الكويت تحتوي على أكثر من 50 مسرحا !

زاوية الكتاب

باقر دشتي: الأسر الكويتية تمنع أبناءها من الاشتراك في الأنشطة المسرحية والأدبية والموسيقية والتشكيلية في المدارس؟

كتب 2204 مشاهدات 0

هؤلاء هم من يعطون لتطوير البنى الثقافية معنى


بعد قرار مجلس الوزراء إنشاء مراكز ثقافية في المحافظات 
في مسألة الحجر.. والبشر.. والأوبرا! 

باقر دشتي


في الأسبوع المنصرم شعرت بحزن شديد على فقدان شقيقتي الكبرى، إلا إنني في الوقت نفسه شعرت بنشوة وتنفست مناخا لم أعهده منذ 30 عاما وأكثر، ولم استطع مقاومة حضور الفعاليات الثقافية، فقد كان الجدول مزدحما بين العزاء، وحضور الندوات، والعزف الموسيقي، ومعارض التصوير، والفن التشكيلي، وجذبني كثيرا الاحتفال بيوم المسرح العالمي، سواء باعادة الاعتبار للفنانين الكبار، وتشجيع الفنانين الشباب، أو بالعرض المسرحي المميز، كتابة وإخراجا وأداء وديكورا. ولكن ما ترسخ في ذهني هو كلمة الأمين العام التي رش فيها الملح لينكأ كل جراح الحركة الثقافية وخاصة المسرح، عندما أشار إلى «أن الحكومة تقاعست عن دعم التنوير والثقافة وكان آخر إنجاز لها بناء مسرح الدسمة في عام 76، وبعدها انقلبت الموازين ودخل علينا فكر لم نعهده في تاريخ الكويت منذ تأسيسها، فكر يريد أن يغير كويت الانفتاح على كل الثقافات إلى الانغلاق والغلو، وينتهج سياسة قبر كل نشاط فكري وابداعي وثقافي».

وفي نهاية كلمته أشار الرفاعي إلى أن الحكومة وضعت الثقافة ضمن خطة التنمية من خلال تخصيص 8 ملايين دينار لبناء مسرح ومركز ثقافي، فأثارت كلماته الجدل في عقلي. فلم أستطع إلا أن أحمل نفسي وأتوجه إلى المكان الذي أحن إليه دائما ويفجر فكري وقريحتي، فلم أجد نفسي إلا وأنا قرب المدرسة الشرقية (فريجنا) سابقا حيث كنت أذهب كل مساء منذ وفاة شقيقتي لأستذكر أيام الطفولة معها، ولكن في تلك الليلة لم أتذكر شيئا، فكلمات الرفاعي أخذت تطن في أذني وتعبث بعقلي. وفي اليوم التالي جاء قرار مجلس الوزراء بإنشاء مراكز ثقافية في جميع المحافظات وإنشاء دار أوبرا وهذا ما ناديت به في 25122009 عبر مقال نشر في جريدة الالكترونية «دشتي ينادي بخطة إبداعية} ناشدت فيه بإنشاء هذه المراكز، أما الأوبرا فهذه لم تدر بخلدي.


أنظر المقال في الرابط أدناه:

http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=44314&cid=71


المهم ليس صاحب الفكرة ولكن الأهم من سيطبقها ويحيي أنشطتها وهذه أضع أمامها 100 علامة تعجب.
مواجهة الحقائق

في المساء نفسه ذهبت الى المكان نفسه الذي راقني كثيرا وأتمنى تأميمه، والممتد من المرسم الحر، الى مكتبة البابطين، ومنها الى المقبرة، حتى ديوان الروضان، إلى المجلس الوطني للثقافة، مع احتفاظي كصاحب فكرة وترعرعت في المنطقة بمتر في متر. المهم في تلك الليلة رحت أقلب كلمات الرفاعي وقرار مجلس الوزراء في رأسي المشوش، وأخذ ذلك ردحا من الوقت، وتوقف تفكيري، وبعد برهة جلست القرفصاء لأستجمع أفكاري فتوصلت الى قناعة؛ إما أنني أعيش أحلام المدينة الفاضلة، وإما أن مسؤولينا في مجلسي الوزراء والوطني ليس لديهم المعلومات الكافية والإدراك الاجتماعي والتربوي والاعلامي لكيفية نشر الثقافة في البلد. فكان لابد من وضع بعض الحقائق أمام المجلسين الموقرين:

1ـ هل يعلم سمو رئيس مجلس الوزارء أن هناك أكثر من 50 مسرحا في الكويت، ولا يستخدم منها سوى خمسة أو سبعة، وفي أفضل الأحيان لمدة شهرين من كل عام والأخرى تحولت إلى ملاعب ومطاعم فلا هي هذه أو تلك؟

2ـ هل يعلم سمو الرئيس أن أكثر من 300 غرفة موسيقى ورسم ومكتبة ومختبر وورشة صناعية وصالة رياضية مغلقة أبوابها ليل نهار وحول مدرسوها الى دروس الاحتياط وغيرها من الامور خارج تخصصهم؟

3ـ هل يعلم سمو الرئيس أن النشاط المسرحي والموسيقي والتشكيلي والرياضي وأي نشاط عقلي وإبداعي ألغي من مفاهيم وزارة التربية منذ ثلاثين عاما؟

4ـ هل يعلم سمو الرئيس أنه ليست هناك رؤية إعلامية لنشر الثقافة والفن والأدب بين أفراد المجتمع؟

5ـ هل يعلم سمو الرئيس أن أكثر الأسر تحرّم على بناتها وأبنائها المشاركة في أي نشاط مسرحي أو موسيقي أو تشكيلي أو رياضي، ولو يجرى بحث على من هم في سن المراهقة سنكتشف أن أغلبهم ليس لديه هواية؟

6ـ أما السيد الأمين العام الذي نشكره على مجهوده الجبار هو وجميع العاملين في المجلس على سعيهم الحثيث لابقاء شمعة الثقافة متقدة بالرغم من كل الروتين والعراقيل والقيود، ولكننا نسأل ياسيدي أين مجلسكم من الإشراف الفني على الإسفاف المسرحي والأدبي والموسيقي والتشكيلي، وأين أنتم من تبني المبدعين من خلال ورش العمل، وليس المهرجانات والمعارض، وما نقصده بورش العمل هو التدريب والاحتكاك بالخبرات سواء خبرات أولئك الذين تشرفون عليهم أو العاملين لديكم وإرسالهم في بعثات، أو استقطاب المبدعين من الخارج؟
تساؤلات

بعد أن وضعت هذه الحقائق بين أيديكم، ومن حق المجلسين التحقق عن مصداقيتها، دعوني أطرح هذه التساؤلات:

1ـ في الوقت الذي سوف تبنى فيها هذه المرافق ما هي آلية المجلسين لتهذيب المجتمع وتأهيله لاستساغة الأوبرا والعروض المسرحية العالمية والقراءة والاهتمام بالفن التشكيلي والموسيقى وكل الانشطة الابداعية؟

2ـ ما هي المعايير الأخلاقية والدينية والعاداتية والتقاليدية والسياسية التي سيتم بمقتضاها دعوة الفرق لإقامة عروضها في دار الأوبرا؟

3ـ ما هو دور الأسرة والمدرسة في تبني إبداعات أبنائهم ،وكيف تستطيع الدولة تشجيع ذلك؟

4ـ ماهي الخطة الإعلامية للدولة لغرس المفاهيم الثقافية بين أفراد المجتمع، وما هو دور الإعلام الخاص في تبني هذه المشاريع الفكرية؟

عودة إلى الريادة

هذه بعض التساؤلات التي أطرحها للنقاش العام ولست بصدد مناقشة سبب أو تكلفة إقامة مبان، بل نحن أمام منعطف تاريخي يعيد للكويت جوهرها وسر تميزها وريادتها.

وليفهم الجميع أنني لست هنا لأنتقد المجلسين بل إني أضع يدي مع أيديهم، وأبارك خطواتهم ولكن لا بد أولا أن نبني الأرضية الصحية من خلال تثقيف الشعب بكيفية استغلال هذه المرافق التي سوف تصرف عليها الملايين دون ارتقاء المجتمع بفكره ووجدانه، وكما قال جبران «يا أمة فيلسوفها مشعوذ وفنها فن الترقيع والتقليد» وأنا اضيف والبهرجة والخلو من المضمون. تعالوا لنستغل ما لدينا الآن من مبان ونهيئ الجميع لكيفية الاستساغة والتمتع بما هو قادم، وإلا أصبحنا كما قال المرحوم المنيس «نحن أمة تهتم بالحجر وتنسى البشر»!

مقال يفرض نفسه - القبس

تعليقات

اكتب تعليقك