه إرشادي... شاب يسرق موبايل زميله في المدرسة.
بنت تُقبل زميلتها في (أماكن مخصصة، في المرحلة المتوسطة). طالب يطعن آخر بالسكين لأنه سبه وشتمه. وافد يغتصب طفلة في مجمع سكني، ثم يقتلها ويلوذ بالفرار. نصاب كويتي يسطو على مجموعة من الشباب بحجة توفير استثمار أمثل. رجل يثور لكرامته فيقتل أحد أقاربه!
قبل أكثر من عشرين عاماً كنا نستغرب ونفاجأ بمثل هذه القضايا الدخيلة أما اليوم فعشرات منها تحدث يومياً.
ولنا أن نتساءل كيف يحدث ذلك في مجتمع محافظ ومنفتح في آن واحد؟! وقبل الإجابة لنتساءل معاً: ما الشعور الذي ينتاب طفلاً في التاسعة يشاهد زميله ممسكاً بلاك بيري او أي فون في المرحلة المتوسطة، وما الذي يثور بداخل شاب يشاهد يومياً مئات الفتيات من جنسيات مختلفة، وبألبسة متنوعة فاتنة، يبعن الهوى وبأبخس الأثمان، وماذا نقول لعمال تركوا شهوراً تحت رحمة المقاول والكفيل دون زوجة وأسرة، ولربما لم تصلهم أتعابهم وثمن عرقهم، وبم نفسر لشاب يبحث عن وظيفة حين يتورط مع محتال يمنّيه بالثراء والغنى؟
لا يوجد انحراف سلوكي بلا سبب، وغالب مشكلاتنا النفسية والاجتماعية تتعلق إما بحب المال وجمعه، أو الجنس وغرائزه. انظر إلى صراعات الأسر حول توزيع الميراث والصكوك، وانظر إلى مشكلات الزواج وارتفاع المهور، وتأمّل مشكلة المدينين والقروض، كلها بسبب المال وعدم الاستهلاك الصحيح والسلوك الاجتماعي المنحرف في فهم الادخار، وقيم الكرم، والزواج، والاستهلاك، وغير ذلك. ثم انظر إلى طاقات الشباب المنصرفة إلى الخارج بحثاً عن المتعة الحرام... فالزواج المبكر اليوم أصبح عسيراً عند الكثيرين. لا بيت ولا وظيفة ولا فهم مشترك بين الزوجين، والبديل في المسيار، والعرفي، والمتعة، ونية الطلاق. الشباب الكويتي هو جزء من مثلثات التنمية الكثيرة... لنرتقي به اليوم فيرقى بنا غداً. لنزرع داخله حب العمل والخير والتسامح فنحصد منه الإنجاز والتضحية والسلام. لنربي داخله القدرة على التمييز والنقد ومعرفة الفروق فيمنحنا غداً الإبداع والفكر والتخطيط. لا تتركوهم يتعثرون في طرقاتهم. وكل عام وأنتم بخير.


د. مبارك الذروة

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك