عبداللطيف الدعيج يرى أننا مجبرون على اختيار «التقضب بمجنوننا» أو نظامنا الحالي، لان الواضح ان الآتي أجنّ منه.
زاوية الكتابكتب إبريل 28, 2010, 10:24 ص 1229 مشاهدات 0
أمرٌ محير
كتب عبداللطيف الدعيج :
في اجابته عن أسباب ما اسمته الصحيفة الالمانية بفشل النظام البرلماني، أشار حضرة صاحب السمو أمير البلاد الى ان ذلك يرجع الى خصوصية النظام الدستوري الكويتي الذي جمع بين خصائص النظام الرئاسي والنظام البرلماني. التوسط بين النظامين أعطى من وجهة نظر صاحب السمو للسلطتين، التشريعية والتنفيذية، حق وقدرة الشد والجذب، والتوازن الممنوح لكليهما أدى الى توازن القوى، لهذا نحن في حالة جمود أو وسط مستمر بين رغبات السلطة التنفيذية وقدرة السلطة التشريعية.
وليس أدل على صحة ما طرحه صاحب السمو من الوضع المأساوي الذي نحن فيه. فبالفعل، لا الحكومة قادرة على تمرير قوانينها، ولا المجلس قادر على زحزحة الحكومة او التحكم في مسارات وزرائها.
والواقع ان التوازن غريب وعجيب، اذ عندما تريد الحكومة تمرير أمر أو قانون، مثل الخصخصة على سبيل المثال، فانها لا تملك الأغلبية لتمريره، ولا المجلس يملك الكافي من الأصوات لعرقلته. في الجانب الاخر، فانه عندما يريد النواب محاسبة رئيس الحكومة أو حتى طرح الثقة في وزير، فانهم لا يملكون الاصوات الكافية لذلك. هذا يعني اننا في «محلك سر» وقد وُفّ.ق صاحب السمو في تشخيص ذاك وتحديده.
السؤال هنا ليس كيف بالامكان الخروج من هذا العنق الضيق للزجاجة الذي حشرنا به . فذلك، كما هو بديهي ومعروف، يتم بالانحياز الى أحد النظامين من أجل الإخلال بالتوازن القاتل أو الجامد، ولكن السؤال الى اي نظام يجب ان ننحاز؟!.
ديموقراطيا، وتقدميا وحتى بديهيا يجب ان ننحاز الى النظام البرلماني ونغلّبه على النظام الرئاسي. وهذا بالمناسبة ما لمحت اليه المذكرة التفسيرية للدستور، وما تقتضيه طبيعة التطور وضرورات التقدم، لكن هذا ديموقراطيا وبديهيا. في حين ان التمعن والتفكر والتدبر في وضعنا الحالي يشير الى ان العلة هي في «طبيعة» البرلمان وفي الرقابة التي تكاد بحكم الظروف تكون «مفرطة» له، والتي، مع الأسف، لا تتناسب ونوعية أعضائه وماهيتهم.
لهذا، فان المطلوب تحجيم القدرات والصلاحيات البرلمانية، لكن في المقابل ايضا، فان التحجيم الذي خبرناه في مرحلة التزوير أو حل مجلس الأمة أدى الى تدهور أوسع وأوضح للبلد، لذلك فنحن في النهاية مجبرون على اختيار «التقضب بمجنوننا» أو نظامنا الحالي، لان الواضح ان الآتي أجنّ منه.
تعليقات