د.حنان الخلف تتهم كل من يقاوم إقرار اقتراح قانون مشروع الذمة المالية بتضييع فرصة الشعب الكويتي نحو إرساء قوانين النزاهة
زاوية الكتابكتب يوليو 18, 2010, 11:55 م 682 مشاهدات 0
مكافحة الفساد بين الجد واللهو
الاثنين 19 يوليو 2010 - الأنباء
لا يخفى على الجميع أن وضع الفساد - الإداري والمالي - استشرى في الكويت خلال السبع سنوات الأخيرة ويتجه من سيئ إلى أسوأ، فحسب الدراسات التي تقوم بها منظمة الشفافية الدولية كل عام نجد أن مستوى الكويت في مواجهتها للفساد تدنى بين دول العالم من35 إلى 66، كما تدنى مستواها بين الدول العربية من 4 إلى 8، وأحد الأسباب الأساسية لهذا التراجع هو عدم وجود جهاز أو هيئة مهمتها مراقبة ومنع ومحاسبة كل عمل إداري ومالي غير مشروع. وهذا لا يعني أنه لم تكن هناك محاولات كويتية جادة للدفع نحو تأسيس هذا الجهاز كمشروع هيئة مكافحة الفساد التي تقدمت به جمعية الشفافية الكويتية ولكن هذه المحاولات إلى يومنا هذا يتم إحباطها ممن له مصلحة في ذلك.
لقد قامت جمعية الشفافية الكويتية، وبالتحديد في عام 2006، بتقديم دراسة للحكومة تتعلق بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد. كما أقامت الجمعية في 2007 مؤتمرا عرضت فيه تجارب الدول الأخرى التي سبقتنا في هذا المجال. ولكن كان توجه مجلس الأمة آنذاك نحو تبني مشروع جزئي هو مشروع قانون كشف الذمة المالية حيث تضمن هذا المشروع إنشاء جهاز في وزارة العدل يتولى مهمة مراقبة الذمة المالية من خلال مجموعة من القضاة يقومون بأداء هذه المهمة التنفيذية. لقد عارضت جمعية الشفافية، وبتأييد من منظمات المجتمع المدني الكويتي، هذا المشروع ولأسباب عديدة منها أنه من غير الجائز دستوريا تشغيل القاضي - بواسطة وزارة العدل - في مهام من اختصاص السلطة تنفيذية - جهاز مراقبة الذمة المالية - كما أن إنشاء الهيئة في وزارة العدل أو أي وزارة أخرى سيفقد هذه الهيئة استقلاليتها، حيث يقتضي هذا المشروع أن يقوم أحد موظفي هذا الجهاز بالبت في تقرير الذمة المالية لوزير العدل وهو رئيسه في العمل. إن ضمان فاعلية أي جهاز مكافح للفساد يكمن في استقلالية هذا الجهاز بإدارته وموظفيه وهذا ما تعهدت به الكويت عندما صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في نهاية 2006 والتي تنص عليه المادة السادسة بأن «تقوم كل دولة طرف، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، بمنح الهيئة، ما يلزم من الاستقلالية لتمكين تلك الهيئة من القيام بوظائفها بصورة فعالة وبمنأى عن أي تأثير لا مسوغ له».
لم تقف جهود جمعية الشفافية الكويتية عند حد الاعتراض بل قامت بتنقيح وتطوير مقترح القانون الأول الذي تقدمت به سابقا ليتضمن هذا المشروع الجديد منظومة قوانين تحت هيئة واحدة هي «الهيئة العامة للنزاهة». ويشترط في هذه الهيئة أن تكون مستقلة عن أي وزارة في الدولة. من مهام هذه الهيئة تلقي الشكاوى بخصوص جرائم الفساد، والتحري عن الفساد المالي والإداري، كما تعمل الهيئة على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لاسترداد الأموال والعائدات الناتجة عن جرائم الفساد. أيضا تقوم بالتحري ومتابعة حالات تعارض المصالح، وتلقي إقرارات الذمة المالية، وحماية المبلغين عن الفساد.
قدم هذا المقترح بقانون إلى مجلس الأمة وحدد تاريخ التاسع من ديسمبر 2009 لمناقشته.. ولكن لم يناقش بسبب جلسة الاستجوابات التي تم تحديدها قبل يوم واحد فقط من مناقشة هذا المشروع الهام وقد كان امتداد الجلسة إلى اليوم التالي سببا في إلغاء جلسة قانون الهيئة. وهكذا وبفضل بعد نظر نوابنا الكرام تم إحباط أول محاولة لمناقشة قانون الهيئة. بعد ذلك تم تحديد موعد آخر في الحادي عشر من مايو 2010 لمناقشة مقترح القانون ولكن فشلت الجلسة بسبب احتجاج جمعيات النفع العام عندما علمت أن مجلس الأمة سيناقش اقتراح قانون مشروع الذمة المالية القديم الذي تم رفضه في 2007. وهكذا تم إحباط المحاولة الثانية لعرض الاقتراح. ثم تم تحديد موعد ثالث بتاريخ الحادي والعشرين من يونيو 2010 لمناقشة مشروع الهيئة ولكن تم إلغاء الجلسة لعدم اكتمال النصاب والسبب على ما يبدو أن موضوع الفساد ليس بذي أهمية لدى الإخوة في السلطتين التشريعية والتنفيذية.
حتما ان مثل هذا المشروع سيجد مقاومة قبل أن يخرج للنور ولكننا نقول لكل من يساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تعطيل مناقشة مشروع الهيئة انه مسؤول عن تضييع الفرصة على الشعب الكويتي في أن يخطو خطوه جادة نحو إرساء قوانين النزاهة.. فمن منكم يريد أن يكون مسؤولا عن ذلك؟
تعليقات