قرارات حاسمة .. وإلا فارحلى

زاوية الكتاب

كتب 1161 مشاهدات 0


 

سألنى متشائم : أنت مع الخصخصة أم ضدها ؟ ! فأجبته من فورى : أنا مع الخصخصة . وأعترف أننى كنت متسرعـاً بعض الشئ فى إجابتى ، فأنا - وبحكم نشأتى - أوقن أن القطاع الخاص لا بد وأن يشارك فى عجلة تنمية البلاد بأى شكل من الأشكال ، بل أن يقينى وصل إلى حد الأقتناع  أن الحكومات المتعاقبة على ديرتنا قد قصرت فى إعطاء القطاع الخاص دوره الذى لا غنى عنه فى دفع عجلة الأقتصاد القومى إلى الأمام ، وأن تلك الجرعـات الزائفـة والأدوار الباهتـة التى كانت الحكومات المتعاقبـة تمنحها - وعلى إستحياء -  للقطاع الخاص لم تكن كافية ولا شافية ليضطلع بالدور المنوط به ، لذا جاءت أجابتى متسرعة ومتلهفة لإبراز دور القطاع الخاص .

وإذا كنت - مثل غيرى كثيرين - هللنا لخصخصة القطاع العام ، وأستبشرنا بالأقرار المبدئى لقانونه فى مجلس الأمة ، إلا أننى لا ُأخفى تخوفى الذى يصل إلى حد الفزع أحياناً من أن يصل بنا الحال إلى مثل ما وصلت إليه بعض الدول المجاورة حين ضرب الفساد فى كل شئ فيها وظهرت ' جماعة سماسرة الخصخصة ' ، فباعوا فيها كل شئ حتى تاريخها باعوه . وهو ما أخشاه على ديرتنا ، فما أخشاه حقاً ظهور هذه الجماعة التى تتربح الأموال الطائلة من وراء عمولات بيع القطاع الحكومى ، والتى هى منزوعة الرحمة لا يهمها سوى تحقيق الربح السريع حتى وإن دهست فى طريق جشعها أُناس لا مورد رزق لهم سوى القطاع الحكومى .

نعم أخطأت حين تسرعت وأجبت بأنى مع الخصخصة وغرتنى زخارف نصوص قانون الخصخصة التى نصت على أن يبقى العامل دون مساس بأجره مدة لا تقل خمس سنوات على رأس عمله رغم خصخصتة ، لكنى لم أتنبه أنهم دسوا فى هذا العسل سماً ، إذ ما أسهل مضايقة هذا العامل لُيجبر على تقديم أستقالته ويأتوا بغيره ، بل ما أسهل إغراء هذا العامل بحفنة دنانير لكى يتقدم وطواعية منه بأستقالته ، ثم يصرف دنانيره وتظهر طائفة العاطلين عن العمل بتوحش .

يا لترزية القوانين ، فى كل زمان وفى كل مكان هم موجودون ، جاهزون ورهن الأشارة ! !

نعم أخطأت ، وأعترف ، فأعترافى بالخطأ لن يضير أحداً ، لكن ما يضير أن أخط بقلمى عكس قناعتى ، ما يضير أن أردد فى الدواوين عبارة : ' لا تقلقوا فالقطاعات الحيوية فى البلاد مثل النفط والغاز بمنأى عن الخصخصة ' ، أن أردد ذلك وأنا أعلم أن الخصخصة مثل السرطان سريع الأنتشار ، ُمهلك لا محالة ، إلا من رحم ربى .

أعترف أنى تسرعت فى أجابتى فقد طغت عليا نشأتى ، لكن شتان بين أن يساهم  القطاع الخاص فى التنمية إلى جوار القطاع الحكومى ، وأن يلتهم القطاع الخاص القطاع العام فلا ُيبقى منه شئً ! !

أقولها وبملء فاه لهذه الحكومة : إذا كنت عاجزة عن أن تديرى شؤوننا ، وتستسهلن الخصخة ، فلتتركيها لغيرك ، لكن لا تتركى الغربان تنهش لحمنا ، لا تعرضينا فى سوق النخاسة بأبخس الأسعار هكذا ، أن كنت غافلة يا حكومتنا فلتعلمى أن ديرتنا محط أطماع الجميع ، وأن الخصخصه أفضل وسيلة لكى ينفذ الأعداء إلى ديرتنا برغبتنا .

أزيحوا هذا الكابوس المسمى بقانون الخصخصة عن ديرتنا ، شجعوا القطاع الخاص ولكن لا ُتحكموه فى قوت أولادنا ، تدخلى يا حكومة وشجعى القطاع الخاص وأجعليه شريك فى التنمية ، وطورى أنت القطاع الحكومى فأنت بذلك سوف تحققين الفوائد التالية :

1- سوف تجنين من أجلنا من ورائه الربح .
2- توظفين فيه شباب الديرة .
3- توفرين به خدمة أفضل للمواطن .
 
ولكن تشجعى وأتخذى القرار ، فأنت لا ينقصك كفاءات ، ولكن ينقصك الحسم فى أتخاذ القرار . 


وتبقى كلمة ..

نعم أنا مع خصخصة القطاع الخاص ، بإطلاق يده تبنى وتعمر وتدفع عجلة التنمية جنباً إلى جنب مع القطاع الحكومى ، ولست مع خصخصة القطاع الحكومى وبيع أهم المرافق الأستراتيجية فى بلدى .

يا أرحم الراحمين أرحمنا ...


المحامى                                                                                                                                                                                                        دعيج الجري

كتب: المحامي دعيج الجري

تعليقات

اكتب تعليقك