يقصد محمد الجاسم دون ذكر اسمه، البحر: هو سجين تطاول وليس سجين رأي
زاوية الكتابكتب يونيو 20, 2010, 10:36 ص 3287 مشاهدات 0
زاوية حادة
إنه «سجين تطاول» لا سجين رأي
في أواخر الثمانينات، كنت جالسا مع احد زملائي الخليجيين في شقته في مدينة ستاكتون بولاية كاليفورنيا، بدأنا الحديث عن الدراسة، وكان صوته عاليا كعادته، ثم تحدث كيف انفصل عن صديقته فارتفع صوته اكثر، ثم قارنا الحرية التي يتمتع بها الاميركان بالحريات في بلادنا، فبدأ صوت صاحبنا ينخفض، ثم تحدثنا عن الأنظمة الحاكمة فانخفض صوته اكثر، ولما تطرقنا الى السياسة في بلده كاد صوته ينقطع وراح يلتفت يمينا ويساراً. فاستغربت وصرت التفت معه، لا بل صرت انظر الى الاعلى والاسفل، ثم قلت له: ماذا بك؟ عما تبحث؟ فقال لي: اخشى ان يسمعنا احد! فقلت له بالعامية الكويتية «مالت عليك» كيف يسمعونك ولا يوجد احد سوانا؟! ان حرية التعبير عن الرأي التي يتمتع بها الكويتيون ثروة قلما تجدها في المجتمعات العربية، والحفاظ عليها يحتاج منا ان نتمسك بالاعراف التي جبلنا عليها قبل ثوابت الدستور الذي يجب الا نحيد عنه، وقبل هذا كله ثوابت الدين التي تلزمنا بطاعة ولي الامر وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
لا يختلف اثنان على ان وضعنا العام كله غير مستقر، ومقابل هذا تستنفر جميع السلطات طاقاتها لمشكلة الرياضة التي سببها شخص واحد يجب ازالته عن مسؤوليتها، ولكن وبالرغم من هذا كله فإن علينا الحفاظ على لغة الحوار مع ولاة الأمر ومع السلطة، وعلينا ان نقف في وجه من يستغل حسن خلقهم في عدم البطش بالمعارضة، كما يحدث في الدول العربية الاخرى، فيسيء خلقه بالتطاول عليهم بشكل غير قانوني بمقالات عبر الانترنت تشجع العامة على التطاول على ولاة الامر.
ان على الجميع المقارنة بين الاسلوب الذي تعاملت به أجهزة الأمن لدينا مع المرشحين والناخبين اثناء الحملات الانتخابية الاخيرة التي اساؤوا فيها الى السلطة والأسرة الحاكمة وكسروا فيها القانون، والاسلوب الذي تتعامل به بعض الانظمة الحاكمة الاخرى مع من يعارضها أو يعارض اصغر شرطي فيها، من قتل وتعذيب حتى في أصغر قسم بوليس، قد يستغرب الكثيرون ان نقول هذا ونحن من المعارضين للحكومة بالفطرة، وقد تخاصمنا مع احد الوزراء الحاليين من ابناء الاسرة لدى النيابة العامة والقضاء تحت مظلة قانون المطبوعات فأنصفنا القضاء، ولكننا لا نشجع التطاول على السلطة خارج نطاق القانون، فالسلطة نجحت باستخدام الادوات الدستورية المتاحة التي فشلنا نحن باستخدامها عندما فشلت التيارات الاصلاحية والجماعات الدينية بايصال مرشحيها الى البرلمان، فالحكومة سيطرت على البرلمان حتى آلمنا عدم مقدرة المعارضة على اسقاطها بالرغم من فداحة تجاوزاتها وتطاولها على المال العام، لذا علينا ان نشجع التيارات الاصلاحية والدينية على تقوية قواعدها الانتخابية لان البرلمان هو طريق التغيير، وعلينا الحوار مع ولاة الامر والسلطة تحت مظلة الدين والدستور والقانون ملتزمين بالاعراف، ولا نسمح بأن يأتي احد ويتطاول عليهم خارج القانون ثم يسجن ويصبح «سجين تطاول» ويدعي انه سجين رأي.
* * *
إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
بدر خالد البحر
تعليقات