د.عبدالرحمن العوضي يطرح فكرة تخصيص مجلس الأمة، ويراه طريقا للخلاص من الورطة التي تعيشها الكويت هذه الأيام

زاوية الكتاب

كتب 1559 مشاهدات 0




   لماذا لا يخصخص مجلس الأمة؟!
 
الأربعاء 21 أبريل 2010 - الأنباء
 

كنت أستمع الى تسجيل جلسة مجلس الأمة التي ناقشت قانون الخصخصة، وكنت كالعادة أتابع بعض جلسات مجلس الأمة التي تتضمن مواضيع مهمة تستحق المتابعة، ولكن ما وصل اليه الحوار في المجلس أصبح أمرا مشينا لا يستطيع المرء أن يتحمله بسبب الألفاظ التي تخرج من بعض أعضاء مجلس الأمة، ولذلك اكتفيت بأن أتفرج على التسجيل الذي يبث من تلفزيون وإذاعة الكويت، وأنا جالس في المنزل محاولا عدم الانزعاج، وكبت مشاعر الغضب مما وصلنا اليه من حوار متدن.
وقد استمعت الى تعليقات الاخوة عن قانون الخصخصة وانتقاداتهم الكثيرة للأداء الحكومي بأنه أداء ضعيف، وبأن هناك هدرا للأموال وتجاوزا على القانون وواسطات للتعيين دون النظر للكفاءة، وانتشار الرشوة بين العاملين وغير ذلك من الاتهامات التي كانوا يقذفون بها الأداء الحكومي، وعليه يرغبون في تخصيص المرافق الحكومية على الرغم من ان البعض قد رفض ذلك بل واحتج بالخروج أثناء التصويت لأنهم كانوا يرغبون أن تكون هناك قوانين مستقلة للتربية والصحة والنفط بجانب قوانين تحمي المواطنين الكويتيين، وقوانين تؤكد على عدم الاحتكار.

هذه الانتقادات التي وجهوها للحكومة مصدرها الأساسي مجلس الأمة، فالأداء الضعيف للجهاز الحكومي سببه في الغالب العراقيل التي يضعها اعضاء مجلس الأمة عن طريق التهديد بالاستجوابات وغير ذلك.

اما الرشوة والفساد والواسطة وعدم الاهتمام بالكفاءات، وحتى التدخل في التعليم الجامعي والضغط على أساتذة الجامعة لتعديل النتائج والتعيينات في المناصب الأكاديمية الرئيسية في الجامعة والمعاهد التطبيقية، فأساسها تدخل بعض أعضاء مجلس الأمة لمصالح ناخبيهم او ابناء طوائفهم وقبائلهم.

هذه الأوصاف لبعض أعضاء مجلس الأمة تجعل الإنسان يفكر لماذا يستثنى هذا المجلس الذي تصرف عليه الملايين دون اي انتاج او محاسبة؟ هل هناك حاجة الى قانون يحاسب اعضاء المجلس كما يحاسب اعضاء مجلس ادارة الشركات التي تنشأ لإدارة مرافق الدولة بعد الخصخصة وتخضعهم للمحاسبة السنوية من قبل الناخبين كأعضاء في الجمعية العامة في الشركات، كما تحاسب الجمعية العامة مجالس ادارة الشركات؟ ولعلنا نكون الوحيدين والسباقين في العالم الذين يجرؤون على تخصيص المجالس النيابية، ويكون لكل منطقة مجلس خاص يدار من قبل أهل المنطقة، ويكون هؤلاء الأعضاء بمنزلة مجالس ادارة لهذه المنطقة.

نعم لا تتعجبوا من هذا الكلام، فأنا لا أرى اي اصلاح لأداء المجلس الا عن طريق التخصيص لأن دستورنا الحالي أعطى السلطة التشريعية سلطات لا حدود لها، وخاصة اذا كانت هناك سلطة تنفيذية ضعيفة لا تستطيع ان تقف لهذه المجموعة المسيطرة على شؤون البلد وغياب حكومي تام في تسيير أمور البلد، وأما أعضاء السلطة التنفيذية فلا يتعدون كونهم موظفين يسيّرهم هذا التسلط والتعدي على سلطاتهم من قبل اعضاء مجلس الأمة، وهذا اختراق صريح لاختصاصات صاحب السمو الأمير الذي يتولى سلطاته التنفيذية من خلال وزرائه، وعليه فتدخل أعضاء مجلس الأمة في هذه السلطة أمر مشين ومخالف للدستور.

قد يجعل قانون التخصيص وإعطاء الشعب حق محاسبة اعضاء مجلس الأمة سنويا في نظام كنظام الجمعية العامة أوضاعنا أفضل ولا تكون «الطاسة ضايعة» فلا نعرف المشرعين من المنفذين، والكل يدعي أنه مسؤول، وغياب المسؤولية قد ضيع علينا معرفة معالم طريق المستقبل، وأنا لا أعتقد ان خطة التنمية الطموحة التي وضعها الشيخ أحمد الفهد ستكون قادرة على ضبط الأمور، وخوفي ان تصبح الخصخصة الواردة في هذه الخطة عبارة عن تحويل الخدمات العامة الى أياد تنشد الربح كأي قطاع خاص، ولا تهتم بتحمل المسؤولية الاجتماعية كما هو وارد في الدستور.

مثل هذه الملاحظات تعطينا مبررات كافية للتفكير في اتباع أسلوب جديد لاختيار ومحاسبة اعضاء مجلس الأمة، وقد يكون التخصيص هو طريق الخلاص من الورطة التي تعيشها الكويت هذه الأيام.

فعلا الكويت بلد العجائب، وفعلا نحن نعيش عالما خاصا بنا في الكويت، حتى البرلمان الكويتي يختلف عن باقي البرلمانات، وكان الله في عون الكويت.
 

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك