أحمد الديين يعتبر قانون 31 لسنة 1970 الذى أقره مجلس 1967 المزوّر والخاص بأمن الدولة.. قمعيا ينافي روح العصر، ومطالبا بتعديله
زاوية الكتابكتب يونيو 20, 2010, 12:08 ص 3363 مشاهدات 0
قانون قمعي!
كتب احمد الديين
لعلّ القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، هو واحد من أخطر التشريعات وأسوأها، التي أقرّها مجلس 1967 المزوّر في أشهره الأخيرة قبل رحيله غير المأسوف عليه... وتكمن خطورة هذا القانون، الذي جرى إقراره في ظل ظروف غير ديمقراطية قبل نحو أربعين عاما، في الفصل الثاني منه على وجه التحديد المعنون “جرائم أمن الدولة الداخلي”؛ نظرا لما احتواه هذا الفصل من توجهات مناقضة للنظام الديمقراطي وما ورد فيه من عبارات فضفاضة غير محددة وقابلة للتوسع في تفسيرها؛ وكذلك لما قرره من عقوبات قاسية مغلّظة على نحو متشدد يمكن معها فرض قيود غير دستورية على الحريات العامة، وخصوصا الحريات السياسية، وذلك بما يعرّض أي ناشط أو مشتغل في ميدان العمل السياسي إلى احتمال ملاحقته بارتكاب جرائم أمن دولة، مثلما حدث أخيرا لسجين الرأي الصديق الأستاذ محمد عبدالقادر الجاسم، أو ما يمكن أن يحدث لغيره، بل لقد حدث لآخرين قبله بينهم ناشر جريدة “الراي” الصديق الأستاذ جاسم مرزوق بودي!
ولست في صدد إنكار الحاجة إلى وجود تشريع يتصل بالجرائم الماسة بأمن الدولة، خصوصا الخارجي منها، وهي الجرائم الواردة في الفصل الأول من هذا القانون، أو الفصول الأخيرة من القانون المتصلة بالجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة، ولكني أرى أنّه قد حان الوقت لإعادة نظر شاملة وجذرية في مواد الفصل الثاني منه المعنون “جرائم أمن الدولة الداخلي” وبعض مواد الفصل الأول منه.
فمن بين العبارات الفضفاضة والمصطلحات غير المعرّفة في هذا القانون، التي يُخشى من إساءة تفسيرها، ما نقرأه في المادة 15، التي تنصّ على أن “يُعاقب بالحبس المؤقت، الذي لا تقل مدته عن ثلاث سنوات كل كويتي أو مستوطن أذاع عمدا في الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأي طريقة كانت نشاطا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد”... إذ ما هو معيار الغرضية في تعريف الإشاعة؟... وما هو تعريف هيبة الدولة؟... وكيف يتم تعريف “اعتبار الدولة”؟... وما المقصود بالإضرار بالمصالح القومية للبلاد؟... وقبل هذا ما المقصد من عبارة “أذاع عمدا في الخارج”؟ فهل تشمل الكتابة من الكويت في موقع على الانترنت أو الإدلاء بتصريح أو حديث من داخل الكويت إلى إحدى الفضائيات التلفزيونية غير الكويتية، أم تفترض الإقامة أصلا خارج البلاد؟!
وكذلك فإننا عندما نقرأ المادة 29 من هذا القانون المعيب فسنجد أنفسنا أمام تعبيرات فضفاضة أخرى ومصطلحات غامضة جديدة، حيث تعاقب هذه المادة بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات كل مَنْ دعا “إلى اعتناق مذاهب ترمي إلى هدم النظم الأساسية في الكويت بطرق غير مشروعة، أو إلى الانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في الكويت”... فبدءا ليست هناك تعريفات محددة للمعنى المقصود بالنظم الأساسية في الكويت؛ وللمعنى المقصود بالنظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم... أما الأمر الأخطر والأسوأ من غياب تلك التعريفات فهو ما تنطوي عليه هذه المادة من إمكانية لتجريم أي مذهب فكري وأي نظرية اقتصادية أو اجتماعية وملاحقة مَنْ يدعو إلى تبنيها والتعامل معه كمجرم خطير يعرّض أمن الدولة للخطر ويستحق أشد العقوبات... والأمر ذاته ينطبق على المادة 30 من القانون، التي تحظر الجمعيات أو الجماعات أو الهيئات التي يكون غرضها العمل على نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية بطرق غير مشروعة أو الانقضاض بالقوة على النظام الاجتماعي أو الاقتصادي القائم في البلاد!
وتطل علينا في المادة 34 من هذا القانون المعيب التوجهات السلطوية المعادية لحرية الاجتماعات العامة ومعها تتكرر الصياغات الفضفاضة ذاتها، حيث تنصّ هذه المادة على أنّ “كل مَنْ اشترك في تجمهر في مكان عام، مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل، الغرض منه ارتكاب الجرائم والإخلال بالأمن العام وبقى متجمهرا بعد صدور أمر رجال السلطة العامة بالانصراف، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز مائة دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين”... وذلك من دون تحديد للفرق بين التجمهر المعاقب عليه والاجتماع العام المباح دستوريا؟... ومن دون تعريف لمصطلح الإخلال بالأمن العام؟... بل، هل يصح بالأساس إطلاق وصف التجمهر في مكان عام على أي مجموعة مكوّنة من خمسة أشخاص؟!
باختصار، هذا القانون متخلف عن روح العصر، ومناقض للمبادئ الديمقراطية، وحان الوقت ليلحق سلفه البغيض “مرسوم قانون الاجتماعات العامة” غير الدستوري!
تعليقات