د.محمد الرميحي يثني على دعوة سمو ولي العهد إلى رص الصفوف والتعاضد الحيوي بين أبناء الوطن
زاوية الكتابكتب إبريل 23, 2010, 11:34 ص 1426 مشاهدات 0
د. محمد الرميحي | في هذا الأوان | المز
دعوة سمو ولي العهد.. واستجابتنا
كلمة سمو ولي العهد، التي تناولت بعضَ أطرافها وسائلُ الإعلام أمس، كان الخارجُ ومخاطرُه ووسائلُ مواجهتها، والداخلُ ورصُّ صفوفه، هاجسَها. فالخارج المحيط يضطرب من حولنا كالقِدْر على النار الحامية، وغبار المعارك السابقة -التي تتكون غيومها من جديد- لا يخفى على عاقل فطنٍ يعيش في هذه المنطقة، وأداتنا لتفادي كل ذلك -كما قال سمو وليّ العهد في كلمته- الوحدة الوطنية، فهي المنجاة، والفرقة بيننا هي المهلكة.
الوحدة الوطنية هي تلك الوشائج التاريخية بين الكويتيين -بأطيافهم- وأسرة الحكم، فذلك هو السد المنيع أمام التغيرات المرتقبة والعواصف المحتملة، التي يمكن أن نتجنبها بوعينا حقيقةَ المحافظة على الوحدة الوطنية، وتبنّي مسار التسامح والفهم الأعمق لما يجب أن يكون.
الناس تختلف، وهذا من طبيعة الأمور، إلا أن الشعوب الحيّة تختلف من خلال آلية متعارف عليها، وتحت سقف وطني واحد. ومعظم -بل كلّ- الكويتيين يرغبون في التعاطي بينهم بالحسنى، وطيب المعشر، والقول الحسن، والدعوة إلى الإنصات لوجهات النظر المختلفة دون الدفع بالخلاف إلى حافة الهاوية، ودون القمع إلى حافة الإقصاء.
المواطَنة ليست كلمة ولا شعاراً، المواطَنة حسّ غامر بالانتماء، وتفهُّم واسع لمصالح الآخرين، والسعي لإشباعها، كما أنها وعي طبيعي بالمخاطر التي تحيط بالوطن.
إننا في منطقة متقلّبة سياسياً، وتختلف التحالفات فيها باختلاف المصالح المتغيرة، وبسرعة. والسُّور الذي يعصم الجميع من كل تلك المخاطر هو سور الوطن الجامع لكل الأطياف. أما حصر النقاش الوطني في أمور جانبية، دون النظر إلى المحيط الإقليمي، وعلاقة الداخل بالخارج، فهو بعدٌ عن النظر إلى المخاطر المُحدِقة بعين ثاقبة. كما أن الالتفات فقط إلى أمور السياسة، دون نقاش للحلول الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة على المديين المتوسط والبعيد، يأخذنا إلى مكان آخر قد تغيب معه أولويات وطنية يحتاج إليها هذا الجيل، وهي مطلوبة للتفكير في مستقبل الجيل القادم.
كلمة سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد هي بقعة ضوء جديدة تنثرها القيادة السياسية على أبناء الوطن كافة، لتنقلها العقول إلى مجال الفعل والممارسة. لكنّ القلق أن تستمرّ الممارسة في التعصب ونبذ الآخر في الوطن الواحد، ليصبح ذلك قاعدة من الصعب اقتلاعها، إلا أنّ الخيّرين في بلدنا يعرفون من تجربة حياتية طويلة أنّ تربية النفس على التسامح وقبول الآخر، والتعاضد والتسامي فوق المصالح والمطالب الضيّقة، والدعوة بالحسنى، هو ما يبقى في النهاية، وهو ما يثمنه المجتمع ويبني الأوطان.
إن الشجاعة في استخدام العقل وتحكيمه بعيداً عن الإفراط والتفريط هي الطريق الأسلم لبناء مجتمع حرٍّ متكافل، يفسح المجال لجيل قادم تحيط به تحديات تختلف عمّا نعرف اليوم.
لقد كانت دعوة سمو وليّ العهد إلى رصّ الصفوف والتعاضد الحيوي موجهة إلى جميع المواطنين، لا إلى طرف دون آخر، وهي دعوة حميدة، اتّسمت ببعد النظر ووضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، وهي في النتيجة رغبة متّسقة مع ما دعا إليه سمو الأمير في مرات عديدة سابقة، أن رصوا صفوفكم، فبها يُحفَظ الوطن.
تعليقات