مستشهدا بمقالات قديمة لد.سعد بن طفلة ومروان المطوع وبدر الأصفر .. خليل علي حيدر يستعرض مُدوَّنة القبائل في الصحافة الكويتية

زاوية الكتاب

كتب 2444 مشاهدات 0


 



مُدوَّنة القبائل .. في الصحافة الكويتية (5)

 
كتب خليل علي حيدر

 
الظواهر والأعراض التي تعانيها الأسرة في المناطق القبلية عانت منها الأسرة في المناطق الحضرية في مراحل سابقة
 
كررنا الدعوة مراراً لأن يساهم الآخرون في إثراء هذا الحوار كي يستفيد منه الجميع
 

 
نعود اليوم لاستمكال عرض المقالات التي عالجت الشأن القبلي في الصحافة الكويتية خلال السنوات السابقة وسنعرض هنا آراء بعض الزملاء الأفاضل والاخوة الكتاب في القضايا القبلية، بغض النظر عن توجهات الكاتب، ودون أن نؤيد او نعارض بالضرورة كل ما ينشر في هذه المساحة. فالقصد كما قلنا هو جمع اكبر قدر من الآراء والاتجاهات، وترك الحكم عليها للقارئ، ولكننا مع هذا سنعلق على بعض المقالات ونبدي فيها رأينا، دون ان نفترض الخطأ في الرأي المطروح، كما اننا كررنا الدعوة مراراً لأن يساهم الآخرون في اثراء هذا الحوار كي يستفيد منه الجميع.

حضر .. وبدو

-1 كتب الزميل الفاضل د. سعد بن طفلة العجمي في القبس يوم 1996/4/5 مقالاً بعنوان «حضر وبدو»، جاء فيه:
قبل الثاني من اغسطس المشؤوم عام 1990، كان الهاجس الذي يتهدد الوحدة الوطنية في الكويت هو الخوف من النعرات الطائفية والشرخ الذي احدثته حرب صدام العدوانية على الجمهورية الاسلامية الإيرانية من تداعيات انعكس بعضها على العلاقة بين طائفتي الشيعة والسنة في البلاد ولقد كان الهم الاكبر لكل الوطنيين والمخلصين من ابناء الطائفتين هو إزالة التفرقة بينهما والتركيز على هم الوطن الاكبر مستهدفين بذلك تعميق دولة القانون التي من شأنها ان تقطع الطريق على دولة الطائفة، حتى جاء العدوان الصدامي الغادر ليبرهن للطائفتين معا ان الخطر على البلاد ليس شيعياً ولا هو سني ايضاً ولكن الخطر الحقيقي يتمثل في الدكتاتورية والنزعات التوسعية وان التصدي للغدر والعدوان يتطلب رص الصفوف وصلابة وحدة الداخل.
الا ان ذلك كله قد خبا وحل محله نوع آخر من محاولات التفرقة بين ابناء شعبنا لا يقل خطورة عنه الا انه بالتأكيد اكثر ضحالة وهشاشة من سابقه، الا وهو تنامي نبرة التفريق بين الكويتيين على اساس «البداوة والحضارة».
ويدعو د. سعد بن طفلة الى الاعتراف بالظاهرة والايمان الجماعي بأهمية التصدي لها بشكل عقلاني وعدم الانجراف وراء عواطفنا وذلك ان هذه الظاهرة يقول د. سعد، «مختلفة وواهية كبيت العنكبوت، ويقف وراءها أطراف وقوى ترى من مصلحتها تمزيق الشعب كي تحافظ على سطوتها».
ويبدي الزميل في نهاية المقال بعض الملاحظات يقول فيها:
أولاً: ليس هناك خط واضح وفاصل محدد يقسم شعبنا على اساس من البداوة والحضارة.
ثانياً: الحضارة سلوك ونمط تفكير وممارسة والبداوة قيم باقية ما بقي الشعب الكويتي، وربما لا نبالغ بقولنا ما بقيت العروبة حضارة وثقافة وهي تختلف عن البدائية بمفهومها المتخلف، اذ ان البداوة ترتبط بنمط حياة تلاشى ولم يعد له اثر بينما لمفهوم البدائية مدلول يثير الشفقة والعطف ولا علاقة له من قريب أو بعيد بأي من فئات شعبنا كما ان البدائية تأخذ اشكالاً من السلوك قد يتواجد بين ناطحات السحاب وفي حجر الفلل الجميلة والضواحي الراقية».
ثالثاً: اذا كان تعريف البدو يعني الانتماء الى إحدى قبائل الجزيرة العربية فهذا معناه باننا في مجملنا بدو ذلك ان اصول الغالبية العظمى من الشعب الكويتي تنحدر من تلك القبائل.
رابعاً: إلى أي مدى تسود مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص في شغل المناصب القيادية والى اي مدى يؤخذ بعوامل التأهيل والاستحقاق وقت توزيع مثل تلك المناصب عملا بروح المادة 29 من الدستور والتي تنص على ان الناس «… متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة..؟ ذلك ان مبادئ العدالة والمساواة أمام القانون واحساس الفرد بانه في حماية القانون الذي ينظرإليه تماما مثلما ينظر الى الآخرين يجعله يبتعد شيئاً فشيئاً عن مصدر آخر للحماية- فئوي أو طائفي أو حتى مناطقي».

ظاهرة اجتماعية ام مشكلة نفسية

د. مروان المطوع واختصاصه الامراض النفسية نشر في «الوطن» يوم 1994/4/9 مقالا مطولا على ثلثي الصفحة بعنوان «لماذا كانت البدوية اكثر عرضة للاضطرابات النفسية؟!» قال فيه ان عدد المراجعين في العيادة الخارجية لمستشفى الطب النفسي: والعيادات الخاصة عدد كبير واضاف «والنسبة العظمى من هؤلاء المراجعين هم من سكان البادية».
وليس واضحا هنا سبب استخدام مصطلح «سكان البادية» فالكويتيون جميعا يقطنون مناطق سكنية محددة معروفة! ثم اضاف: ان شكوى معظم البدويات عندما يقابلن الدكتور النفسي اشعر بسخونة في راسي بالمنطقة العلوية منه واشعر بجفاف في فمي ورعشة في يدي وضيق في التنفس وزغللة في العين وسرعة في ضربات القلب ولا استطيع النوم في الليل هذه الاعراض الجسيمة التي تعاني منها «المرأة» وعدد كبير من النساء البدويات تعني انها مصابة بحالة اكتئاب ان حالة الاكتئاب والحزن والقلق النفسي الشديد كثيرا ما يعبر عنه بصورة جسيمة والسؤال الذي يطرح نفسه الان لماذا تلجأ البدوية باسلوب نفسي لا شعوري لان تعبر عن حالة الاكتئاب بصورة جسيمة كالصداع والسخونة وسرعة ضربات القلب.. الخ. ذلك لان البدوية عندما تشتكي لزوجها وتقول له انني اعاني من حالة اكتئاب او حزن فسوف يرفض هذه الشكوى ويتهمها بالجنون وقد تخاف البدوية على مستقبلها الزواجي لانه قد يتزوج عليها من امرأة ثانية او يطلقها فتلجأ الى استخدام الشكوى الجسيمة لانها اكثر قبولا لدى المجتمع البدوي».
ولكن لم تعاني المرأة في هذه المناطق من الاضطرابات النفسية اكثر من المرأة الحضرية؟
الاجابة، يقول د. المطوع، تتضح من خلال عملي النفسي والاجتماعي مع مرضى المناطق القبلية. ويقول:
تبين لنا ان المرأة البدوية تعاني من الكبت الشديد والاحباط فهي منذ المراهقة تعاني من الضغط النفسي والاجتماعي الشديد عليها فمعظم الاسر البدوية تمنع المراهقة من الخروج بحرية والاتصال تليفونيا بصديقاتها او زيارة صديقاتها فهناك قيود اجتماعية وشخصية تفرض على المرأة البدوية منذ نعومة اظافرها وتكون حركاتها مراقبة وتركز الاسرة بشدة على مفهوم الشرف والخلق وتقيد حرية البنت تقييدا شديدا بحجة المحافظة على سلوكياتها. البنت البدوية ومنذ المراهقة تلغى شخصيتها ويلغى وجودها لان الرجل في المفهوم الاسري البدوي هو القيمة العليا وهو الذي يعتمد عليه وهو صاحب اقرار السليم والوجيه وهو الذي يستطيع وحده ان يفكر ويقرر اما المرأة في هذا المجتمع البدوي فليس لها وجود او قرار او فكر فتلغى شخصيتها ويلغى اعتبارها وتكلف باعمال المنزل اليومية من الطبخ والتنظيف والاعتناء بشؤونه هذا الكبت الشديد يستمر مع البدوية حتى عندما تكبر وتكون مؤهلة للزواج وقرار الزواج ايضا يفرض عليها فلابد ان تتزوج من نفس العائلة او من عائلات مقاربة وليس لها مشاعرها وتشعر بالاحباط العام وبانه لا وجود لها اطلاقا في حياة زوجها اصبحت حياتها مجرد صورة ورمز في هذا المنزل، كل وجودها وحياتها فقط للتفكير في راحة زوجها. ايضا لاتستطيع ان تقول لزوجها اني حزينة او مكتئبة لان اعتراضها بالحزن والكآبة ورفضها للزواج ورفضها للقيود يعني احتجاجا وانقلابا على حياة الزواج لاتستطيع ان تبكي ولكن كل ما تستطيع ان تعمله هو ان تشتكي من آلام متوهمة في المعدة او القولون او الظهر، آلام مختلفة في الرأس، خوف، قلق، وساوس كلها تظهر كلها في صورة جسمية ولكون شغلها الشاغل مراجعة الاطباء بجميع تخصصاتهم وعمل اشعات وتحاليل للدم، والحقيقة هي ان هذه الزوجة مريضة نفسيا وتحتاج الى علاج نفسي ربما لسنوات المشكلة في العلاج النفسي هي انه لا يكون فعالا حتى باستخدام الادوية مع المرأة البدوية لانها سوف تعود الى نفس الظروف المؤلمة المحيطة والتي كانت الاساس في خلق الحالة النفسية.
بالاضافة للمشكلة الاخرى وهي مشكلة تعدد الزوجات الكثير من الاسر البدوية يلجأ الرجل فيها الى الزواج من اثنتين او ثلاث او اربع هنا المرأة البدوية تشعر بالظلم والنفور وكراهية الزوج ولكنها لاتستطيع ان تطلب الطلاق لان تقاليد المجتمع البدوي يتهم المرأة التي تطلب الطلاق بالانحراف في الفكر والشذوذ في الرأي والتخبط الاخلاقي وانها عديمة التربية وخائنة فتضطر ان تتقبل ان يتزوج عليها زوجها دون ان تعاني من اي مرض خبيث ودون ان تكون عاقرا وهنا تبدأ تشك في انوثتها وتبدأ تتساءل: لماذا تزوج علي؟ وهل انا قصرت في حقه وفي واجباتي؟ وهل استحق هذه المعاملة القاسية منه؟ هنا الزوجه تعاني من الالم والاحباط وفي كثير من الاسر قد تلجأ ان تنتقم من زوجها».
الوطن 1994/4/9م

ولاشك ان المجتمع في المناطق القبلية قد تعرض منذ عام 1994 الى تغيرات كبيرة، وازداد افق الحياة الاجتماعية والعلاقات الاسرية اتساعا، وتبدلت نظرة الاب والاخ والزوج في معظم هذه الاسر والمناطق الى عمل المرأة ودراستها وحياتها وقضايا الزواج وتربية الاطفال، كما ان العديد من هذه الظواهر والاعراض التي تعاني منها الاسرة في المناطق القبلية، عانت منها المرأة في المناطق الحضرية في مراحل سابقة من التطور الاجتماعي، في الخمسينات والستينات مثلا.
وكم سيكون مفيدا للمجتمع الكويتي عموما، لو قام بعض الاساتذة من قسم العلوم الاجتماعية بدراسة المناطق القبلية وتطور نظرة الجيل الجديد من رجال ونساء الى الحياة الاسرية والحياة الزوجية وحقوق المرأة!.

رداً على «المتردية والنطيحة»

-3 نشر الزميل الفاضل بدر الأصفر في «الوطن» يوم 1999/5/10 رداً على مقال الأخ المحامي حسن العيسى، المنشور في القبس قبل يوم واحد قال فيه:
«مقالة الاخ حسن العيسى المنشورة امس هي واحدة من مقالاته التي تهجم من خلالها وبشكل غير مباشر على القبائل ووصف نواب القبائل الذين وصلوا الى مجلس الامة عن طريق الانتخابات الفرعية بـ«المتردية والنطيحة» ووصم الانتخابات الفرعية التي اصبحت الآن في خبر كان بالتخلف والتعصب، واكثر من هذا واخطر منه، وكعادته في تحريض السلطة على القبائل اتهم ابناء القبائل بعدم الولاء للوطن، وردد كلمة تخلف اكثر من مرة في مقالته التي وان كان قد حاول اسباغ الوطنية عليها الا انها تفوح منها رائحة الفتنة والدسيسة على ابناء القبائل.
اذا أردنا الرد باسهاب على تلك المقالة فسنحتاج لصفحات وصفحات وارشيف طويل يكشف اهداف حسن العيسى ومن يصفقون له على كل كلمة تمس كرامة ابناء القبائل والنواب القبليين في مجلس الامة.
اذا كان حسن العيسى قد افرغ شحنة غضبه على القبائل عندما تواردت انباء التصفيات بين مرشحي القبائل، فلماذا لا تكون لديه نفس الجرأة والوطنية ليفرغ شحنة غضب اخرى في وجه التيارات السياسية التي نعلم نحن ويعلم حسن العيسى جيدا انها شرعت في اختيار مرشحيها لمجلس الامة، ام ان الخوض في شؤون هذه التيارات منطقة محظور الاقتراب منها؟!
لماذا لم يتهم حسن العيسى ممثل التيارات السياسية في مجلس الامة بالمتردية والنطيحة، ألم يصلوا الى البرلمان بعد ان أفرزتهم التصفيات الحزبية؟ اذا كان العيسى لا يرى في التيارات السياسية ما يراه في القبائل، فاننا نقول له انه اذا كانت التصفيات القبلية حكرا على ابنائها فان التصفيات الحزبية ايضا حكر على أسيادها، ولا يستطيع كائن من كان ان ينازل فطاحلة الاحزاب والتيارات على مقاعد الصدارة، بل لا يسمح الاسياد لكائن من كان ان ينازعهم الزعامة على تلك التيارات».

خليل علي حيدر 
 
 

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك