الحكومة الحالية هى الأولى في تاريخ الكويت التي تحقق غالبية نيابية نتيجة قناعة شعبية برأى أحمد الجار الله
زاوية الكتابكتب أغسطس 21, 2010, 12:42 ص 993 مشاهدات 0
صبر القيادة العليا أثمر تراجعا في الحراك السياسي المتوحش 21/08/2010
الكويت تتجه إلى زمن سياسي جديد
الجهات العليا تراقب عن كثب مسار عمل الحكومة وتنظر إليها بعين الرضا لما استطاعت تحقيقه
الإثارة القبلية والطائفية والفئوية كان هدفها التحكم بالشأنين السياسي والنقابي
الحراك المزعج أذكى ثقافة الحسد وطول اللسان والشخصية المتسمة بالعنف
الناس انفضت من حول أصحاب خطاب التأزيم والضجيج وأصبحت أكثر وعيا بمصالحها
الحكومة الحالية الأولى في تاريخ الكويت التي تحقق غالبية نيابية نتيجة قناعة شعبية
كتب - أحمد الجارالله:
يتوقع ان تشهد المرحلة المقبلة المزيد من الانجازات التي ستشكل علامة فارقة في التاريخ السياسي الكويتي, وخصوصا في ما يتعلق باعادة بناء المؤسسات كافة بما يتناسب مع المشاريع الطموحة العملاقة التي ينتظر ان تدور عجلة تنفيذها في غضون أشهر قليلة, وذلك استنادا الى المعطيات التي استخلصتها جهات عليا في الدولة, وأسست عليها رؤية اكثر عمقا في ما يمكن اعتباره الزمن الكويتي الجديد, ولاسيما ان المرحلة المقبلة, أكانت على الصعيد الداخلي أم الاقليمي, تتطلب عودة الى الدور الكويتي الذي يعتبر حجر زاوية في المسارات كافة, سياسية كانت او اقتصادية.
هذه الخلاصة توصلت اليها جهات عليا بعد ان استعرضت الحراك السياسي الذي شهدته الكويت في المرحلة الماضية, منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم, وتوقفت مطولا عند ما اكتنف خطاب بعض القوى السياسية من إبراز للقبلية والطائفية والفئوية, وحتى المناطقية, والذي كان الهدف منه التحكم بالشأنين السياسي والنقابي, وكاد ان يؤدي, في لحظة ما, الى اعادة النظر في العمل المؤسسي والدستوري والديمقراطي, وكانت الجهات العليا تساءلت, في تلك الآونة, عما اذا كان هذا المناخ وجد في غير زمنه, وهل كانت الظروف مواتية لاطلاق هذا العمل الديمقراطي?
الجهات العليا عادت الى البحث في فلسفة الديمقراطية واسس الحكم المشترك الذي بدأت المطالبة به منذ العام 1921, وكيف ان هذا الحراك سلك مسارات كثيرة لم يكن يعرفها المجتمع الكويتي, وهي مسارات اوجدت الكثير من الهواجس لدى ربابنة السفينة في محطات عدة, الا ان هذه القيادات اكدت ايمانها بالديمقراطية والدستور رغم غضبها الصامت من هذا الحراك المزعج الذي أزكى ثقافة الحسد والتنابز وطول اللسان وعدم احترام الصغير للكبير والشخصية المتسمة بالعنف, بالاضافة الى ثقافات اخرى دخيلة, مثل التمصلح والتأزيم ووضع العصا في عجلة التنمية حتى أصبح الوطن الكويتي متخلفا عن اشقائه في دول المنطقة.
مع كل ذلك لم تيأس القيادة الكويتية, واتخذت من الصبر سبيلا, رغم غضبها الصامت الذي كان يعبر عنه احيانا في خطابات وتوجيهات, وقد اثمر صبرها خيرا. وفي هذا الشأن تقول اوساط الجهات العليا :' إنها اعتمدت على امتعاض المواطنين من هذا الحراك السياسي المتوحش, واحساس اصحابه بأن الناس انفضت من حولهم, وقد ادى ذلك الى خفوت حدة هذا الحراك, وخصوصا ان المواطنين وعوا مساوئ ذلك التوحش العبثي سياسيا وتعطيله لمصالحهم وتأثيره سلبا في التنمية وتأخير اطلاقها, كما شعر ابناء الوطن بالخسارة الفادحة التي ترتبت على ذلك من تأخر وتخلف ظهرا جليا على الكويت امام دول المنطقة التي سبقتها بأشواط, فيما كانت في الماضي تسترشد الخطوات الكويتية عندما كانت البلاد متقدمة على دول الاقليم'.
واذا كانت الجهات العليا رأت ان صبرها الطويل اثمر في نهاية المطاف خيرا, فهي لم تتوقف فقط عند الحراك السياسي وآلياته الشعبية, بل إنها, وفقا لأوساطها, استعرضت ايضا الضخ الاعلامي 'الذي خشيت في مرحلة من المراحل ان يؤثر سلبا في الناس, الا ان التجربة اثبتت ان المواطنين باتوا يتمتعون بوعي استطاعوا من خلاله ان يعرفوا الغث من السمين, وان ثقافتهم السياسية العالية جعلتهم يوظفون هذا الضخ في معرفة ما وراء الخبر, والاهداف التي يرمي الى تحقيقها, وهم بذلك خرجوا من دائرة الانسياق خلف الإثارة المجانية'.
وفي هذا الشأن, ترى اوساط سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ان 'إيمان سموه بدولة المؤسسات لم يتزعزع يوما, وهو يؤكد دائما, وفي كل تعامله مع ظواهر الحراك السياسي, وبأسلوبه الحضاري المعهود, على ان النصوص الدستورية واضحة وكذلك القوانين, ومن يريد الخروج عنها فهي كفيلة بالتعامل معه وفق ما ورد فيها من ضوابط وقواعد'.
وتضيف: 'ان اي تعديل لهذه القوانين او للدستور سيكون دائما للافضل, فقوانين ودساتير العالم اجمع تخضع للتطوير من اجل الافضل وتحسين الاداء وفقا لمعطيات الزمن والانسجام مع تطوره بناء على المرئيات التي اوجدها الظرف الزمني'.
وفي هذا السياق, فإن كل محافل الدولة الرسمية وغير الرسمية, ومؤسسات المجتمع المدني, لاحظت انحسار الحراك السياسي المتوحش المعتمد على ضجيج مصطنع وظواهر صوتية ومحاولات بث سياسة الشك والريبة وتفسير ظواهر الاشياء على عكس بواطنها, وبدأت هذه المؤسسات ترى في ذلك الانحسار فرصة لعودة النشاط الى كل مرافق الدولة وهو لا شك يحتاج الى الاستقرار السياسي والامني, وبدأت بوادر هذا التغير في الواقع السياسي تلمس حتى في دول المنطقة, وعلى اعلى المستويات, والتي كانت توصف فيها الديمقراطية الكويتية بالديمقراطية ذات المخالب, الا ان تلك الاوساط, الرسمية والشعبية منها, ترى, الآن, ان تلك المخالب بدأت تخضع لتقليم ذكي, ومن دون اي انتكاسات للديمقراطية, وان مساحة العقلانية لدى الناس تتسع اكثر فأكثر, وان الناس بدأت تتحدث عن الزبدة التي تتمخض عن ذلك, وليس عن الهرج الذي لا طائل منه.
الى ذلك, ترى الجهات العليا ان الاستقرار الحكومي يساعد على استمرار وتيرة النشاط الذي تشهده القطاعات الانتاجية, ولذلك فهي تؤكد ان الحقائب الوزارية غير مطروحة للبحث تعديلا او تدويرا وباقية على ما هي عليه, بل ان الحكومة في منأى عن اي تعديل او تغيير, ولاسيما في ظل التعاون المثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, وكل ذلك للتعويض عن سنوات الكساد التنموي الذي عاشه الاقتصاد الكويتي, وتأثرت فيه حركة الناس الانسانية. وهذا تجلى بوضوح في ما عبرت عنه جهات شعبية عدة عن ان حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد هي اول حكومة في الكويت تستطيع ان توجد اغلبية لها في مجلس الامة ومن خلال المسار الديمقراطي الذي يقوم اساسا على حكم الاغلبية, وهذه الاغلبية تحققت نتيجة قناعة وطنية لدى نسبة عالية جدا من النواب الذين واجهوا انتقادا كبيرا من ناخبيهم, وتأكيدهم الصريح ان الناس تريد اكل العنب وليس قتل النواطير, وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى ان الجهات العليا تراقب عن كثب مسار عمل الحكومة وتنظر اليها بعين الرضا لما استطاعت تحقيقه نتيجة التعاون المثمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
لا شك في ان التطورات الاخيرة ترسم معالم جديدة لطبيعة المشهد الكويتي الذي ينتظر ان يكون اكثر انسجاما مع طموحات القيادة السياسية في سعيها الى تحقيق نقلة نوعية في البلاد تكون محطة فاصلة في التاريخ السياسي الكويتي, وان يكون ما قبلها مرحلة وما بعدها مرحلة تاريخية أخرى.
تعليقات