عاشت الكويت ورحم الله المصلحين واسكنهم فسيح جناته..عبارة يختتم بها نواف ساري مقالته التى يتحدث فيها عن موقع الكويت على خريطة الفساد

زاوية الكتاب

كتب 1081 مشاهدات 0


 


  
 قلم شعبي 
الدولة الفاسدة! 
 
كتب المحامي نواف ساري
من المحزن والمبكي والمخجل ان مؤشر مدركات الفساد لعام 2009 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية والذي اعلن بالمؤتمر الصحفي لجمعية الشفافية الكويتية بتاريخ 17/ 11/ 2009 الموافق يوم الثلاثاء افصح عن ان دولة الكويت تحتل مركزا متقدما بالفساد المالي والإداري بين دول العالم بل بين الدول الخليجية نفسها وهذا المؤشر يعتمد على آراء الخبراء ورجال الأعمال الذين تشملهم الاستقصاءات والاستبيانات الدولية في تقييم الدول.
مؤشر مدركات الفساد يشير إلى الفساد في القطاع العام بالدول التي شملها المؤشر وقد كان نتيجة هذا المؤشر ان جعلت خمس دول على المراكز الخمسة الأولى وكان التقييم من 10 درجات والدول كالتالي:
1 – نيوزلاندا (9.4)، 2 – الدنمارك (9.3)، 3- سنغافورة (9.2)، 4- السويد (9.2)، 5- سويسرا (9.0).
أما الدول التي حصلت على المراكز الخمسة الأخيرة كان ترتيبها على النحو التالي:- 176 الصومال (1.1)، 177 افغانستان (1.3)، 178 ميانمر (1.4)، 179 السودان (1.5)، 180 العراق (1.5).
هذه النتائج تبين بان البلدان الأكثر فسادا هي المصابة بالنزاعات طويلة المدى التي مزقت البنية التحتية للحكم.
أما دولة الكويت فقد تراجعت على مستوى الدرجات فقد حصلت عام 2009 على 4.1 بينما كانت في عام 2008 (4.3) كما تراجعت الكويت على مستوى الترتيب الدولي من 65 إلى 66 وكذلك تراجعت على المستوى العربي من الترتيب السابع إلى الثامن وعلى مستوى الخليجي من المرتبة الخامسة إلى المرتبة السادسة مع انها في سنوات سابقة مثل عام 2003 كانت تحتل (5.3) من (10) وكان ترتيبها 35 دوليا والرابع عربيا بينما حصلت دولة قطر على المرتبة الأولى على مستوى الوطن العربي كما استطاعت ان ترفع من ترتيبها الدولي من 32 الى 28 ثم 22 وكذلك استطاعت قطر نفسها ان تحسن درجاتها من 6 إلى 6.5 ثم إلى 7 من 10 في عام 2009 وهذا لم يأت من فراغ بل بسبب جملة من الإصلاحات التي اتخذتها دولة قطر واخرها تشكيل اللجنة الوطنية للنزاهة والشفافية التي شكلها أمير دولة قطر في ديسمبر عام 2007 بأمر أميري رقم 84 لسنة 2007 وتتبع ولي عهد قطر ثم تقدمت تونس على الكويت في السنوات الأخيرة كما تقدمت المملكة العربية السعودية على الكويت وبذلك تحتل دولة الكويت المرتبة الأخيرة على مستوى دول الخليج.
ومن اللافت للانتباه ان الديمقراطية في الكويت هي الاقدم بين دول مجلس التعاون الخليجية ويفترض ان يقوم مجلس الأمة بدور رئيسي في الرقابة على السلطة التنفيذية والحد من الفساد الإداري والمالي المستشري في اجهزة الدولة وهذه النتائج المؤسفة بترتيب الكويت في مؤشر مدركات الفساد فيما بين الدول الخليجية يطرح سؤالا مشروعا عن دور المؤسسة التشريعية ودورها الفعال في الرقابة على الفساد المستشري في القطاع العام وهل بعض نواب الامة اصبحوا دعاة اصلاح أم دعاة فساد أو بعبارة اخرى جزءا من الفساد خاصا اذا ما علمنا الآن ان ترتيب دولة الكويت هو الثامن بين الدول العربية والأخيرة خليجيا.
اننا من خلال هذه الدراسة المختصرة التي قامت بها جمعية الشفافية في الكويت مشكورة، فاننا يجب ان تكون لدينا خطوات عملية جادة لاستئصال هذا الفساد تلك الخطوات التي تتوافق مع خطط منظمة الشفافية الدولية التي اشرفت على هذا المؤشر ومن هذه الخطوات اشراف قوي من البرلمان، استقلالية القضاء، ان يكون لدينا هيئة مكافحة فساد قوية، ان يطبق القانون بشكل صارم وفاعل، شفافية في الميزانيات العامة، إعلام مستقل يؤدي رسالة صالحة غير فاسدة وكذلك خلق مجتمع مدني حيوي وكذلك ضرورة إقرار عدد من القوانين مثل قانون مكافحة الفساد، قانون الذمة المالية، قانون تعارض المصالح، قانون حماية المبلغين، قانون حق الاطلاع اضافة الى عدد من القوانين الأخرى ومنها قانون متكامل للسلطة القضائية يجعلها مستقلة قضائيا وماليا واداريا، قانون قواعد التعيين في الوظائف القيادية، تعديل قانون المناقصات العامة.
هذا ويجب الا نغفل ان المشرع الكويتي بدأ عمليا في النظر الى بعض هذه القوانين الا انها لم تر النور حتى اعداد هذه المقالة.
واخيرا تعزيز قيم المواطن الصالحة في المجتمع لتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة وخلق المواطنة الفعلية التي تؤدي الى ان نكون على خط واحد من الحقوق والواجبات بما يحقق العدالة الاجتماعية الصادقة واننا نبني وطنا ولا نهدم وطنا كما يحصل اليوم من ضرب للعدالة الاجتماعية وضرب للوحدة الوطنية.
وفي النهاية متى ما استطعنا ان نحقق هذه القوانين وهذه الإصلاحات وهذا التعزيز للوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية فإن صوت مؤشر مدركات الإصلاح سوف يقفز على مؤشر مدركات الفساد بل سوف يصعد مؤشر الإصلاح لدينا الى كوكب المريخ، اما اذا اديرت البلد بهذه الوضعية وطغت المصالح الخاصة سواء مصالح افراد أو نخب أو كتل أو تيارات أو عائلات على مصالح الدولة كمؤسسات واذا ما اخترقت المؤسسة التشريعية عبر ناطقها الرسمي وأصحاب الرايات البيضاء من نواب الخردة فإننا سوف نكون في ذيل قائمة الصومال وافغانستان وميانمر والسودان والعراق بل من الممكن ان نستعين بخبراء سياسيين واقتصاديين من الصومال وافغانستان لرفع مؤشر الإصلاح في الكويت.
عاشت الكويت ورحم الله المصلحين واسكنهم فسيح جناته.
 

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك