كويتيون ولكنهم بدون!
زاوية الكتابكتب يونيو 28, 2010, 1:37 ص 1771 مشاهدات 0
من أكبر المنغصات في حياة الإنسان أن تواجهه نظرة دونية طبقية في المجتمع الذي يعيش فيه، فما بالنا بحال من يعيش في أرض بلا هوية وبلا حقوق مجتمعية؟! لاشك أن حياته ستكون جحيما متواصلا متناميا مع مرور الزمن خاصة إن كان مظلوما ومن حقه أن يتمتع بمزايا المواطنة.
هذا هو حال شريحة كبيرة تعيش بيننا اصطلح العرف على تسميتهم «البدون» وأسمتهم الجهات الرسمية «مقيمون بطريقة غير شرعية» ، وفي كلا الاسمين معاناة نفسية لا يقدّر وقعها القاسي غير أهلها.
قضية «البدون» من القضايا المزمنة في مجتمعنا الكويتي استعصت على الحل رغم تعاقب الأجيال والحكومات والمجالس النيابية في حين أن حلها يكمن في نية صادقة وآليات موضوعية مسؤولة تستطيع استيضاح الحقيقة بكل يسر.
ومن الأمور الغريبة في هذه القضية المزمنة وبعد هذه العقود الطويلة أن الجهات المختصة مازالت تراوح مكانها، حيث صرح مسؤول كبير في الدولة من أسبوع بتحويل هذه الموضوع الى لجنة استشارية لبحثه وكأن القضية جديدة ولأول مرة يتم التطرق لها وفي حاجة إلى لجنة استشارية لإبداء الرأي!
هناك بعض المعطيات لا خلاف عليها من قبل الجهات الحكومية والشعبية تساهم في حل القضية، ومن ذلك: المشمولون بإحصاء 1965 ما يعني إقامة هؤلاء في الكويت قبل 45 عاما، وهناك المشاركون في الحروب العربية عامي 1967 و1973 مع الجيش المصري أو الجيش السوري وفي حروب الكويت، وهناك من يحمل هويات عمل في وزارة الدفاع وفي مؤسسة النفط وغيرهما منذ 50 عاما.
ولاشك أن التعامل مع هذه الحالات بموضوعية وإنسانية يؤهلها بكل وضوح لاستحقاق الجنسية وعلى الأقل بسبب إقامتها لمدة طويلة وميلادها على أرض الكويت أسوة بكثير من الدول التي تمنح جنسية بلادها لمثل هذه الاسباب.
اضافة الى ما سبق هناك من حصل على الجنسية بعد التأكد من استحقاقه لها فكان من الطبيعي ان يتم تجنيس أشقائه لاشتراكهم بلا شك في الأسباب التي أهلت شقيقهم وحصل بموجبها على الجنسية.
هذه مجرد أمثلة منطقية تساهم في حل لمستحقي الجنسية من «البدون» الذين هم في حقيقتهم كويتيون، وترفع الظلم عنهم بعد أن عاشوا ردحا من الزمن غرباء في وطن ليس لهم سواه. والأسئلة التي تطرح نفسها الآن: ما ذنب هؤلاء المظلومين؟ والى متى تستمر معاناتهم بلا حل قريب يلوح في الأفق وهم في حقيقتهم كويتيون؟ أليس في ذلك ظلم نهى عنه الله عز وجل سنسأل عنه يوم القيامة؟ ألا يتنافى ذلك مع حقوق الإنسان التي تحرص دولة الكويت على حفظها وحمايتها؟
لعلي لم أذهب بعيدا إذا قلت إن أهم ما يعرقل إيجاد حل لهذه القضية الإنسانية المزمنة سببان رئيسيان لا ثالث لهما: الأول وبكل صراحة ووضوح أن بيننا نحن ـ الكويتيين ـ من يكره للبدون المستحقين الخير ويحسدهم على تمتعهم بالجنسية الكويتية وما فيها من مميزات مالية واجتماعية، والسبب الثاني أن من بين هؤلاء أنفسهم كثيرا من المغالطين الذين يتمتعون بجنسيات أخرى ولهم وجود في بلادهم ولكن أنانيتهم تأبى إلا أن تزاحم، لعل وعسى أن تخرج بصيد ثمين، وإذا أخفقوا فهم لن يخسروا شيئا.
ولأن الظلم أمر عظيم وعاقبته سيئة في الدنيا والآخرة، فإنني أناشد حكومتنا الرشيدة التحرك السريع والأخذ بكل الأسباب المنطقية التي ذكرتها وغيرها لحسم القضية بالنسبة للمستحقين للجنسية فقط وكفاهم عذابا وهوانا وحرمانا من الخدمات الأساسية التعليمية والصحية والاجتماعية.
ولاشك أن رفع الظلم عن هؤلاء سيكون ثوابه العظيم في ميزان حسنات كل مسؤول وكل مواطن يسهم في إحقاق الحق وإزهاق الباطل.
تعليقات