التمييز تلغي السجن 4 سنوات لموظفة بالكويتية

أمن وقضايا

1262 مشاهدات 0

المستشار أحمد العجيل

حكمت محكمة التمييز برئاسة المستشار أحمد العجيل وأمانه سرالإستاذ بدر الياقوت أولاً: بقبول طعن النيابة العامة شكلاً وفي الموضوع بتمييز الحكم المطعون فيه.
ثانياً :وفي موضوع الاستئناف بإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من عقوبة على المستأنفة والتقرير بالامتناع عن النطق بعقابها مع تكليفها بتقديم تعهد بكفالة قدرها مائتا دينار تلتزم فيه المحافظة على حسن السلوك لمدة سنة وتأييده فيما عدا ذلك .
اتهمت النيابة العامة بأنهابدائرة مخفر شرطة جليب محافظة الفروانية أحدثت بالمجني عليها أذى بأن ضربتها بالأيدي ودفعتها فاصطدمت بعامود حديدي أفضى إلى إصابتها بعاهة مستديمة على النحو المبين بالتقرير الطبي الشرعي .
       وطلبت عقابها بالمادة 162/1 من قانون الخبراء وأودعت المجني عليها مدنيا قبل المتهمة مبلغ 5001 د.ك على سبيل التعويض المؤقت قضت محكمة الجنايات حضوريا
أولا بعاقبة المتهمة بالحبس أربع سنوات مع الشغل والنفاذ وكفالة مائتي دينار لوقف تنفيذ العقوبة مؤقتاً .
       ثانياً بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة استأنفت المحكوم عليها الحكم والذي قضت محكمة الاستئناف بقبول استئناف المتهمة شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمة مما أسند إليها .
       فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق التمييز .
'المحكمــــة'بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
       من حيث إن الطعن أستوفى الشكل المقرر في القانون .
       ومن حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدها من تهمة إحداث أذى بالمجني عليها أفضى إلى إصابتها بعاهة مستديمة قد شابه الفساد في الاستدلال وخالف الثابت بالأوراق ذلك بأنه أسس قضاءه بالبراءة على إهدار الدليل في الواقعة الذي يستند إلى أقوال الشاهد سالم ناصر العجمي لعدم الاطمئنان لشهادته تأسيساً على أن جميع الشهود بالتحقيق الإداري التي أجرته مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية التي يعملان بها أجمعوا على أن الشاهد المذكور لم يكن متواجداً أثناء إسعاف المجني عليها في حين أن ما قرره هؤلاء الشهود يؤكد تواجده وأنه هو الذي كان يحاول إسعافها عكس ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تحط بظروف الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة بما يعيب حكمها ويستوجب تمييزه .
       وحيث إن الحكم الابتدائي الذي قضى بإدانة المطعون ضدها قد بين واقعة الدعوى كما صورتها سلطة الاتهام بما مؤداه أنه على إثر مشادة كلامية نشبت بين المطعون ضدها والمجني عليها بمطبخ طائرة الخطوط الجوية الكويتية التي يعملان مضيفتان عليها أثناء عودتها من رحلة جنيف بتاريخ الحادث – دفعت المطعون ضدها المجني عليها إلى عامود حديدي مما سبب لها آلما فذهبت إلى مؤخرة الطائرة واستلقت أرضاً مغشياً عليها ولحقت بها المطعون ضدها وكالت لها صفعات على وجهها وهزتها بشدة وهى في حالة الإغماء لمرات عدة فترنحت رقبتها أماماً وخلفا مما أحدث إصاباتها الرضية بالعنق ' كسر النتوء الراسى للفقرة العنقية الثانية ' وتخلف لديها من جراء ذلك عاهة مستديمة قدرها الطبيب الشرعي بخمسة في المائة ، وساق الحكم المشار إليه على ثبوت الواقعة فى حق المطعون ضدها على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها ومما شهد  المضيف بالخطوط الجوية الكويتية وهو أحد أفراد طاقم الضيافة بالطائرة بتلك الرحلة .
       لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في قيام الجريمة أو في صحة إسنادها للمتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت ، إلا أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام إحاطة تامة عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الاتهام وأقامت قضاءها على أسباب سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها بغير فساد في الاستدلال أو تعسف الاستنتاج أو مخالفة الثابت بالأوراق ، وأنه وإن كان للمحكمة وزن أقوال الشهود وتقديرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها إلا أنه متى أفصحت عن الأسباب التي من أجلها لم تعول على أقوال الشاهد فإن لمحكمة التمييز أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد أستند ضمن ما أستند إليه في قضائه ببراءة المطعون ضدها وبصفة أساسية إلى أمرين الأول عدم الاطمئنان لأقوال المجني عليها لتراخيها في الإبلاغ عن الواقعة وأنها كيف شاهدت ما فعلته بها المطعون ضدها وهى فاقدة الوعي والثاني وأن جميع الشهود بالتحقيق الإداري قد أجمعوا على أن الشاهد  لم يكن متواجداً أثناء إسعاف المجنى عليها وهو ما خلص منه إلى إهدار أقواله هو الآخر لعدم الاطمئنان إليها وذلك على خلاف الثابت بالأوراق من أقوال المطعون ضدها وباقى الشهود من أفراد طاقم الضيافة بالطائرة في التحقيق الإداري - المقدم صورة مذكرته منها – وما شهد به نائب رئيس طاقم الضيافة وهو ما رددته المطعون ضدها وأفراد الطاقم بتحقيقات النيابة العامة من أن الشاهد المذكور كان موجوداً وقت حصول الواقعة وشارك بنفسه في إسعاف المجني عليها منذ بدء الإغماء عليها وحتى خروجهما من المطار . وكان الحكم قد خلا مما يفيد أن المحكمة قد فطنت إلى حقيقة هذه الأدلة ومؤداها هذه الدليل ووزنتها فإن ذلك مما ينبئ عن أنها أصدرت حكمها دون أن تحيط بأدلة الدعوى الإحاطة الكاملة وتمحيصها التمحيص الكافي ، هذا إلى أن ما أورده الحكم تبريراً لإطراحه أقوال المجني عليها لتراخيها في الإبلاغ عن الواقعة على نحو ما سلف بيانه غير سائغ وليس من شأنه أن يؤدى إلى ما رتبه عليه ذلك أن مجرد تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الحادث لا يفيد كذب شهادتها ولا يؤدى بذاته إلى إهدار أقوالها فإن الحكم إذ قضى ببراءة المطعون ضدها بمقولة أن المجني عليها تراخت في الإبلاغ فإنه يكون قد نحى أيضا منحى التعسف في الاستنتاج إضافة لما اعتراه من فساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق بما يعيبه ويستوجب تمييزه دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن .
       ومن حيث إن موضوع الاستئناف صالح للفصل فيه .
       ومن حيث إن الحكم المستأنف كما سبق ذكره قد بين واقعة الدعوى وأورد أدلة ثبوتها في حق المتهمة فتحيل إليه المحكمة في هذا الخصوص .
       ومن حيث إن المتهمة مثلت بجلسات المحاكمة ودفعت بالأتي :
1-    خلو الأوراق من الدليل اليقيني الجازم على صحة الاتهام ونسبته إليها .
2-    أن شهود الواقعة قرروا بالأوراق أن ما قامت به المتهمة هو مجرد معاتبة المجني عليها لخطئها بترك موقع عملها خلافا للتعليمات وقام دفاعها على إنكار ما نسب إليها من اتهام وأن الشاهد لم يتواجد أثناء المشادة ولم يشهد واقعة إسعاف المجني عليها الذي تم وفق إجراءات الإسعاف الأولية فضلا عن كيدية الإتهام لسبق تسجيل المتهمة على المجني عليها مخالفة التعليمات في إحدى الرحلات السابقة وأن أقوال أفراد الطاقم بالتحقيق الإداري تنفى التهمة عنها .
وأخيرا فإن الثابت بالتقرير الطبي الشرعي تعذر القطع بتاريخ حدوث الإصابة .
 ومن حيث أنه لما كانت المحكمة تثق في صدق أقوال المجني عليها والشاهد الثاني الذي كشفت الأوراق بجلاء عن تواجده وقت إسعاف المجني عليها على متن الطائرة وفقا للثابت من أقوال المتهمة المستأنفة وشهادة أفراد طاقم الضيافة بالرحلة بالتحقيقات وعن مشاركته لهم في إسعاف المجني عليها وقد حصل الحكم المستأنف هذه الأقوال بغير تناقض فيها وبما يعزز سائر أدلة الإثبات قبل المستأنفة فإن المحكمة تطرح أوجه دفاعها التي قصدت منها إثارة الشك في تلك الأدلة ومن ذلك دفاعها بخلو الأوراق من دليل إثبات يقيني وإنكارها الاتهام وكيديته وتلفيقه للخلافات السابقة ولا ترى فيها سوى محاولة لدرء الاتهام ومناقضة صورة الواقعة التي ارتسمت في وجدان المحكمة بالدليل الصحيح .
لما كان ذلك ، وكانت العبرة في المحاكمة الجزائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل دون أخر ومن ثم فإن المحكمة تلتفت عما تثيره المستأنفة في شأن ما تضمنته شهادة بعض أفراد طاقم الضيافة بالتحقيق الإداري عن إتباعها إجراءات الإسعافات الأولية في إفاقة المجني عليها بما دلالته ينفى الاتهام عنها وذلك لعدم الثقة في أقوالهم في هذا الخصوص .
لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعى في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أبدت ذلك عندها وأكدته لديها وكانت هذه المحكمة تساير محكمة أول درجة في تعويلها على ما استخلصته من التقارير الطبية الشرعية الخاصة بالمجني عليها من إصابتها بإصابة رضيه بالعنق ( كسر النتوء الرأس للفقرة العنقية الثانية ) وأنها تشير إلى حدوثها في فترة قد تعاصر الواقعة ومن الممكن أن يتفق حدوثها وفق تصويرها الوارد بمذكرة النيابة العامة وعلى النحو الذي قررته المجني عليها وأنه تخلف لديها من جراءها عاهة مستديمة  ( عجز يقدر خمسة في المائة ) – فإن ما تثيره المستأنفة من أن التقرير لم يقطع يقينا بتاريخ حدوث الإصابة يضحى على غير أساس تلتفت عنه المحكمة .
ومن حيث أنه لما كان ما تقدم فإن تهمة إحداث أذى أفضى إلى الإصابة بعاهة مستديمة تكون قد ثبتت في حق المستأنفة ثبوتا كافيا أخذاً بأدلة الثبوت التي عول عليها الحكم المستأنف ووثقت بها هذه الحكمة ومن ثم تعين إدانتها ومؤاخذاتها بالوصف الوارد بتقرير الاتهام وعملا بالمادة 162 /1 من قانون الجزاء ومن حيث أن هذه المحكمة إذ ترى صحة الحكم المستأنف وسلامة قضائه بالإدانة للأسباب التي بني عليها وكفايتها فإنها تقره وتأخذ بها وتحيل عليها وتعتبرها فيما لا يتعارض مع أسباب هذا الحكم كأنها صادرة منها ومكملة لأسباب حكمها .
وإذ لم يأتي استئناف المتهمة بما من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يضحى ولا أساس له .
   أنه في مقام العقاب فإن المحكمة ترى من الظروف التي ارتكبت فيها الواقعة وملابستها وخلو ماضي المتهمة من وجود سوابق وهو ما يبعث على الاعتقاد لدى المحكمة أنها لن تعود إلى الإجرام – وانطلاقا من السلطة المخولة للمحكمة ومن ثم فإنها وعملاً بنص المادة 81/1 من قانون الجزاء تقضى بإلغاء ما قضى به من عقوبة وتقرر بالامتناع عن النطق بالعقاب بالضوابط المبينة بمنطوق الحكم .

الآن:فالح الشامري

تعليقات

اكتب تعليقك