عبدالهادي الجميل ينتقد موجة الانتقادات العنيفة التى يواجهها السعدون، ويقول إنه لو أراد التكسّب، لأُشرعت أمامه وعند قدميه أبواب خزائن الأرض
زاوية الكتابكتب يونيو 20, 2010, 12:07 ص 1360 مشاهدات 0
صح الآن وخطأ غدا !
كتب عبدالهادي الجميل
المعروف عن مجتمعاتنا الشرقية، أنها مجتمعات عاطفية، يتحكم الانفعال والتسرع بردود أفعال أفرادها بدلا من العقل والتروّي كما في المجتمعات الأخرى.
يظهر ذلك من خلال آرائنا المتسرعة ومواقفنا المتطرفة تجاه ما يحدث حولنا، فنطلق أشد الأحكام تعنّتا وحدّية، وكأن الله خصّنا وحدنا بـ”الحقيقة”، فأصبحنا لا نفعل سوى الصواب، ويفعل غيرنا الخطأ.
في أحيان كثيرة، يُظهر الزمن خطأ ما اعتقدناه، فنتجاهل ذلك ونتظاهر بأن شيئا لم يكن، مثال على ذلك، ما حدث قبل بداية العام الدراسي الحالي، وتحديدا في شهر أغسطس الماضي، حين تعرّض وزير الصحة الدكتور هلال الساير ووزيرة التربية الدكتورة موضي الحمود للهجوم العنيف، على خلفية رفضهما القاطع لفكرة تأجيل العام الدراسي بسبب انتشار مرض”أنفلونزا الخنازير”. كنتُ -عبر هذه الزاوية- من ضمن المنتقدين لعناد الوزيرين وعدم مبالاتهما بصحة أبناء الكويت. ويبدو أن تلك الحملة كانت قاسية جدا، ما حدا بالوزير الساير لأن يصرخ بمنتقديه: “انتوا اشعرفكم بالإجراءات الطبيّة؟”
أثبتت الأيام صحة قرار الوزيرين وخطأ رأي معارضيهما. فقد اختفى المرض المخيف فجأة كما ظهر فجأة، وهاهو العام الدراسي يلملم أدواته وكتبه وأقلامه ليغادرنا بسلام.
يتعرّض النائب أحمد السعدون منذ عدّة أسابيع، لموجة انتقادات عنيفة، ومن مصادر مختلفة، بعضها مغرض وبعضها محب. تأتي هذه الانتقادات على خلفية تأييد النائب السعدون لقانون الخصخصة الذي كان ومازال يحظى بمعارضة شعبية واسعة. هناك من اتهم النائب السعدون بالتكسب من وراء هذا القانون. وهناك من رأى بأنه قد رضخ للحكومة أخيرا وأصبح يحاول التقرب منها. وهناك من قال بأن السعدون يريد المشاركة في “كيكة التنمية” التي يسيل لها لعاب الكثيرين.
من يعرف تاريخ النائب السعدون جيدا، يعرف بأنه لو أراد التكسّب، لأُشرعت أمامه وعند قدميه أبواب خزائن الأرض.
ومن يعرف مواقف النائب السعدون السابقة، يعرف بأنه لم يرضخ للحكومة من قبل، ولن يرضخ الآن. فمن صمد أمام رؤساء الوزارات السابقة، لن يرضخ أمام رئيس الوزراء الحالي.
ومن يعرف حجم حب السعدون للكويت، يعرف بأنه لم ينظر لوطنه كـ “كيكة” طوال 35 سنة من العمل الوطني المشرّف، ولن ينظر له –الآن- إلاّ كوطن لا يمكن اقتسامه أو توزيعه أو بلعه.
موقف النائب السعدون المؤيد للخصخصة خطأ فادح-الآن- كما كان موقف الوزيرين الحمود والساير الرافض لتأجيل الدراسة قبل 10 أشهر. وموقفنا الرافض للخصخصة صائب جدا-الآن- كما كان موقفنا المؤيد لتأجيل الدراسة قبل 10 أشهر.
ولكن من يدري من سيكون على صواب بعد سنتين من الآن، النائب أحمد السعدون أم نحن؟!!
*************
الحرّية لسجين الرأي محمد عبدالقادر الجاسم.
تعليقات